لديّ سؤال في ما يتعلق بالإيمان بأن كلمة “الله” قد أشار إليها جميع الأنبياء على أنّه إله واحد لأمّتهم، يقول د. صالح الصالح في إحدى الرسائل: ” أنّ اسم “الله” قد أشار إليه جميع الأنبياء بمن فيهم آدم وعيسى وموسى وخاتم الأنبياء محمد بإعتباره الإله الحقيقي الواحد الذي يستحق العبادة وحده “، لكن هناك أمم مختلفة يتحدثون بلغات مختلفة، وكان هنالك أشخاص من تلك الدول على دراية بالكلمة العربية” الله “، أو هل الأنبياء قد اعتادوا أن يسمّوها بلغاتهم ما أسموه إلهًا واحدًا؟
لفظ الجلالة، ومعناه في اللغات السامية
السؤال: 314398
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولًا :
قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ إبراهيم/4 ، وهذا من كرم الله تعالى ورحمته ، أنه يرسل النبي بلغة قومه ولسانهم لكي يفهموا خطابه ، ولكي تقوم الحجة عليهم .
قال “ابن كثير” في “تفسيره” (4/ 477): “هَذَا مِنْ لُطْفِهِ تَعَالَى بِخَلْقِهِ : أَنَّهُ يُرْسِلُ إِلَيْهِمْ رُسُلًا مِنْهُمْ بِلُغَاتِهِمْ لِيَفْهَمُوا عَنْهُمْ مَا يُرِيدُونَ وَمَا أُرْسِلُوا بِهِ إِلَيْهِمْ “، انتهى .
وقال “السعدي” في “تفسيره” : “وهذا من لطفه بعباده أنه ما أرسل رسولا إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ما يحتاجون إليه ، ويتمكنون من تعلم ما أتى به ، بخلاف ما لو كانوا على غير لسانهم ، فإنهم يحتاجون إلى أن يتعلموا تلك اللغة التي يتكلم بها ، ثم يفهمون عنه ، فإذا بين لهم الرسول ما أمروا به ، ونهوا عنه وقامت عليهم حجة الله فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ ممن لم ينقد للهدى ، ويهدي من يشاء ممن اختصه برحمته “، انتهى .
فكان كلام أنبياء الله لقومهم باللغة التي يفهمونها ، ويتكلمون بها ، وبذلك قامت حجة الله تعالى عليهم .
ثانيًا :
“الله” علم على المعبود بحق، لا يطلق على غيره، ولم يجسر أحد من المخلوقين أن يتسمى به .
انظر: “الدر المصون” (1/ 23).
يقول ” السعدي ” : ” الله: هو المألوه المعبود، ذو الألوهية، والعبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال، وأخبر أنه الله الذي له جميع معاني الألوهية وأنه هو المألوه المستحق لمعاني الألوهية كلها، التي توجب أن يكون المعبود وحده المحمود وحده المشكور وحده المعظم المقدس ذو الجلال والإكرام.
واسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى، والصفات العلى، والله أعلم .
فإذا تدبر اسم الله عرف أن الله تعالى له جميع معاني الألوهية، وهي كمال الصفات والانفراد بها، وعدم الشريك في الأفعال لأن المألوه إنما يؤله لما قام به من صفات الكمال فيحب ويخضع له لأجلها، والباري جل جلاله لا يفوته من صفات الكمال شيء بوجه من الوجوه، أو يؤله أو بعبد لأجل نفعه وتوليه ونصره فيجلب النفع لمن عبده فيدفع عنه الضرر، ومن المعلوم أنَّ الله تعالى هو المالك لذلك كله، وأنَّ أحداً من الخلق لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا فإذا تقرر عنده أنَّ الله وحده المألوه أوجب له أن يعلق بربه حبه وخوفه ورجاءه، وأناب إليه في كل أموره، وقطع الالتفات إلى غيره من المخلوقين ممن ليس له من نفسه كمال ولا له فعال ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” ، انتهى من ” تفسير أسماء الله الحسنى ” (164).
ثالثا:
اختلف العلماء في استخدام لفظ “الله” في اللغات السامية ، قد تتبَّع الأستاذ “حسين الهمذاني” محقق كتاب “الزينة” للرازي ، اسم الله في العربية مقارنًا مع نظائره في اللغات السامية الأخرى فوجد أنه قد استُعمل بلفظ ( إلوه ) في العبرية و( إلاه ) في الآرامية و( ألوها ) في السريانية و( إلاَّه ) في العربية الجنوبية .
وقد ذكر الأستاذ “الهمذاني” أن الكلمة الأصلية للفظ الجلالة الله في جميع اللغات السامية هي “إلّ” .
انظر : كتاب “الزينة” في الكلمات العربية الإسلامية”، للرازي ، ت: الهمذاني (178 – 188).
وذكر بعض الباحثين عدة أمور وقف عليها بالبحث في أصل كلمة “الله” منها:
1- أن ” الله ” هو اسم علم على الله تعالى في الإسلام، وفي اللغة العربية، ولم يطلق هذا الاسم إلا على الخالق سبحانه وتعالى .
2- أن اللغة العربية هي أكثر اللغات حفظاً لمفرداتها وألفاظها ، وأكثرها مصداقية ؛ فلم تتعرض للاندثار أو للإهمال ، كما تعرضت اليهودية والآرامية ، وذلك بشهادة الغرب من مفسرين للكتاب المقدس عند النصارى ، أو بشهادة الموسوعات العالمية .
3- أن اللغة العبرية اندثرت فترات طويلة من الزمن ، لم تستخدم فيها كلغة تخاطب ، وتم إحياؤها بعد عدة قرون .
4- أن الحروف المتحركة في اللغة العبرية لم تتم إضافتها إلا متأخراً ، مما يشكك في مصداقية نطق الكلمات المكتوبة قبل اختراع هذه الحروف ، خاصة أنها لم تكن مستخدمة فتنقل بتواتر الحفظ، أو بتواتر المحادثة كما حدث في اللغة العربية .
5- أن اسم الله تعالى في العبرية ( إيل ) أو ( إيلوه ) وفي الآرامية ( إلوي ) ، وهو قريب من لفظ الجلالة ” الله ” ، مما يبين أنه مشتق من اللفظ العربي ” الله ” ، أو هو نفس اللفظ ، ولكن النطق اختلف لكتابته في المخطوطات العبرية والآرامية قبل استخدامهم للأحرف المتحركة .
وبطريقة أخرى سنجد أن : Elohim هي Eloah هي Elah هي Allah ، فلفظ الجلالة لم يتغير بتغير الزمن وهذا شرط رئيسي في اسم العَلَمِ على الخالق سبحانه وتعالى “.
وسجل الباحث أن ” الاسم ( الله ) : هو اسم علم على الخالق في اللغات العربية والآرامية والعبرية ، ولكن لحقه التغيير في كل من العبرية والآرامية لأن كلتا اللغتين تلاشتا لفترة طويلة ، بالإضافة إلى أن تدوينهما كان ينقصه وضع الأحرف المتحركة ( العلة ) ، مما غير في نطقهمها عن النطق المجهول لهما في قديم الزمان.
فتواتر الحفظ والنطق كان معدوماً ، والأحرف المتحركة ( العلة ) لم تكن استخدمت .
ويفخر أهل اللغة العربية بشهادة كل علماء اللغة أنها لاقت أكبر عناية ولم تتعرض للاندثار أو للتهميش فتواترت ألفاظها على مر الزمان ، وتواتر حفظ القرآن الكريم وحفظ الشعر العربي ، ثم جاء التدوين بعد ذلك يهتم بالنطق بدقة متناهية ، واستمرت اللغة حية يتكلم بها مئات الملايين ويكتبها ويقرأها مئات الملايين ” .
انظر:
http://bit.ly/37rsNEZ
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب