تنزيل
0 / 0
111828/01/2024

كيف يتعامل مع المتحرشين؟

السؤال: 305527

أنا شاب أبلغ من العمر 15 عاما، أمرد الوجه، حسن الصورة، وهذا سبب تعاستي وشقائي، وسبب لي الكثير من المشاكل في حياتي إلى الآن، فالآن يوجد 3 أشخاص يعشقونني، وهذا شيء مزعج جدا.
يقومون بالتحرش بي وإزعاجي 
أحدهم للأسف أحد المدرسين في مدرستي . 
ولا أريد التحدث عن الماضي، فقد تعرضت سابقا للعديد من التحرشات، ولكني ضقت ذرعا بحياتي التعيسة التي أعيشها، في داخلي ألم ومعاناة لا يعرفها إلا الله سبحانه، فأريد نصيحتكم ورأيكم، وأخاف أن يحدث ما لا يرضي الله تعالى إن لم أتدارك هذه الأمور بسرعة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا:

هذا الذي تصفه أخانا الكريم هو مستوى عال من البلاء والكدر نسأل الله أن يلهمك حسن التعامل معه وأن يكتب أجرك ويعوضك خيرًا.

ثانيًا:

يندرج ما تعرضت له تحت اسم الإساءة الجنسية والتحرش الجنسي، وكل ما تعرضت له هو سلوكيات محرمة، وإجرامية، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ ؛ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ) أخرجه مسلم(2564).

ولا ندري أين كان دين هؤلاء المجرمين حين اعتدوا على براءتك طفلًا، وخانوا العهد والأمانة، وأشاعوا هذا الفحش واستمرأوه بلا وازع من دين أو تقوى.

قال الشيخ جمال الدين القاسمي في "تفسيره" (7/340):

"(إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ) أي تنتشر الخصلة المفرطة في القبح، وهي الفرية والرمي بالزنى، ونحوه كاللواط وما عظم فحشه (فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا) أي من الحدّ وغيره، مما يتفق من البلايا الدنيوية (وَالْآخِرَةِ) أي من عذاب النار (وَاللَّهُ يَعْلَمُ) أي ما في القلوب من الأسرار والضمائر (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، يعني أنه قد علم محبة من أحب الإشاعة، وهو معاقبه عليها" انتهى.

ثالثًا:

لا بد أن تعلم أنك أنت الضحية هاهنا، وأن ما حدث لك ليس خطأ منك، بل هو إجرام ممن فعلوه، وقد لا يخلو من تقصير ارتكبه القائمون على رعايتك، ونرى أن هذه الإساءات التي تعرضت لها ربما تركت عليك أثرًا سيئًا، نميل إلى أهمية أن تناقشه مع معالج نفسي، فهذه الخبرات المؤلمة تحتاج إلى معاملة متخصصة تداوي ما تعرضت له من ألم وإساءة وتساعدك على التعافي واستعادة طيب العيش.

رابعًا:

لا بد أن تقاوم هذا الذي تعرضت له ولا تسكت عليه، فهؤلاء المعتدون جبناء، وسيستمرئون سكوتك، ويشجعهم على تكرار هذه الإساءة مع غيرك، وليس في ديننا أن يستسلم الإنسان لتسلط وتنمر المعتدين.

وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) رواه أبو داود(4772)، والترمذي(1421) واللفظ له، وقال: "هذه حديث حسن صحيح".

وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (28/319): "وَهَذَا الَّذِي تُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ "الصَّائِلُ"، وَهُوَ الظَّالِمُ بِلَا تَأْوِيلٍ، وَلَا وِلَايَةٍ، فَإِذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ الْمَالَ جَازَ دَفْعُهُ بِمَا يُمْكِنُ، فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بالْقِتَال قُوتِلَ، وَإِنْ تَرَكَ الْقِتَالَ، وَأَعْطَاهُمْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ: جَازَ .

وَأَمَّا إذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ الْحُرْمَةَ -مِثْلَ أَنْ يَطْلُبَ الزِّنَا بِمَحَارِمِ الْإِنْسَانِ، أَوْ يَطْلُبَ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَمْلُوكِ أَوْ غَيْرِهِ الْفُجُورَ بِهِ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يُمْكِنُ، وَلَوْ بِالْقِتَالِ، وَلَا يَجُوزُ التَّمْكِينُ مِنْهُ بِحَالِ؛ بِخِلَافِ الْمَالِ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّمْكِينُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ جَائِزٌ، وَبَذْلَ الْفُجُورِ بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْحُرْمَةِ غَيْرُ جَائِزٍ" انتهى.

فالواجب عليك ألا تمكن هؤلاء من أفعالهم؛ بل تردعهم وتزجرهم وتهددهم، ولا بد مع ذلك أن ترفع أمرهم للمسؤولين عن تلك الأماكن، وإن استطعت أن توثق أفعالهم وتحرشهم بك، وما يفعلونه من مراودتك عن نفسك بحيث يكون هذا التوثيق دليلًا يدعم كلامك؛ فافعل ذلك.

ولا يحل الستر على أمثال هؤلاء، قال ابن حزم في: "المحلى" (12/45): "وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِإِبَاحَةِ السَّتْرِ عَلَى مُسْلِمٍ فِي ظُلْمٍ ظَلَمَ بِهِ مُسْلِمًا كَمَنْ أَخَذَ مَالَ مُسْلِمٍ بِحِرَابَةٍ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ، أَوْ غَصَبَهُ امْرَأَتَهُ، أَوْ سَرَقَ حُرًّا، وَمَا أَشْبَهَهُ، فَهَذَا فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَقُومَ بِهِ حَتَّى يَرُدَّ الظُّلَامَاتِ إلَى أَهْلِهَا".

وقال الشيخ ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين" (2/268):

"فالستر قد يكون مأموراً به محموداً، وقد يكون حراماً، فإذا رأينا شخصاً على معصية، وهو رجلٌ شرير منهمك في المعاصي، لا يزيده الستر إلا طغياناً، فإننا لا نستره، بل نبلغ عنه حتى يُردع ردعاً يحصل به المقصود" انتهى.

ونحن نرى أيضا أن توضح الصورة في هذه الأماكن لوالديك، وأسرتك، أو لمن يتفهم الأمر منهم، ويمكنه أن يتعاون معك، وأن يكون لك ظهرا ، وحاميا، حتى لا يطمع فيك هؤلاء المفسدون، لأجل ما يعلمون من يتعرض لمثل هذا الأمر، وعدم إطلاعهم لأسرهم على الحاصل.

وينبغي أن تحاول تغيير هذه الأماكن التي حصل لك فيها مثل ذلك، أو بدأت بوادره، وتنتقل إلى أماكن أكثر أمنا.

ومن أهم هذه التدابير: ألا تأمن جانبا أحد حتى يخلو بك بعيدا عن الأعين والرقباء، بل امتنع من أن تكون في مكان واحد خاليا مع غيرك، ولو لم تذهب بالكيلة إلى المدرسة، أو الصالة أو نحو ذلك، مما تتوقع فيه الخلوة، ولا تركب مع أحد يخلو بك. واستعن بالله جل جلاله، واسأله أن يحفظك، ويكفيك شر كل ذي شر من خلقك.

ولعل الله قد كتب على يديك أن تفضح هؤلاء وتكف أذاهم عن المسلمين، نسأل الله أن يربط على قلبك وأن يعينك على التعامل مع محنتك.

وينظر جواب السؤال رقم: (151671).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android