سؤالي هو عن أصل الحجاب ففي الحديث : ” حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة : ” أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ـ وهو صعيد أفيح ـ فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : أحجب نساءك ، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصا على أن ينزل الحجاب ، فأنزل الله الحجاب ” . هل نزل الأمر بالحجاب فقط ؛ لأن عمر رضي الله عنه طلب ذلك؟ وهناك بعض المشككين وأصحاب الشبهات يقولون: ” الله سبحانه يأخذ أحكامه من رجل “، ويستخدمون هذه الشبهات للتضليل عن الإسلام ، وأنه صناعة بشرية ، ـ عافانى الله من أقوالهم ، وأستغفر الله العلي العظيم ـ فكيف نرد عليهم ؟
هل نزل حكم الحجاب استجابة لرأي عمر رضي الله عنه؟
السؤال: 304741
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث رواه البخاري (146) ، ومسلم (2170)، وقد رواه الإمام مسلم بسياق لا يفيد نزول آية الحجاب بسبب هذه الحادثة؛ حيث روى بسنده:
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ” خَرَجَتْ سَوْدَةُ، بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابُ لِتَقْضِيَ حَاجَتَهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً تَفْرَعُ النِّسَاءَ جِسْمًا، لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ! وَاللهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ ، قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي خَرَجْتُ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَأُوحِيَ إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ : إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ “.
لكن ورد ما هو صريح في نزول آية الحجاب بعد إبداء عمر رضي الله عنه لرأيه ؛ كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ” وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاَثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ، وَآيَةُ الحِجَابِ ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ … ” رواه البخاري (402).
وكل عاقل منصف يدقق في هذه الأحاديث ؛ لا يظهر له أي تلازم معقول بين نزول القرآن ليصوب رأي أحد من الصحابة ، وبين ما يدّعيه هؤلاء المشككون.
وغاية ما فعله هؤلاء المشككون هو أنهم اقترحوا فكرة من عند أنفسهم، ومجرد الاقتراح ليس دليلا كما هو متقرر عند جميع الناس، بل هو أول خطوة في البحث العلمي، فلا بد بعده من البحث عن الأدلة والقرائن التي تثبت الفكرة التي تخيلوها، وهم لم يقدموا شيئا كدليل سوى مجرد الاقتراح والتشكيك؛ والأدلة والقرائن كلها ضد اقتراحهم هذا، وبيان ذلك كالآتي:
أولا:
أحكام الحجاب الواردة في القرآن الكريم، وردت في مواضع عدة، وهي حسب ترتيب السور في المصحف:
الموضع الأول: قول الله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ … النور /31.
الموضع الثاني: قول الله تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ النور /60.
الموضع الثالث: قول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا الأحزاب /33.
الموضع الرابع: قول الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا الأحزاب/53، إلى قوله تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا الأحزاب/55.
الموضع الخامس: قول الله تعالى: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا الأحزاب/59.
فقول عُمَر رضي الله عنه للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ” احْجُبْ نِسَاءَكَ “، إنما وافق آية واحدة فقط من هذه المواضع الخمسة ، وهي الآية الواردة في الموضع الرابع، قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الأحزاب/53.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
” قوله: ( فأنزل الله الحجاب ) وللمستملي: ( آية الحجاب )، زاد أبو عوانة في صحيحه من طريق الزبيدي عن ابن شهاب: ( فأنزل الله الحجاب: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ) الآية. )… ” انتهى من “فتح الباري” (1 / 249).
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:
” قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ … ).
هذه آية الحجاب ، وفيها أحكام وآداب شرعية ، وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال: وافقت ربي في ثلاث، فقلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فأنزل الله: ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ). وقلت: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو حجبتهن؟ فأنزل الله آية الحجاب … ) ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (6 / 450).
فقول عمر رضي الله عنه إنما نزلت عقبه آية احتجاب النساء عن الرجال الأجانب في البيوت وعدم الاختلاط بهم.
وأما آيات الحجاب المقصود بها اللباس والجلابيب ، فهي الآيات الواردة في المواضع الأخرى كما مرّ ذكرها سابقا.
وعمر رضي الله عنه كان رأيه فقط ” احْجُبْ نِسَاءَكَ ” و ” إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو حجبتهن؟ “.
أما الآية فنزلت مفصلة لعدة أحكام لم ترد في قول عمر، وكان الأمر فيها باحتجاب النساء مع تفصيل لم يرد في كلام عمر رضي الله عنه.
فقوله رضي الله عنه لا يتعدى كونه سببا لنزول الآية فقط ؛ أو بتعبير أدق: موافقة صائبة ، لمراد الله في حكم أنزله على عباده بعد ذلك ، وشرعه لهم.
قال القرطبي رحمه الله تعالى:
” وقول عمر رضى الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( احجب نساءك )؛ مصلحة ظهرت لعمر فأشار بها، ولا يظن بالنبي ـصلى الله عليه وسلم أن تلك المصلحة خفيت عليه، لكنّه كان ينتظر الوحي في ذلك ، ولذلك لم يوافق عمر على ذلك حين أشار عليه به ” انتهى من “المفهم” (5 / 495).
ثانيا:
ما جاء في الحديث: ” فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجَابِ ” ، ليس صريحا في نزول الآية مباشرة بعد ابداء عمر رضي الله عنه لرأيه، بل الواضح منها فقط أن عمر قد أصاب في رأيه.
لكن السبب المباشر لنزول هذه الآية هو أمر آخر، كما أخبر بذلك خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك؛ حيث قال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ” لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ ابنة جَحْشٍ، دَعَا القَوْمَ فَطَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، وَإِذَا هُوَ يتأهّبُ لِلْقِيَامِ، فَلَمْ يَقُومُوا. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ، وَقَعَدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَدْخُلَ فَإِذَا القَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا، فَانْطَلَقْتُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ، فَأَلْقَى الحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ الآيَةَ ” رواه البخاري (4791) ، ومسلم (1428).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
” وكان وقت نزولها في صبيحة عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، التي تولى الله تعالى تزويجها بنفسه ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (6 / 451).
ثالثا:
أحكام القرآن نزلت وفق حكم ومقاصد تدل على أن المنزل لها هو الخالق للبشر والعالم بأحوالهم وما يصلحهم، فلهذا لا اختلاف بينها.
قال الله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا النساء/82.
فلما كان احتجاب النساء عن الرجال الأجانب موافقا للطهارة والعفة التي جاء بها الإسلام، شرعه الله تعالى وصوّب رأي عمر رضي الله عنه.
وفي المقابل جاء الإسلام باليسر ورفع الحرج.
قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ البقرة/185.
وقال الله تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ المائدة/6.
وقد كان عمر رضي الله عنه، من شدة غيرته على حريم النبي صلى الله عليه وسلم، يود أن تحجب أشخاصهن ، فلا يُرَيْن خارج البيت أصلا، ولو كن يلبسن الحجاب الذي أمرهن الله به.
لكن، لما كان في ذلك مشقة وحرج عليهن، أذن الله لهن في الخروج لحاجتهن، وأمرهن بالحجاب.
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ” خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلًا، فَرَآهَا عُمَرُ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: إِنَّكِ وَاللَّهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، وَهُوَ فِي حُجْرَتِي يَتَعَشَّى، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَعَرْقًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ ” رواه البخاري (5237) ، ومسلم (2170).
قال القرطبي رحمه الله تعالى:
” فإنَّ عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقع في قلبه نفرة عظيمة ، وأنفة شديدة ، من أن يطلع أحدٌ على حرم النبي صلى الله عليه وسلم حتى صرح له بقوله : ( احجب نساءك )؛ فإنَّهن يراهن البر والفاجر. ولم يزل ذلك عنده إلى أن نزل الحجاب، وبعده. فإنه كان قصده: ألا يخرجن أصلا، فأفرط في ذلك ؛ فإنّه مفض إلى الحرج والمشقة ، والإضرار بهن ، فإنَّهن محتاجات إلى الخروج ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لما تأذَّت بذلك سودة: ( قد أذن لَكُنَّ أن تخرجن لحاجتكنّ ) ” انتهى من “المفهم” (5 / 496).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
“المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي حتى صرح يقوله له عليه الصلاة والسلام احجب نساءك وأكد ذلك إلى أن نزلت آية الحجاب ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلا ولو كن مستترات فبالغ في ذلك فمنع منه وأذن لهن في الخروج لحاجتهن دفعا للمشقة ورفعا للحرج” انتهى من “فتح الباري” (8/531).
فالحاصل:
أن هذه الحوادث لا تتجاوز بيان ما أنعم الله تعالى على عمر رضي الله عنه من العلم والفهم وكانت شخصيته تدفعه إلى ابداء رأيه، ثم ينتظر نزول الوحي حتى يعمل بما في الوحي لا برأيه.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (299455) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة