0 / 0

هل تصح قصة المرأة العلوية المذكورة في كتاب الكبائر للذهبي ؟

السؤال: 301655

ما صحة قصة المرأة العلوية التي كان لها بنات يتيمات والتي ذكرت في كتاب “الكبائر” للذهبي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا : ننبه على أن كتاب الكبائر للإمام الذهبي توجد له طبعتان :

الأولى : وهي الأكثر تداولا ، والمليئة بالأحاديث الضعيفة ، والقصص الواهية ، وقد ذكرت هذه القصة فيه ، وهذه الطبعة مشكوك في نسبتها للإمام الذهبي رحمه الله، وقد جزم عدد من الباحثين المعاصرين ببطلان هذه النسبة ، وأن النسخة الصغرى، التي طبعت مؤخرا: هي حقيقة كتاب الكبائر، للذهبي.

الثانية : وهي الطبعة الصحيحة التي قام بتحقيقها محي الدين مستو ، وقام بتحقيقها أيضا مشهور حسن سلمان ، وهذه الطبعة خالية من الأحاديث الضعيفة ، والقصص والحكايات الواهية ، ولذا لم توجد فيها هذه القصة الواردة في السؤال .

ثانيا :

القصة المنسوبة لكتاب “الكبائر” جاءت فيه في الطبعة الشائعة المشكوك فيها ( ص65) ، قال :” وَمِمَّا جَاءَ فِي فضل الْإِحْسَان إِلَى الأرملة واليتيم عَن بعض العلويين : وَكَانَ نازلاً ببلخ من بِلَاد الْعَجم ، وَله زَوْجَة علوِيَّة ، وَله مِنْهَا بَنَات ، وَكَانُوا فِي سَعَة ونعمة ، فَمَاتَ الزَّوْج وَأصَاب الْمَرْأَة وبناتها بعده الْفقر والقلة ، فَخرجت ببناتها إِلَى بَلْدَة أُخْرَى خوف شماتة الْأَعْدَاء ، وَاتفقَ خُرُوجهَا فِي شدَّة الْبرد ، فَلَمَّا دخلت ذَلِك الْبَلَد أدخلت بناتها فِي بعض الْمَسَاجِد المهجورة وَمَضَت تحتال لَهُم فِي الْقُوت ، فمرت بجمعين : جمع على رجل مُسلم ، وَهُوَ شيخ الْبَلَد ، وَجمع على رجل مَجُوسِيّ ، وَهُوَ ضَامِن الْبَلَد ، فَبَدَأت بِالْمُسلمِ وشرحت حَالهَا لَهُ ، وَقَالَت : أَنا امْرَأَة علوِيَّة ، وَمَعِي بَنَات أَيْتَام أدخلتهم بعض الْمَسَاجِد المهجورة ، وَأُرِيد اللَّيْلَة قوتهم . فَقَالَ لَهَا : أقيمي عِنْدِي الْبَيِّنَة أَنَّك علوِيَّة شريفة . فَقَالَت : أَنا امْرَأَة غَرِيبَة مَا فِي الْبَلَد من يعرفنِي . فَأَعْرض عَنْهَا ، فمضت من عِنْده منكسرة الْقلب ، فَجَاءَت إِلَى ذَلِك الرجل الْمَجُوسِيّ ، فشرحت لَهُ حَالهَا ، وأخبرته أَن مَعهَا بَنَات أَيْتَام ، وَهِي امْرَأَة شريفة غَرِيبَة ، وقصت عَلَيْهِ مَا جرى لَهَا مَعَ الشَّيْخ الْمُسلم ، فَقَامَ وَأرْسل بعض نِسَائِهِ وَأتوا بهَا وبناتها إِلَى دَاره ، فأطعمهن أطيب الطَّعَام وألبسهن أَفْخَر اللبَاس وَبَاتُوا عِنْده فِي نعْمَة وكرامة . قَالَ فَلَمَّا انتصف اللَّيْل رأى ذَلِك الشَّيْخ الْمُسلم فِي مَنَامه كَأَن الْقِيَامَة قد قَامَت ، وَقد عقد اللِّوَاء على رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، وَإِذا الْقصر من الزمرد الْأَخْضَر شرفاته من اللُّؤْلُؤ والياقوت وَفِيه قباب اللُّؤْلُؤ والمرجان ، فَقَالَ يَا رَسُول الله : لمن هَذَا الْقصر؟ قَالَ : لرجل مُسلم موحد . فَقَالَ يَا رَسُول الله : أَنا رجل مُسلم موحد . فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : أقِم عِنْدِي الْبَيِّنَة أَنَّك مُسلم موحد . قَالَ فَبَقيَ متحيراً ، فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : لما قصدتك الْمَرْأَة العلوية قلت أقيمي عِنْدِي الْبَيِّنَة أَنَّك علوِيَّة ، فَكَذَا أَنْت أقِم عِنْدِي الْبَيِّنَة أَنَّك مُسلم . فانتبه الرجل حَزينًا على رده الْمَرْأَة خائبة ، ثمَّ جعل يطوف بِالْبَلَدِ وَيسْأل عَنْهَا ، حَتَّى دل عَلَيْهَا أَنَّهَا عِنْد الْمَجُوسِيّ ، فَأرْسل إِلَيْهِ فَأَتَاهُ ، فَقَالَ لَهُ : أُرِيد مِنْك الْمَرْأَة الشَّرِيفَة العلوية وبناتها . فَقَالَ : مَا إِلَى هَذَا من سَبِيل ، وَقد لَحِقَنِي من بركاتهم مَا لَحِقَنِي . 

