وجدت هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول تفسير حروف أبجد هوز حطي ، فهل هو صحيح أم مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ؟
نص الحديث:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( تعلموا تفسير أبجد فإن فيه الأعاجيب كلها ، ويل لعالم جهل تفسيره )
فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما تفسير أبجد ؟
قال : ( أما الألف فآلاء الله ، حرف من أسمائه .
وأما الباء فبهجة الله .
وأما الجيم فجنة الله ، وجمال الله ، وجلال الله .
وأما الدال فدين الله ، وأما هوز فالهاء هاء الهاوية : فويل لمن هوى في النار .
وأما الواو فويل لاهل النار .
وأما الزاي فزاوية في جهنم نعوذ بالله مما في الزاوية ـ يعني زوايا جهنم ـ .
وأما حطي فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر ، وما نزل به جبرئيل عليه السلام مع الملائكة إلى مطلع الفجر .
وأما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب ، وهي شجرة غرسها الله عزوجل بيده ، ونفخ فيها من روحه ، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة ، تنبت بالحلي والحلل والثمار ، متدلية على أفواههم .
وأما الياء فيد الله فوق خلقه ، سبحانه وتعالى عما يشركون .
وأما كلمن فالكاف كلام الله لا تبديل لكلمات الله ، ولن تجد من دونه ملتحدا .
وأما اللام فإلمام أهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام ، وتلاوم أهل النار فيما بينهم .
وأما الميم فملك الله الذي لا يزول ، ودوام الله الذي لا يفنى .
وأما النون فنون والقلم وما يسطرون ، فالقلم قلم من نور ، وكتاب من نور ، في لوح محفوظ ، يشهده المقربون ، وكفى بالله شهيدا .
أما سعفص فالصاد صاع بصاع ، يعني الجزاء بالجزاء ، كما تدين تدان ، إن الله لا يريد ظلما للعباد .
وأما قرشت يعني قرشهم فحشرهم ، ونشرهم إلى يوم القيامة ، فقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ) .
حديث : ( تعلموا تفسير ابجد ) باطل مكذوب .
السؤال: 301140
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الجواب :
الحديث المذكور أخرجه ابن عساكر في “تاريخ دمشق” (47 /375) عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد إذ كلمهم طفلاً ، حتى إذا بلغ ما يبلغ الغلمان ، ثم أنطقه الله بعد ذلك بالحكمة والبيان ، قال: فأكثر اليهود فيه وفي أمه من قول الزور ، فكان عيسى يشرب اللبن من أمه ، فلما فطم أكل الطعام وشرب الشراب حتى بلغ سبع سنين ، فكانت اليهود تسميه ابن البغية ، فذلك قول الله تعالى : ( وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً ) .
فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه للكتاب عند رجلٍ من الكتبيين يعلمه كما يعلم الغلمان ، فلا يعلمه شيئاً إلا بدره عيسى إلى علمه قبل أن يعلمه إياه ، فعلمه أبا جاد ، فقال عيسى : ما أبجد ؟ قال المعلم : لا أدري ، فقال عيسى : فكيف تعلمني ما لا تدري ؟ فقال المعلم : إذاً فعلمني ، فقال له عيسى : فقم من مجلسك فقام فجلس عيسى مجلسه ، فقال : سلني. فقال المعلم : فماذا أبجد ؟ فقال عيسى : الألف آلاء الله ، باء بهاء الله ، جيم بهجة الله وجماله – زاد في غيره : دال الله الدائم – فعجب المعلم من ذلك ، فكان أول من فسر أبجد عيسى بن مريم.
قال : وسأل عثمان بن عفان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : يا رسول الله ، ما تفسير ابجد ؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تعلموا تفسير ابجد ، فإن فيه الأعاجيب كلها ، ويل لعالمٍ جهل تفسيره ! فقيل: يا رسول الله وما أبجد ؟ فقال : أما الألف آلاء الله ، حرفٌ من أسماءه ؛ وأما الباء فبهجة الله وجلال الله ؛ وأما الجيم فمجد الله ، وأما الدال فدين الله ؛ وأما هوز ، فالهاء الهاوية ، فويل لمن هوى فيها ، وأما الواو فويل لأهل النار ، وأما الزاي فالزاوية ، فنعوذ بالله مما في الزاوية ، يعني زوايا جهنم ؛ وأما حطي ، فالحاء حطوط خطايا المستغفرين في ليلة القدر ، وما نزل به جبريل مع الملائكة إلى مطلع الفجر ، وأما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب ، وهي شجرة غرسها الله بيده ، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة ، نبتت بالحي والحلل ، والثمار متدلية على أفواههم ، فطوبى لهم وحسن مآب ، وأما الياء فيد الله فوق خلقه سبحانه وتعالى عما يشركون ؛ وأما كلمن ، فالكاف كلام الله ، لاتبديل لكلماته ( ولن تجد من دونه ملتحدا ) وأما اللام فإلمام أهل الجنة بينهم بالزيارة ، والتحية والسلام ، وتلاوم أهل النار بينهم ، وأما الميم فملك الله الذي لا يزول ، ودوام الله الذي لا يفنى ، وأما نون فنون ( والقلم وما يسطرون ) فالقلم قلمٌ من نور وكتابٌ من نور ، في لوحٍ محفوظ يشهده المقربون ، وكفى بالله شهيدا ؛ يعني الجزاء بالجزاء وكما تدين تدان ، والله لا يريد ظلماً للعباد ؛ وأما قريشات ، يعني قرشهم يجمعهم يوم القيامة يقضي بينهم وهم لا يظلمون…) انتهى.
وهذا الحديث باطل مكذوب ؛ لا يحتج به ، ولا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز نشره إلا من جهة بيان كذبه وبطلانه .
وقد روي من طرق كلها واهية ، في أسانيدها رواة كذابون ، ومجاهيل ، ومتروكون .
فقد روي من طريق إسحاق بن بشر، أنبأنا جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه…
وإسحاق بن بشر : كذاب .
قال الذهبي : ” إسحاق بن بشر ، أبو حذيفة البخاري صاحب كتاب المبتدأ ؛ تركوه ، وكذبه علي بن المديني.
وقال ابن حبان : لا يحل حديثه إلا على جهة التعجب.
وقال الدارقطني : كذاب متروك.
انتهى من “ميزان الاعتدال” (1/ 184).
وقال ابن عدي : “هذا الحديث باطل بهذا الاسناد” انتهى من “تاريخ دمشق” (47 /375).
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية لهذا الحديث طرقا أخرى وبين أنها كلها واهية لا يحتج بها .
فذكر أنه روي من طريق عبد الرحيم بن واقد، قال حدثني الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما …
وعبد الرحيم بن واقد يروي عن الضعفاء والمجاهيل.
قال الخطيب : ” في حديثه مناكير لأنها عن ضعفاء ومجاهيل “.
والفرات بن السائب : مجهول .
وينظر : “ميزان الاعتدال” (2/607).
وروي من طريق إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي مليكة عمن حدثه عن ابن مسعود ، ومسعر بن كدام عن أبي سعيد رضي الله عنه…..
وإسماعيل بن يحيى هذا يقال له : التيمي ؛ كوفي ، معروف بالكذب .
ورواية إسماعيل بن عياش في غير الشاميين لا يحتج بها ؛ فهو ضعيف فيما ينقله من أهل الحجاز وأهل العراق ، بخلاف ما ينقله عن شيوخه الشاميين ؛ فإنه حافظ لحديث أهل بلده ، كثير الغلط في حديث أولئك . وعبد الرحمن بن واقد لا يحتج به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” ما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير اب ت ث ، وتفسير أبجد هوز حطي ، ويروونه عن المسيح أنه قاله لمعلمه في الكتاب ، هذا كله من الأحاديث الواهية بل المكذوبة. ولا يجوز باتفاق أهل العلم بالنقل أن يحتج بشيء من هذه ، وإن كان قد ذكرها طائفة من المصنفين في هذا الباب ، كالشريف المزيدي والشيخ أبي الفرج وابنه عبد الوهاب وغيرهم. وقد يذكر ذلك طائفة من المفسرين والمؤرخين ، فهذا كله عند أهل العلم بهذا الباب باطل لا يعتمد عليه في شيء من الدين “.
انتهى من “مجموع الفتاوى” (12/ 58).
ثم ذكر شيخ الإسلام أن ابن جرير الطبري رحمه الله قال : ” ولو كانت الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك صحاح الأسانيد ، لم يعدل عن القول بها إلى غيرها ، ولكنها واهية الأسانيد غير جائز الاحتجاج بمثلها “.
انتهى من “مجموع الفتاوى” (12/ 61).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب