تنزيل
0 / 0

هل صح حديث : ” من كثر ماله اشتد حسابه ” ؟

السؤال: 321219

سمعت جملة تقول :” من كثر ماله اشتد حسابه”، لا أعلم إذا كانت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو من الصحابة رضوان الله عليهم ، فما مدى صحة هذه الجملة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

أخرج أبو نعيم في “حلية الأولياء” (3/ 274) من طريق هَنَّاد بْن السَّرِيِّ ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا ازْدَادَ رَجُلٌ مِنَ السُّلْطَانِ قُرْبًا ، إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللهِ بُعْدًا ، وَلَا كَثُرَ أَتْبَاعُهُ ، إِلَّا كَثُرَتْ شَيَاطِينُهُ ، وَلَا كَثُرَ مَالُهُ ، إِلَّا اشْتَدَّ حِسَابُهُ .

وهو حديث ضعيف جدًا ، وفيه ثلاث علل :

1- أنه حديث مرسل ؛ لأن عبيد بن عمير لم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

2- أنه حديث منقطع ؛ لأن الحسن بن مسلم لم يدرك عبيد بن عمير .

وينظر : “تهذيب الكمال” (6 /325).

3- فيه ليث بن أبي سليم ، وهو ضعيف الحديث ؛ لاختلاطه .

قال الحافظ في “تهذيب التهذيب” (8/ 468):  

” قال ابن سعد : كان رجلاً صالحا عابدًا ، و كان ضعيفًا في الحديث .

وقال ابن حبان : اختلط في آخر عمره ، فكان يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل ، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم ، تركه القطان وابن مهدى وابن معين وأحمد . 

وقال الحاكم أبو أحمد : ليس بالقوى عندهم ” انتهى. 

وقد ضعف الحديث الألباني رحمه الله في “السلسلة الضعيفة”: (9/ 411).

وروي بلفظ مقارب من قول ابن مسعود رضي الله عنه ، 

أخرجه ابن جرير الطبري في “تهذيب الآثار” (1/ 304) : عَنْ مروان بن معاوية عن مُغِيرَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : ” مَنْ كَسَبَ مَالًا حَرَامًا لَمْ تُطَيِّبْهُ الزَّكَاةُ ، وَمَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ طَيِّبٍ ، خَبَّثَ مَالَهُ مَنْعُ الزَّكَاةِ ، وَمَنْ كَثُرَ مَالُهُ،  كَثُرَ حِسَابُهُ ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا ” انتهى.

وهو أثر ضعيف منقطع ؛ لأن مغيرة بن مسلم لم يدرك سويدًا .

ومروان بن معاوية كان يدلس أسماء الشيوخ.

قال الحافظ في “تهذيب التهذيب” (10/ 98) : 

” قال الآجرى ، عن أبى داود : كان يقلب الأسماء . 

وقال ابن أبى خيثمة ، عن ابن معين : كان مروان يغير الأسماء ؛ يعمي على الناس ، كان يحدثنا عن الحكم بن أبى خالد ، وإنما هو حكم بن ظهير ” انتهى.

وقد روي أيضًا من قول عبيد بن عمير ، فقد أخرجه أبو بكر المروذي في “أخبار الشيوخ وأخلاقهم” (ص: 141) : من طريق جَرِير ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَنَّاقٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : ” مَنِ ازْدَادَ مِنْهُمْ قُرْبًا ازْدَادَ اللَّهُ مِنْهُ بُعْدًا ، وَمَنْ كَثُرَ مَالُهُ اشْتَدَّ حِسَابُهُ ، وَمَنْ كَثُرَ تِبَاعُهُ كَثُرَتْ شَيَاطِينُهُ ” انتهى.

وهو خبر منقطع ضعيف ، ففيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف كما تقدم بيانه ، والحسن بن مسلم لم يدرك عبيد بن عمير .

ثانيًا:

على الرغم من ضعف الخبر ؛ إلا أن بعض مضامينه لها شواهد في صحيح السنة النبوية، منها:

ما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ ، بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا  أخرجه مسلم (37).

وما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :   يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ ؛ نِصْفِ يَوْمٍ   أخرجه الترمذي (2353)، وابن ماجه (4122) وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، ووافقه الألباني.

قال ابن علان في “دليل الفالحين” (4/ 421) : ” ( دخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام) ؛ لحبس الأغنياء تلك المدةَ في الموقف حتى يحاسبوا عما خُولوه من الغنى ؛ من أين اكتسبوه، وفيم أذهبوه ” انتهى.

وقال ابن عثيمين في “شرح رياض الصالحين” (3/ 380) : ” وذلك لأن الفقراء ليس عندهم ما يطغيهم ، فهم متمسكنون خاضعون ” انتهى.

وقال فيصل المبارك في “تطريز رياض الصالحين” (ص: 326) ” فيه : فضل الفقير الصابر على الغني الشاكر ؛ لأن الأغنياء يحبسون للحساب ” انتهى.

وما جاء عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :   لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ   أخرجه الترمذي (2417) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

ويدل الحديث على أنه كلما كثر مال العبد : طال حسابه ؛ لأنه سيُسأل عن كل درهم، من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه !

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android