تنزيل
0 / 0

حول صحة قصة زياد بن السكن ، الذي استشهد في أُحد .

السؤال: 309457

ما صحة هذه القصة التالية : ” صحابي جليل ، كان ممن دافعوا باستماتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد ، حتى أثخنته الجراح ، فوقع على الأرض ، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة أن يدنوه منه ، فأدنوه فوضع النبي خد ذلك الصحابي على رجله حتى استشهد ، إنه الصحابي الجليل زياد بن السكن ، وتحكي عن ذلك كتب السنة والسيرة أن سيدنا رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسلم لما ألْحَمَه القتال يوم أحد ، وخَلَص إليه ، ودنا منه الأعداء ، ذبَّ عنه مُصْعَب بن عُمَير حتى قُتِل ، وأبو دُجانة سِماك بن خَرَشَةَ ، حتى كثرت فيه الجراح ، وأصيب وَجْهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ، وثُلِمَتْ رُبَاعِيتُه ، وكُلِمَتْ شَفَتُه ، وأصِيبَتْ وَجْنَتُه ، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد ظَاهَرَ بين درعين ، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ( مَنْ يَبِيعُ لَنَا نَفْسَهُ )؟ فوثب فئة من الأنصار خمسة ، منهم: زياد بن السكن ، فقاتلوا ، حتى كان آخرهم زياد بن السكن ، فقاتل حتى أثْبِت ، ثم ثاب إليه ناس من المسلمين فقاتلوا عنه حتى أجْهَضُوا عنه العدو ، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لزياد بن السكن: (ادْنُ مِنِّي) ، وقد أثْبَتَتْه الجراحة ، فوسده رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قَدَمه حتى مات عليها، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو له ” ؟

ملخص الجواب

هذا الحديث من المغازي والسير ، ومعلوم أن أهل العلم لا يشددون في مثل هذه الأحاديث التي لا ينبني عليها حكم ؛ بل يتجوزون في أحاديث السير والمغازي المعروفة عند أهلها : ما لا يتجوزون في أسانيد غيرها . ولذا فهذا الحديث من قبيل الحسن إن شاء الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فإن قصة الصحابي الجليل زياد بن السكن قصة جاءت بإسناد حسن إن شاء الله .

أخرجه البخاري في “التاريخ الكبير” (8/314) ، وابن المبارك في “الجهاد” (88) ، والطبري في “تاريخه” (2/515) ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن منده في “المستخرج من كتب الناس للتذكرة” (1/341) ، والبيهقي في “دلائل النبوة” (3/234) ، جميعا من طريق محمد بن إسحاق ، قال : حَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا لَحَمَهُ الْقِتَالُ يَوْمَئِذٍ ، يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ ، وَخُلِصَ إِلَيْهِ , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ثَقُلَ ، وَظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ يَوْمَئِذٍ ، وَدَنَا مِنْهُ الْعَدُوُّ ، فَذَبَّ عَنْهُ الْمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ حَتَّى قُتِلَ ، وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِ الْجِرَاحَةُ ، وَأُصِيبَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَثُلِمَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَكُلِمَتْ شَفَتُهُ ، وَأُصِيبَتْ وَجْنَتُهُ .

فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ:  مَنْ رَجُلٌ يَبِيعُ لَنَا نَفْسَهُ ؟ 

فَوَثَبَ فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ خَمْسَةٌ ، فِيهِمْ: زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ ، فَقُتِلُوا ، حَتَّى كَانَ آخِرَهُمْ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ , فَقَاتَلَ حَتَّى أُثْبَتَ ، ثُمَّ ثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَاتَلُوا عَنْهُ حَتَّى أَجْهَضُوا عَنْهُ الْعَدُوَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَدْنِ مِنِّي  ، وَقَدْ أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ .

فَوَسَّدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَمَهُ ، حَتَّى مَاتَ عَلَيْهَا ، وَهُوَ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ “.

وإسناده حسن إن شاء الله .

محمد بن إسحاق حديثه حسن إن صرح بالتحديث ، وهنا قد صرح بالتحديث .

والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ : حسن الحديث أيضا .

قال فيه أبو داود :” حسن الحديث ” انتهى من “تهذيب التهذيب” (2/381) ، ووثقه الذهبي في “الكاشف” (1123) ، والسخاوي في “التحفة اللطيفة” (1007) .

وأما محمود بن عمرو بن يزيد بن السكن : فإنه مستور ، روى عنه اثنان ، ولم يوثقه أحد ، وهو من طبقة كبار التابعين .

قال ابن حجر في “نزهة النظر”  (ص121) :” إنْ روى عنه اثنان فصاعداً ، ولم يُوَثَّقْ: فهو مجهول الحال ، وهو المستور “انتهى.

ومجهول الحال لا يحتج بحديثه ، إلا إن كان من طبقة كبار التابعين ، ولم يخالف أو يأتِ بما يستنكر عليه ، فحديثه حسن إن شاء الله ، وهذا صنيع ابن كثير والذهبي وابن القيم والشيخ الألباني رحمهم الله تعالى .

قال الذهبي في خاتمة كتابه “ديوان الضعفاء” (ص477) :” وأما المجهولون من الرواة : فإن كان الرجل من كبار التابعين ، أو أوساطهم : احتمل حديثه ، وتلقي بحسن الظن ، إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ ” انتهى.

وقال ابن كثير في “اختصار علوم الحديث” (ص97) :” فأما المبهم الذي لم يسم ، أو من سمي ، ولا تعرف عينه : فهذا ممن لا يَقبل روايته أحد علمناه .

ولكنه إذا كان في عصر التابعين ، والقرون المشهود لهم بالخير:  فإنه يُستأنس بروايته ، ويُستضاء بها في مواطن ، وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير ” انتهى.

وهكذا فعل ابن القيم في رده على ابن القطان تضعيف حديث بجهالة حال تابعية ، فقال كما في “حاشيته على سنن أبي داود” (5/349) :” قال ابن القطان : وعندي أنه ضعيف ، لأنه من رواية يوسف بن ماهَك ، عن أمه مُسيكة ، وهي مجهولة ، لا نعرف روى عنها غير ابنها .

قال ابن القيم : والصواب تحسين الحديث ، فإن يوسف بن ماهك من التابعين ، وقد سمع أم هانئ وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو ، وقد روى عن أمه ، ولم يعلم فيها جرح .

ومثل هذا الحديث حسن عند أهل العلم بالحديث ، وأمه تابعية قد سمعت عائشة “. انتهى

قال الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (1/618) :” ومن مذهب بعض المحدثين ، كابن رجب وابن كثير : تحسين حديث المستور من التابعين “. انتهى

وهذا الحديث من المغازي والسير ، ومعلوم أن أهل العلم لا يشددون في مثل هذه الأحاديث التي لا ينبني عليها حكم ؛ بل يتجوزون في أحاديث السير والمغازي المعروفة عند أهلها : ما لا يتجوزون في أسانيد غيرها .

ولذا فهذا الحديث من قبيل الحسن إن شاء الله ، والله أعلم .

 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android