0 / 0
48,04905/09/2019

معنى الرؤية في قوله ( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما ) .

السؤال: 311220

قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ) ما المقصود بقول الله سبحانه وتعالى (أَوَلَمْ يَرَ) حيث إن خلق الكون لم يكن هناك مخلوق ليرى ، وكان عرش الرحمن على الماء فهل معناها رؤية الآية الكونية بعد الخلق أم ماذا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الرؤية هنا المراد بها “رؤية القلب” ، وهي : علمه وتبصره .

فالله سبحانه يقول :  أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ  الأنبياء/30 .

أي: أولم ينظر هؤلاء الكفار بأبصار قلوبهم فيروا بها ، ويعلموا أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين ، ففتقنا السماء بالغيث (المطر) ، وفتقنا الأرض بالنبات ، وجعلنا من الماء كل شيء حي .

انظر : “تفسير الطبري” (16/ 254)  .

قال “مكي” في “الهداية” (7/ 4748): ”  أو لم يعلم هؤلاء المشركون بقلوبهم، فيعلمون أن السماوات والأرض كان كل واحد منهما لا صدع فيه ، لا تمطر السماء ولا تنبت الأرض .

(ففتقناهما) أي: فصدعهما الله بالماء والنبات، فأنزل الله من السماء الماء، وأخرج من الأرض النبات ” ، انتهى .

قال “ابن كثير” في “التفسير” (5/ 339) : ” يَقُولُ تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى قُدْرَتِهِ التَّامَّةِ ، وَسُلْطَانِهِ الْعَظِيمِ فِي خَلْقِهِ الْأَشْيَاءَ ، وَقَهْرِهِ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ ، فَقَالَ : أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيِ : الْجَاحِدُونَ لِإِلَهِيَّتِهِ العابدون معه غيره ، ألم يعلموا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسْتَقِلُّ بِالْخَلْقِ ، الْمُسْتَبِدُّ بِالتَّدْبِيرِ ، فَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُهُ أَوْ يُشْرَكَ بِهِ مَا سِوَاهُ ، أَلَمْ يَرَوْا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا أَيْ : كَانَ الْجَمِيعُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ؛ مُتَلَاصِقٌ مُتَرَاكِمٌ ، بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ ؛ فَفَتَقَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ ، فجعل السموات سَبْعًا ، وَالْأَرْضَ سَبْعًا ، وَفَصَلَ بَيْنَ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَالْأَرْضِ بِالْهَوَاءِ ، فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ وَأَنْبَتَتِ الْأَرْضُ ؛ وَلِهَذَا قَالَ : وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ أَيْ : وَهُمْ يُشَاهِدُونَ الْمَخْلُوقَاتِ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا عِيَانًا ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ الْقَادِرِ عَلَى مَا يَشَاءُ :

فَفِي كُلّ شَيْءٍ لَهُ آيَة … تَدُلّ علَى أنَّه وَاحد”  انتهى .

وقال “السعدي” في “التفسير” (522): ” أي : أولم ينظر هؤلاء الذين كفروا بربهم ، وجحدوا الإخلاص له في العبودية ، ما يدلهم دلالة مشاهدة ، على أنه الرب المحمود الكريم المعبود ، فيشاهدون السماء والأرض فيجدونهما رتقًا ، هذه ليس فيها سحاب ولا مطر ، وهذه هامدة ميتة ، لا نبات فيها ، ففتقناهما : السماء بالمطر ، والأرض بالنبات ، أليس الذي أوجد في السماء السحاب ، بعد أن كان الجو صافيا لا قزعة فيه ، وأودع فيه الماء الغزير ، ثم ساقه إلى بلد ميت ; قد اغبرت أرجاؤه، وقحط عنه ماؤه ، فأمطره فيها ، فاهتزت ، وتحركت ، وربت ، وأنبتت من كل زوج بهيج ، مختلف الأنواع ، متعدد المنافع ، أليس ذلك دليلًا على أنه الحق ، وما سواه باطل ، وأنه محيي الموتى ، وأنه الرحمن الرحيم ؟ ولهذا قال : أَفَلا يُؤْمِنُونَ أي : إيمانًا صحيحًا ، ما فيه شك ولا شرك” ، انتهى .

فالخلاصة : أن الرؤية هنا رؤية القلب ، وهي علمه وإبصاره لآيات الله سبحانه وبحمده .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android