0 / 0

التعليق على حديث وصف ذي الثدية الذي قتله علي بن أبي طالب، وفيه قوله:” أما إن خليلي أخبرني ثلاثة إخوة من الجن ، هذا أكبرهم “.

السؤال: 303795

ورد الحديث في مسند الإمام أحمد في مسند علي رضي الله عنه (١١٩٦) قال عبد الله بن أحمد : حدثني حَجّاج بن الشاعر حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا يزيد بن أبي صالح أبا الوضيء عبّادًا حدثه أنه قال: ” كنّا عامدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب ، فذكر حديث المُخْدَج، قال على: فوالله ما كَذبتُ ولا كُذبتُ ، ثلاثا، فقال علي: أما إن خليلي أخبرني ثلاثةَ إخوةٍ من الجنّ، هذا أكبرهم ، والثاني له جمع كثير، والثالث فيه ضعف ” ما معنى قوله : (ثلاثة من الجن ….) إلى آخر الحديث ؟

ملخص الجواب

عند تتبع الروايات التي نقلت واقعة قتل علي بن أبي طالب للمخدج ، نجدها قد تواترت عنه ، ولم يذكر واحد منهم كونه من الجن . وجميع الروايات التي تدل على أن المخدج الذي قتله علي بن أبي طالب كان من الجن كلها ضعيفة لا تثبت ، إلا الرواية الأولى من طريق يزيد بن أبي صالح ، عن أبي الوضيء، وقد انفرد يزيد بن أبي صالح عن أبي الوضيء بذكر ذلك ، وهذا مما يقوي شذوذ هذا اللفظ ، بل نكارته.  

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

قد تواترت الروايات بثبوت قتل علي رضي الله عنه يوم النهروان ذلك الرجل المعروف بالمخدج ، ولقبه ذو الثدية ، وقد أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر علاماته ووصفه.

والمخدج : أي يده غير مكتملة في الخلقة .

وذو الثدية : لأن إحدى عضديه مثل ثدي المرأة .

قال أبو عبيد  في “غريب الحديث” (1/266) :” قيل لذي الثُدَيَّة : إنه مُخْدَجٌ اليد أي ناقصها “. انتهى.

وقال أبو عبيد في “غريب الحديث” (3/446) :” قال الفراء : إنما قيل ذو الثديّة، فأدخلت الهاء فيها ، وإنما هي تصغير ثَدْي ، والثدي ذكر، لأنها كأنها بقية ثدي قد ذهب أكثره ؛ فقلّلها”. انتهى.

وقد أخرج البخاري في “صحيحه” (3610) ، ومسلم في “صحيحه” (1064) ، من حديث أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ،  قَالَ: ” بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا ، أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ ، فَقَالَ: ( وَيْلَكَ ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ) ،  فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ؟ فَقَالَ: ( دَعْهُ ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ ، – وَهُوَ قِدْحُهُ – ، فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ . 

آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ ، أَوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) .

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ”.

ثالثا:

أكثر الروايات جاءت بذكر وصفه ، وبيان علاماته ، دون أن تتطرق لكونه من الإنس أم من الجن .
إلا أن بعض الأحاديث جاءت بما يفيد أنه من الجن، وبيان هذه الأحاديث كما يلي :

الحديث الأول ، وهو الذي أورده السائل الكريم :

أخرجه عبد الله بن أحمد في “زوائد المسند” (1197) ، والحاكم في “المستدرك” (8617) ، واللفظ له ، من طريق عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ ، أَنَّ أَبَا الْوَضِيءِ عَبَّادًا حَدَّثَهُ ، أَنَّهُ قَالَ: ” كُنَّا فِي مَسِيرٍ عَامِدِينَ إِلَى الْكُوفَةِ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَلَمَّا بَلَغْنَا مَسِيرَةَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ مِنْ حَرُورَاءَ شَذَّ مِنَّا نَاسٌ ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَلِيٍّ ، فَقَالَ: لَا يَهُولَنَّكُمْ أَمْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ سَيَرْجِعُونَ ، فَنَزَلْنَا ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ شَذَّ مَثْلَيْ مَنْ شَذَّ ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَلِيٍّ ، فَقَالَ: لَا يَهُولَنَّكُمْ أَمْرُهُمْ فَإِنَّ أَمْرَهُمْ يَسِيرٌ ، وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَبْدَأُوهُمْ بِقِتَالٍ حَتَّى يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يَبْدَأُونكُمْ ، فَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ وَاتَّقَيْنَا بُتُرُسِنَا ، فَجَعَلُوا يُنَاوِلُونَا بِالنُّشَّابِ وَالسِّهَامِ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ دَنَوْا مِنَّا ، فَأَسْنَدُوا لَنَا الرَّمَّاحَ ، ثُمَّ تَنَاوَلُونَا بِالسُّيُوفِ ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَضَعُوا السُّيُوفَ فِينَا .

فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُقَالُ لَهُ: صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ ، فَنَادَى ثَلَاثًا فَقَالُوا: مَا تَشَاءُ؟ فَقَالَ: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَنْ تَخْرُجُوا بِأَرْضٍ تَكُونُ مَسَبَّةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَأُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَنْ تَمْرُقُوا مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُمْ قَدْ وَضَعُوا فِينَا السُّيُوفَ ، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: انْهَضُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَمَا كَانَ إِلَّا فَوَاقٌ مِنْ نَهَارٍ ، حَتَّى ضَجَعْنَا مَنْ ضَجَعْنَا وَهَرَبَ مَنْ هَرَبَ .

فَحَمِدَ اللَّهَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ: إِنَّ خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي :  ( أَنَّ قَائِدَ هَؤُلَاءِ رَجُلٌ مُخَدَّجُ الْيَدِ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِهِ شُعَيْرَاتٌ كَأَنَّهُنَّ ذَنَبُ يَرْبُوعٍ فَالْتَمِسُوهُ ) ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ ، فَأَتَيْنَاهُ ، فَقُلْنَا: إِنَّا لَمْ نَجِدْهُ ، فَقَالَ: الْتَمِسُوهُ ، فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ . فَمَا زِلْنَا نَلْتَمِسُهُ حَتَّى جَاءَ عَلِيٌّ بِنَفْسِهِ إِلَى آخِرِ الْمَعْرَكَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: اقْلِبُوا ذَا، اقْلِبُوا ذَا، حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَقَالَ: هَا هُوَ ذَا .

فَقَالَ عَلِيٌّ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ أَحَدٌ يُخْبِرُكُمْ مَنْ أَبُوهُ مَلَكٌ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: هَذَا مَلَكٌ هَذَا مَلَكٌ ، يَقُولُ عَلِيُّ: ابْنُ مَنْ؟ يَقُولُونَ: لَا نَدْرِي فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا ، كُنْتُ أَرُوضُ مُهْرَةً لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ شَيْخً مِنْ بَنِي فُلَانً ، وَأَضَعُ عَلَى ظَهْرِهَا جَوَالِقَ سَهْلَةً أُقْبِلُ بِهَا وَأُدْبِرُ إِذْ نَفَرَتِ الْمُهْرَةُ فَنَادَانِي ، فَقَالَ: يَا غُلَامُ انْظُرْ، فَإِنَّ الْمُهْرَةَ قَدْ نَفَرَتْ ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَأَرَى خَيَالًا كَأَنَّهُ غَرْبٌ أَوْ شَاةٌ ، إِذْ أَشْرَفَ هَذَا عَلَيْنَا ، فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ ، قَالَ: وَمَا جَاءَ بِكَ شَعِثًا شَاحِبًا؟ قَالَ: جِئْتُ أَعْبُدُ اللَّهَ فِي مُصَلَّى الْكُوفَةِ ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ مَا لَنَا رَابِعٌ إِلَّا اللَّهُ ، حَتَّى انْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْبَيْتِ ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَاقَ إِلَيْكِ خَيْرًا ، قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي إِلَيْهِ لَفَقِيرَةٌ ، فَمَا ذَلِكَ؟ قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ شَعِثٌ شَاحِبٌ كَمَا تَرَيْنَ،  جَاءَ مِنَ الْيَمَامَةِ لِيَعْبُدَ اللَّهَ فِي مُصَلَّى الْكُوفَةِ ، فَكَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ وَيَدْعُو النَّاسَ حَتَّى اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ.

فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَا إِنَّ خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي : ( أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ مِنَ الْجِنّ،ِ هَذَا أَكْبَرُهُمْ ، وَالثَّانِي لَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ ، وَالثَّالِثُ فِيهِ ضَعْفٌ).

وإسناده صحيح الإسناد ، لكن في متنه غرابة شديدة .

ومعنى قوله :” ثلاثة إخوة من الجن هذا أكبرهم ” : أي من شياطين الجن ، وهذا ظاهر ما يدل عليه اللفظ .

قال ابن كثير في “البداية والنهاية” (10/607) بعد أن أورد هذه الرواية :” وَهَذَا السِّيَاقُ فِيهِ غَرَابَةٌ شَدِيدَةٌ جِدًّا. وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذُو الثُّدَيَّةِ مِنَ الْجِنِّ ، بَلْ هُوَ مِنَ الشَّيَاطِينِ ; إِمَّا شَيَاطِينِ الْإِنْسِ ، أَوْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ . إِنْ صَحَّ هَذَا السِّيَاقُ “. انتهى.

الحديث الثاني :

أخرجه أحمد في “مسنده” (1551) ، والحميدي في “مسنده” (74) ، وابن أبي عاصم في “السنة” (920) ، وابن أبي شيبة في “مصنفه” (37921)  والحاكم في “المستدرك” (8588) ، من طريق أبي الطُّفَيْلِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ قَرْوَاشٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: ” ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَا الثُّدَيَّةِ فَقَالَ: ( شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ رَاعِي الْجَبَلِ أَوْ رَاعٍ لِلْجَبَلِ ، يَحْتَدِرُهُ رَجُلٌ مِنْ بَجِيلَةَ ، يُقَالَ لَهُ الْأَشْهَبُ ، أَوِ ابْنُ الْأَشْهَبِ ، عَلَامَةٌ فِي قَوْمٍ ظَلَمَةٍ ).

قال الصنعاني في “التنوير شرح الجامع الصغير” (6/529) :” ( شيطان الردهة ) بفتح الراء المشددة وسكون المهملة، هي النقرة في الجبل ، يستنقع فيها الماء . ( يحتدره ) بالحاء المهملة والدال المهملة ، أي : شرع في أخذه وقتله ” انتهى .

وإسناده ضعيف .

قال العقيلي في “الضعفاء” (1/149) بعد أن أورد هذه الرواية :” وَفِي قِصَّةِ ذِي الثَّدْيَيْنِ أَسَانِيدُ صِحَاحٌ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ ، فَأَمَّا هَذَا اللَّفْظُ فَلَا يُعْرَفُ إِلَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ قِرْوَاشٍ ” انتهى .

وقال الذهبي في “ميزان الاعتدال” (1291) :” بكر بن قرواش عن سعد بن مالك. لا يعرف ، والحديث منكر “. انتهى ، وقال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (3750) :” منكر “. انتهى.

الحديث الثالث :

أخرجها أبو يعلى في “مسنده” كما في “المقصد العلي” للهيثمي (986) ، من طريق أبي مَعْشَرٍ ، قال : حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: ” حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ يُقَسِّمُ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، إِلَى أَنْ قَالَ: (عَلامَتُهُمْ رَجُلٌ يَدُهُ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، كَالْبِضْعَةِ تَدَرْدَرُ فِيهَا شَعَرَاتٌ كَأَنَّهَا سَبَلَةُ سَبْعٍ ) .

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَحَضَرْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ ، وَحَضَرْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ قَتَلَهُمْ بِنَهْرَوَانَ قَالَ: فَالْتَمَسَهُ عَلِيٌّ فَلَمْ يَجِدْهُ.

قَالَ: ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْتَ جِدَارٍ عَلَى هَذَا النَّعْتِ ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَيُّكُمْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: نَحْنُ نَعْرِفُهُ هَذَا حَرْقُوسُ وَأُمُّهُ هَهُنَا.

قَالَ: فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى أُمِّهِ ، فَقَالَ لَهَا: مَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: مَا أَدْرِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؛ إِلا أَنِّي كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالرَّبَذَةِ ، فَغَشِيَنِي شَيْءٌ كَهَيْئَةِ الظُّلْمَةِ، فَحَمَلْتُ مِنْهُ ، فَوَلَدْتُ هَذَا “.

وإسناده ضعيف أيضا ، ومتنه منكر جدا .

فيه أبو معشر نجيح السندي ، قال الهيثمي في “مجمع الزوائد” (6/224) :” فِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ ” انتهى ، وقال البخاري كما في “الضعفاء الصغير” (400) :” منكر الحديث ” انتهى .

وفيه كذلك : أفلح بن عبد الله بن المغيرة ” ، مجهول ، لم يترجم له أحد .

الحديث الرابع :

أخرجه مسدد في “مسنده” ، كما في “إتحاف الخيرة المهرة” للبوصيري (3447) ، وابن أبي خيثمة في “التاريخ الكبير” (893) ، من طريق سليمان التيمي ، عن أبي مجلز – قال : أراه عن قيس بن عُبَاد – قال :” كف علي عن قتال أهل النهروان حتى يُحدثوا ، فانطلقوا فأتوا على عَبد الله بن خباب وهو في قرية له قد تنحى عن الفتنة ، فأخذوه ، فرأوا تمرة وقعت من رأس نخلة فأخذها رجل منهم فجعلها في فيه ، قال : فقالوا : تمرة من تمر أهل العهد أخذتها بغير ثمن ؟! قال : فلفظها ، قال : وأتوا على خنزير فبعجه أحدهم ، قال : فقالوا : خنزير من خنازير أهل العهد قتلته ؟!

فقال عَبد الله بن خباب : ألا أنبئكم – أو ألا أخبركم – بمن هو أعظم عليكم حقًّا من هذه التمرة وهذا الخنزير ؟ قالوا : من ؟ قال : أنا – أراه قال ما تركت صلاة منذ صليت ، ولا صيام رمضان . وعدد أشياء – فقربوه فقتلوه ، فبلغ ذلك عليًّا ، فأمر أصحابه بالسير إليهم ، وقال : أقيدونا بعبد الله بن خباب . قالوا : كيف نقيدك به ، وكلنا قتله ؟ فقال : كلكم قتله ، الله أكبر . قال لأصحابه : انشطوا فواللّه لا يقتل منكم عشرة ولا يفر منهم عشرة ، فكان كذاك – أو كذلك – قال : فقال علي : اطلبوا رجلا صفته كذا وكذا ، فطلبوه فلم يجدوه ، ثم طلبوه فوجدوه ، فقال علي : من يعرف هذا ؟ فلم يعرف ، فقال رجل : أنا رأيت هذا بالنجف ، فقال : إني أريد هذا المصر وليس لي فيه نسب ولا نعرفه ، فقال علي : صدقت هو رجل من الجن “.

وإسناده فيه علة ، وهي عنعنة أبي مجلز لاحق بن حميد ، فإنه ثقة مدلس .

قال الذهبي في ترجمته في “ميزان الاعتدال” (4/356) :” من ثقات التابعين ، لكنه يدلس “. انتهى.

وقد رواه الدارقطني والبيهقي، لم يذكرا فيه قيس عباد. ينظر: “المطالب العالية” (18/220) تعليق المحققين.

الحديث الخامس :

أخرجه ابن أبي خيثمة في “التاريخ الكبير” (892) ، والفسوي في “المعرفة والتاريخ” (1/232) ، وابن أبي شيبة في “مصنفه” (37899) ، من طريق شعبة ، عن أبي إِسْحَاقَ ، عَنْ حَامِدٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ سُعْدًا يَقُولُ: ” قتل علي شيطان الردهة ” .

وعند ابن أبي شيبة :” عن أبي إسحاق ، عن أبي بركة الصائدي .

وإسناده ضعيف أيضا .

فيه : حامد أبو بركة الصائدي ، مجهول ، قال علي بن المديني كما في “الجرح والتعديل” (3/300) :” لا يعرف “انتهى ، وقال الفسوي في “المعرفة والتاريخ” (1/232) :” لا أعرفه “. انتهى .

ومما سبق يتبين أن جميع الروايات التي تدل على أن المخدج الذي قتله علي بن أبي طالب كان من الجن كلها ضعيفة لا تثبت ، إلا الرواية الأولى من طريق يزيد بن أبي صالح ، عن أبي الوضيء، وقد سبق الإشارة إلى ما فيها من نكارة .

وعند تتبع الروايات التي نقلت واقعة قتل علي بن أبي طالب للمخدج ، نجدها قد تواترت عنه ، ولم يذكر واحد منهم كونه من الجن .

فمن ذلك :

رواية : عبيدة السلماني ، عن علي . عند مسلم في “صحيحه” (1066) .

رواية : زيد بن وهب ، عن علي . عند مسلم في “صحيحه” (1066) .

رواية : عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي . عند مسلم في “صحيحه” (1066) .

رواية : أبي كثير ، عن علي . عند أحمد في “مسنده” (672) .

رواية : أبي الوضيء ، عن علي . عند أبي داود في “سننه” (4769) .

رواية : طارق بن زياد ، عن علي . عند النسائي في “السنن الكبرى” (8513) .

رواية : مالك بن الحارث ، عن علي . عند الحاكم في “المستدرك” (2658) .

رواية : أبي مريم ، عن علي . عند أبي داود الطيالسي في “مسنده” (1/138) .

رواية : أبي موسى الهمداني ، عن علي . عند عبد الرزاق في “مصنفه” (5962) .

ثم رواية أبي سعيد الخدري ، كما في “صحيح البخاري” (3610) ، و “صحيح مسلم” (1064) .

كل هذه الروايات لم تذكر أنه كان من الجن ، وانفرد يزيد بن أبي صالح عن أبي الوضيء بذكر ذلك ، وهذا مما يقوي شذوذ هذا اللفظ ، بل نكارته.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android