قَالَ: خُذ مني ألف دِينَار ، وسلمهن إِلَيّ . فَقَالَ : لَا أفعل . فَقَالَ : لَا بُد مِنْهُنَّ . فَقَالَ : الَّذِي تريده أَنْت، أَنا أَحَق بِهِ وَالْقصر الَّذِي رَأَيْته فِي مَنَامك خلق لي ؛ أَتُدِلُّ عَليّ بِالْإِسْلَامِ ، فوَاللَّه مَا نمت البارحة، أَنا وَأهل دَاري ، حَتَّى أسلمنَا كلنا على يَد العلوية ، وَرَأَيْت مثل الَّذِي رَأَيْت فِي مَنَامك ، وَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : العلوية وبناتها عنْدك ؟ قلت : نعم يَا رَسُول الله . قَالَ : الْقصر لَك وَلأَهل دَارك ، وَأَنت وَأهل دَارك من أهل الْجنَّة ، خلقك الله مُؤمنا فِي الْأَزَل . قَالَ : فَانْصَرف الْمُسلم ، وَبِه من الْحزن والكآبة مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله ”  انتهى .

ثالثا : تتبع إسناد هذه القصة :

هذه القصة ليس لها إسناد أصلا ، وإنما أوردها ابن قدامة في كتابه “التوابين” (ص180) ، وعزاها إلى كتاب “الملتقط” لابن الجوزي ، فقال :” وقرأت في الملتقط أن بعض العلويين .. ثم ساق القصة ” . انتهى ، ونقلها عن ابن قدامة سبطُ ابن الجوزي في كتابه “تذكرة الخواص” (ص676) ، وقال :” الملتقط كتاب لجدي أبو الفرج ..”. انتهى .

وقد راجعت المطبوع من كتاب “ملتقط الحكايات” لابن الجوزي ، فلم أجد فيه هذه القصة ، وإنما أوردها ابن الجوزي في كتاب “البر والصلة” (ص254) ، فقال :” وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ بَعْضَ الْعَلَوِيِّينَ كَانَ بِبَلْخٍ ، وَلَهُ زَوْجَةٌ عَلَوِيَّةٌ ، وَلَهُمَا بَنَاتٌ ، فَافْتَقَرُوا وَمَاتَ الرَّجُلُ … هكذا ثم ساق القصة بطولها “. انتهى ، ولم يذكر لها إسنادا .

وبناء على ما سبق : يتبين أن هذه الحكاية ليس لها إسناد ، وإنما هي من أحاديث القصاص ، والحكايات التي تذكر في مجالس الوعظ ؛ ولا يخفى ما فيها من المبالغة، والحبكة الروائية للقصص المؤلفة، فالله أعلم بحالها.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android