تنزيل
0 / 0

حول صحة ما يذكر ان نوح عليه السلام مر علي مصر ولم يجد عليها حراس من الملائكة وأن الله هو من يحرسها

السؤال: 302068

لما كان سيدنا نوح في السفينة ، كان كلما مر علي بلد كانت الملائكة تسلم عليه إلا مصر ؛ لأن الله هو الذي يحرسها ، ما صحة هذه القصة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

فإنه قد اشتهر عند كثير من الناس مقولة أن مصر لا تحرسها الملائكة . ويعنون بذلك : أن الله يحرسها ، ويورد بعض القصاص في ذلك ، أن نوحا عليه السلام عندما ركب السفينة بمن معه من المؤمنين طاف ببلدان الدنيا ، فوجد على كل بلد نفر من الملائكة يحرسونها إلا مصر ، فلما سأل ربه عن ذلك أخبره أنه تولى حراسة مصر بنفسه .

وهذه القصة ليس لها أصل ، ولم يذكرها أحد من أهل العلم بإسناد أو من غير إسناد .

غير أن السيوطي قال في “حسن المحاضرة” (1/33) :” وذكر بعض من ألف في أخبار مصر أن سفينة نوح طافت بمصر وأرضها، فبارك نوح عليه السلام فيها “. انتهى

هكذا أورده السيوطي بلا سند ، ولم يذكر أمر الحراسة .

وقد روي عن ابن عباس ، أن نوحا عليه السلام دعا لمصر بالبركة ، إلا أن إسناده ضعيف .

أخرجه ابن عبد الحكم في ” فتوح مصر” (ص27) ، من طريق عثمان بن صالح ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عيّاش بن عبّاس القتبانىّ ، عن حنش بن عبد الله الصنعانىّ ، عن عبد الله بن عبّاس : ” أن نوحا دعا لولد ولده ، وهو مصر بن يبصر بن حام فقال 🙁 اللهمّ إنه قد أجاب دعوتى ؛ فبارك فيه وفى ذرّيّته وأسكنه الأرض المباركة ، التى هى أمّ البلاد ، وغوث العباد ، التى نهرها أفضل أنهار الدنيا ، واجعل فيها أفضل البركات ، وسخّر له ولولده الأرض ، وذلّلها لهم ، وقوّهم عليها ) .

وإسناده ضعيف ، فيه ابن لهيعة ، وكان قد اختلط ، فحديث القدماء من أصحابه حسن ، وعثمان بن صالح ليس من قدماء أصحابه ، بل حديثه عن ابن لهيعة منكر .

فقد ذكر الذهبي في “ميزان الاعتدال” (3/40) فقال :” قال سعيد بن عمرو البردعى: قلت لأبي زرعة: رأيت بمصر نحوا من مائة حديث عن عثمان بن صالح ، عن ابن لهيعة ، عن عمرو بن دينار ، وعطاء ، عن ابن عباس : عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها: لا تكرم أخاك بما يشق عليه.

فقال: لم يكن عثمان عندي ممن يكذب ، ولكن كان يكتب مع خالد بن نجيح، فبُلوا به ، كان يملى عليهم ما لم يسمعوا من الشيخ ” انتهى .

ثانيا:

وردت أحاديث لا أصل لها في معنى حراسة الله لمصر .

ومن ذلك :  مِصْرُ كِنَانَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ، مَا طَلَبَهَا عَدُوٌّ إِلا وَأَهْلَكَهُ اللَّهُ  .

وهذا الحديث لا أصل له ، وليس له إسناد .

قال العامري في “الجد الحثيث فيما ليس بحديث” (456) ، والشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (888) :” لا أصل له “. انتهى

ومن ذلك : أهل مصر الجند الضعيف ، ما كادهم أحد إلا كفاهم اللَّه مؤونته   .

وهذا عزاه السخاوي في “المقاصد الحسنة” (1029) إلى ابن يونس في تاريخه ، ولم يذكر له إسنادا ، وكتاب ابن يونس مفقود ، والمطبوع منه مجمع من بطون الكتب، مما نُقل عن ابن يونس ، وليس فيه ذلك.

ومن ذلك :  مصر خزائن الأرض كلها ، فمن أراد بها سوءاً قصمه الله  .

وهذا عزاه ابن تغري بردي في “النجوم الزاهرة” (1/31) إلى كعب الأحبار فقال :” وقال كعب الأحبار : في التوراة مكتوب: مصر خزائن الأرض كلها ، فمن أراد بها سوءاً قصمه الله “. انتهى

وأصح ما ورد في فضل مصر ، ما أخرجه مسلم في “صحيحه” (2543) ، من حديث أبي ذَرٍّ ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا ، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ ، فَاخْرُجْ مِنْهَا  .

وينظر ما سبق في جواب السؤال رقم : (197677) .

ومما سبق يتبين أن ما أورده السائل ليس له أصل ، والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android