ما صحة هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال من شرب الحرمل أربعين صباحا كل يوم مثقالا لاستنارت الحكمة في قلبه، وعوفي من اثنين وسبعين داء أهونها الجذام) ؟
حديث عن فوائد الحرمل
السؤال: 319540
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لم نقف على أصل لهذا الحديث بهذا اللفظ، وما ورد فيه أن الحرمل يُكسب الحكمة، أمر غريب فلم يعهد أن الحكمة تُحصَّل بالمآكل والمشارب!
بل المعهود أن الحكمة المكتسبة يتوصل إليها بعون الله تعالى بالتفقه في الدين، وملازمة التقوى، والأعمال الصالحة، واستفادة الإنسان من تجارب نفسه وتجارب الآخرين.
وأما كون الحرمل دواء من اثنين وسبعين داء، فقد ورد في حديث رواه أبو القاسم ابن بشكوال بإسناده؛ عن عَوْن بْن يُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ قَالَ: أخبرني إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ عَنْ بَعْضِ الْقُرَشِيِّينَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَنْبُتُ عِرْقٌ مِنْ حَرْمَلٍ وَلا أَصْلٌ وَلا فَرْعٌ وَلا وَرَقَةٌ وَلا زَهْرَةٌ، إِلا وَمَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا، حَتَّى تَصِلُ إِلَى مَنْ وَصَلَتْ إِلَيْهِ، وَإِنَّ فِي أَصْلِهَا وَفَرْعِهَا النُّشْرَةَ وَإِنَّ فِي حَبِّهَا الشِّفَاءُ مِنَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دَاءً… انتهى من”الآثار المروية في الأطعمة” (ص 297).
وهذا إسناد ضعيف جدا؛ لأن يزيد بن أبي حبيب لم يسمع من ابن عمر، فهو منقطع، قال الدارقطني رحمه الله تعالى:
” لم يسمع يزيد بن أبي حبيب من ابن عمر، ولا سمع من أحد من الصحابة…” انتهى من “العلل” (12 / 421).
وفيه جهالة القرشيين، كما أن عون بن يوسف ضعفه الدارقطني، كما في “لسان الميزان” (6 / 253).
وقال محقق الكتاب: ” رواه عبد الملك بن حبيب في كتاب الطب (ق / 74) قال: حدثنا عبد العزيز الأويسي عن إسماعيل بن عياش عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا به نحوه “.
وفيه انقطاع، فيزيد بن أبي حبيب لم يسمع من عبد الله بن عمرو بن العاص.
وإسماعيل بن عياش شامي، ويزيد مصري، ولم نقف ما يدل على لقائه به، خاصة وأن يزيد توفي وليس لإسماعيل إلا حوالي عشرين عاما.
كما أن رواية إسماعيل عن غير أهل بلده ضعفها عدد من أهل العلم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
” إسماعيل ابن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم ” انتهى من “تقريب التهذيب” (ص 109).
وعبد الملك بن حبيب نفسه قد ضعف حديثه أهل العلم. “لسان الميزان” (5 / 255 – 259).
ومتنه يشير إلى أنه مكذوب؛ لأن مثل هذه المبالغات لا تشبه حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” ونحن ننبه على أمور كلية، يعرف بها كون الحديث موضوعا:
فمنها: اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة جدا… ” انتهى من”المنار المنيف” (ص 50).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب