أنا من ولاية كيرلا في الهند ، وأغلب المسلمين على المذهب الشافعي ، وكذا يوجد أحناف ، وقلما أن يوجد غيرهم من المذاهب ، والأئمة يدعون دعاء جماعيا بعد كل صلاة ، والمأمومون يجهرون بالتأمين ، وكذلك يقنتون دائما في صلاة الفجر بعد الركوع ، وبعض الأحباب يريدون بناء مسجد جديد بقرب أو جوار المساجد الموجودة ؛ بحيث لا يكون فيها دعاء جماعي ، ولا قنوت في الفجر ، وفي نفس الوقت بعض الأحباب يقولون : إن مثل هذه المبادرات تتطرق إلى الفتنة ، وإلى التفريق بين المسلمين ، فما هو الأفضل ؟
هل يبنون مسجدا بجوار مسجد قديم بسبب قنوت الإمام في الفجر ودعائه بعد الفريضة؟
السؤال: 312669
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أمر الله تعالى المسلمين بالجماعة والائتلاف ، ونهاهم عن الفرقة والاختلاف ، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة معلومة . قال الله تعالى : وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ آل عمران/105 .
وقال تعالى : وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ الأنفال/46 .
، قال صلى الله عليه وسلم : يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ رواه الترمذي (2167) ، وصححه الألباني ، وقال : عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ رواه النسائي (847) وحسنه الألباني في “صحيح النسائي” ، وقال : الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد رواه الترمذي (2165) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .
فينبغي أن تحرصوا على ائتلاف القلوب ، ووحدة كلمة المسلمين ، وعدم تفرقهم .
ثانيا :
لا يجوز بناء مسجد بجانب مسجد آخر إلا بشرطين :
عدم قصد الإضرار بالمسجد الأول .
وجود الحاجة لذلك . كضيق المسجد الأول .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في “الاختيارات” (ص 64) :
“ويُنشأ مسجد إلى جنب آخر ، إذا كان محتاجا إليه ، ولم يقصد الضرر .
فإن قصد الضرر، أو لا حاجة: فلا يُنشأ ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، نقلها عنه محمد بن موسى ، ويجب هدمه” انتهى .
وينظر في بيان ذلك جواب السؤال رقم : (265794) .
وما ذكرته من دعاء الإمام بعد الصلاة وتأمين المأمومين جهرا ، وكذلك المداومة على القنوت في صلاة الفجر كل يوم : لا يعد حاجة لبناء مسجد بجانب المسجد الأول .
لأن هذه المسائل – وإن كان الصواب خلاف ما يفعله هؤلاء – مسائل اجتهادية ، قد قال بها بعض العلماء ، فمن قلدهم في اجتهادهم فلا إثم عليه، ولا ينكر عليه .
وليست كل المسائل التي يرى المسلم أنها بدعة أو معصية ، ينكر على من فعلها ، أو يهجره ويبتعد عنه ، فهناك من المسائل ما يسميه العلماء : “المسائل الاجتهادية” وهي التي ليس فيها نص قاطع، أو ظاهر ظهورا قويا ، وليس فيها إجماع أيضا، ولا قياس جلي ، بل هي مسائل تختلف فيها أنظار العلماء بناء على اجتهاد كل واحد منهم .
فهذه المسائل لا تثريب على من أخذ بأحد الأقوال اجتهادا ، أو تقليدا لمن أفتى بها .
وينظر في بيان ذلك السؤال رقم : (70491) .
فالذي ننصحكم به عدم بناء مسجد قريب من مسجد آخر ، حرصا على وحدة المسلمين ، وعدم تفرقهم .
وعليكم أن تبينوا السنة للناس برفق ولين ، حتى ييسر الله لكم بناء مسجد لا يكون بجوار غيره من المساجد تنشرون فيه السنة ، ولا تكونون سببا لتفرق المسلمين ، من أجل مسائل اجتهادية يتحمل الخلاف فيها .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة