كنت أقرأ تفسير ابن كثير و وصلت الآية ( والسماء ذات البروج ).اختار ابن جرير الرأي القائل بأن هذا يعني مواقع الشمس والقمر ، والتي هي اثني عشر نجما. الشمس تنتقل عبر كل واحد من هذه “النجوم” في شهر واحد. يسافر القمر عبر كل واحد من هذه النجوم في اليومين الثاني والثالث مما يصنع ما مجموعه ثمانية وعشرين موقعا ، وهو مخفي لمدة ليلتين. أنا لا أفهم هذا ، الرجاء هل يمكنكم التوضيح؟
تفسير (البروج) في قوله: (والسماء ذات البروج).
السؤال: 305977
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
اختلف العلماء في معنى قوله تعالى : وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ، فذهب بعضهم إلى أن معناها:
1- والسماء ذات القصور .
2- والسماء ذات الكواكب .
3- والسماء ذات النجوم .
4- والسماء ذات منازل الشمس والقمر .
انظر : “تفسير الطبري” (24/ 260 – 261).
قال ابن القيم : ” ومن ذلك إقسامُهُ -سبحانه- بالسماء ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) [البروج: 1 – 3].
وقد فُسِّرت “البروجُ “: بالبروجِ التي تنزلها الشمسُ والقمرُ والسيَّارةُ.
وفُسِّرَت: بالنُّجُوم، أو نوع منها.
وفُسِّرت: بالقُصور العِظَام.
وكلُّ ذلك من آيات قدرته، وشواهد وحدانيته، وأدلَّة ربوبيته؛ فإنَّ السماء كُرَةٌ متشابهة الأجزاء، والشَّكْل الكُرِي لا يتميَّز منه جانبٌ عن جانبٍ بطولٍ، ولا قِصَرٍ، ولا وضعٍ، بل هو متساوي الجوانب.
فجَعْلُ هذه “البروج ” ، في هذه الكرة ، على اختلاف صورها وأشكالها ومقاديرها : يستحيل أن توجد بغير فاعلٍ، ويستحيل أن يكون فاعله غير قادرٍ، ولا عالمٍ، ولا مُريدٍ، ولا حيٍّ، ولا حكيمٍ، ولا مباينٍ للمفعول.
وهذا ونحوه ممَّا هدم قواعد الطبائعية، والملاحدة، والفلاسفة الذين لا يثبتون للعالم ربًّا مباينًا له، قادرًا فاعلاً بالاختيار، عالمًا بتفاصيله، حكيمًا مُدَبِّرًا له.
فبروج السماء -وهي منازلها، أو منازل السيَّارة التي فيها- من أعظم آياته سبحانه، فلهذا أقسَمَ بها مع السماء “، انتهى من ” التبيان في أيمان القرآن ” (140).
ثانيًا :
ورجح الإمام “الطبري” أن البروج منازل الشمس والقمر، فقال: ” وَالسَّمَاءِ ذَاتِ مَنَازِلِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبُرُوجَ جَمْعُ بُرْجٍ ، وَهِيَ مَنَازِلُ تُتَّخَذُ عَالِيَةً عَنِ الْأَرْضِ مُرْتَفِعَةً ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء: 78] ، مَنَازِلُ مُرْتَفِعَةٌ عَالِيَةٌ فِي السَّمَاءِ ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا ، فَمَسِيرُ الْقَمَرِ فِي كُلِّ بُرْجٍ مِنْهَا يَوْمَانِ وَثُلُثٌ ، فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَنْزِلًا ، ثُمَّ يَسْتَسِرُ لَيْلَتَيْنِ ، وَمَسِيرُ الشَّمْسِ فِي كُلِّ بُرْجٍ مِنْهَا شَهْرٌ “.
ومعنى كلامه رحمه الله :
أن لكل من الشمس والقمر منازل ، ومنازل الشمس عددها ( 12 ) ، تبقى الشمس في كل منزل منها ( 30 ) يومًا تقريبًا ، وذلك مدة ( 365 يومًا ، وربع يوم )، وهي السنة الشمسية .
وتسمى هذه المنازل بالبروج ، وهذه البروج هي : برج الحمل ، برج الثور ، برج الجوزاء ، برج السرطان ، برج الأسد ، برج السنبلة ، برج الميزان ، برج العقرب ، برج القوس ، برج الجدي ، برج الدلو ، وبرج الحوت .
انظر : ” المخصص ” لابن سيده : (2/ 367).
والقمر له ثمانية وعشرون منزلا وأسماؤها: الشرطين، والبطين، والثرياء، والدبران، والهقعة، والهنعة، والذراع، والنسر، والطوف، والجبهة، والزبرة، والصرفة، والعواء، والسماك، والغفر، والزباني، والإكليل، والقلب، والشولة، والنعايم، والبلدة، وسعد الذابح، وسعد بلع، وسعد السعود، وسعد الأخبية، وفرع الدلو المقدم، وفرع الدلو المؤخر، وبطن الحوت.
وهذه المنازل مقسومة على البروج، وهي الاثنا عشر برجًا التي ذكرناها .
ولكل برج منزلان وثلث منزل، فينزل القمر كل ليلة منزلًا منها، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين، وإن كان تسعًا وعشرين، فليلة واحدة، فيكون تلك المنازل، ويكون مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يومًا، فيكون انقضاء السنة مع انقضائها.
انظر: ” تفسير البغوي ” (4/ 121 – 122).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب