0 / 0

التعليق على حديث : ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال بيت يسكنه ، وثوب يواري عورته ، وجلف الخبز والماء

السؤال: 303802

يوجد حديث لم أستطع فهمه وربطه بما أعرفه من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأن الله أحل لنا الطيبات ، قال صلى الله عليه وسلم : ” ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال : بيت يسكنه ، وثوب يواري عورته ، وجلف الخبز والماء ” .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الحديث المذكور :

أخرجه الترمذي في “سننه” (2341) ، وأحمد في “مسنده” (440) ، والحاكم في “المستدرك” (7866) ، والضياء في “المختارة” (331) ، جميعا من طريق حُرَيْث بْن السَّائِبِ ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي حُمْرَانُ بْنُ أَبَانَ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

  لَيْسَ لاِبْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ الخِصَالِ ، بَيْتٌ يَسْكُنُهُ ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ ، وَجِلْفُ الخُبْزِ وَالمَاءِ  .

والحديث أعله أحمد كما في “المنتخب من علل الخلال” (3) ، والدارقطني في “العلل” (3/29) ، وضعفه ابن الجوزي في “العلل المتناهية” (2/799) .

وقال فيه الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (1063) :” منكر “. ، انتهى

ثانيا :

معنى الحديث اختلف فيه أهل العلم ، وذلك لاختلافهم في معنى الحق في قوله :” ليس لابن آدم حق ” .

فمنهم من قال : إن الحق هنا ، بمعنى ” الحاجة ” ؛ أي ليس لابن آدم حاجة وضرورة في هذه الدنيا ؛ إلا في هذه الثلاث ، أي أن هذه الثلاث : تحصل بها الكفاية ، ولا لمعنى لطلب ما وراءها .

ومنهم من قال : إن الحق بمعنى: ما أعطاه الله له ، من غير تبعة في الآخرة ولا سؤال عنه.

قال الطيبي في “شرح المشكاة” (10/3289) :” أراد بـ ( الحق ) ما يستحقه الإنسان ، لافتقاره إليه ، وتوقفه تعيشه عليه ، وما هو المقصود الحقيقي من المال.

وقيل: أراد به ما لم يكن له تبعة حساب ، إذا كان مكتسبا من وجه حلال “. انتهى

ولعل الأقرب في المعنى ، هو : أن الحق بمعنى : ما وجب له من الله ، من غير تبعة ، أو سؤال عنه في الآخرة .

ومما يقوي هذا المعنى ما أخرجه أحمد في “مسنده” (20768) ، من حديث أَبِي عَسِيبٍ ، قَالَ: ” خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا ، فَمَرَّ بِي ، فَدَعَانِي إِلَيْهِ ، فَخَرَجْتُ ، ثُمَّ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ فَدَعَاهُ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ بِعُمَرَ فَدَعَاهُ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ ، فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ: أَطْعِمْنَا بُسْرًا ، فَجَاءَ بِعِذْقٍ فَوَضَعَهُ ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ بَارِدٍ فَشَرِبَ ، فَقَالَ:   لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ   .

قَالَ: فَأَخَذَ عُمَرُ الْعِذْقَ ، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ حَتَّى تَنَاثَرَ الْبُسْرُ قِبَلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَئِنَّا لَمَسْئُولُونَ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ:  نَعَمْ ، إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: خِرْقَةٍ كَفَّ بِهَا الرَّجُلُ عَوْرَتَهُ ، أَوْ كِسْرَةٍ سَدَّ بِهَا جَوْعَتَهُ ، أَوْ حَجَرٍ يَتَدَخَّلُ فِيهِ مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ  .

والحديث حسنه الشيخ الألباني في “صحيح الترغيب والترهيب” (3221)

وبالتالي فلا تعارض بين هذا المعنى ، إن ثبتت به الرواية ، وبين : أن الله أحل لنا الطيبات من الرزق ؛ حيث إنه مباح للمسلم من غير سرف أو مخيلة ، أن يستمتع بما أعطاه الله من الحلال الطيب ، إلا أنه سيُسأل عنه يوم القيامة هل أدى شكره أم لا ؟ إلا هذه الثلاث التي جاءت في الحديث ، على تأويل من تأول ذلك من أهل العلم .

ومما يؤيد ذلك ما جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد في “مسنده” (6695) ، من حديث عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  كُلُوا ، وَاشْرَبُوا ، وَتَصَدَّقُوا ، وَالْبَسُوا ، غَيْرَ مَخِيلَةٍ ، وَلَا سَرَفٍ  .

والحديث حسنه الشيخ الألباني في “صحيح الترغيب والترهيب” (2145) .

أو أن المراد به : حث العبد على ترك الانشغال بفضول الدنيا ، فيما زاد على حوائجه الأصلي ، وصرف الهمة إلى الباقيات الصالحات ، التي تنفعه عند الله يوم القيامة . وهذا المعنى : ثابت مقرر في الشريعة ، بأدلة كثيرة مشهورة ، تعرف في باب “الزهد” في الدنيا .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android