هل فضل حديث المرأة السوداء التي تصرع خاص بها ؟ وهو (إن شئتي صبرتِ ولكِ الجنة) أم عام لكل من كان في مثل بلائها ؟
الصابر على الصرع هل هو موعود بالجنة، كحال الصحابية التي كانت تصرع؟
السؤال: 324588
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
عن عَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: ” أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي.
قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ .
فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا “رواه البخاري (5652)، ومسلم (2576).
هذا الحديث علق البشرى بالجنة على الصبر؛ وهذا يشير إلى عدم خصوصية هذا الفضل بهذه الصحابية رضوان الله عليها دون غيرها من المسلمين الصابرين؛ خاصة وأن هذه المفهوم يدل عليه عموم نص القرآن، حيث قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ البقرة /155 – 157 .
ولذا تتابع أهل العلم على الإشارة إلى عموم هذا الفضل لكل صابر على المصائب المؤلمة.
فبّوب عليه البخاري رحمه الله تعالى بقوله: “بَابُ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ مِنَ الرِّيحِ”.
وقال ابن هبيرة رحمه الله تعالى:
” في هذا الحديث ما يدل على من ابتلي بمثل ما ابتليت به هذه المرأة ، فصبر كما صبرت ، كان له مثل ما وعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه علل دخول الجنة بصبرها ، فاختارت الصبر.
فاقتضى مفهومُ الخطاب أن كل من كانت حالُه مثل حالها ، وصبر ، مختارا للصبر على العافية: رجي له من فضل الله عز وجل ما رجي لها ” انتهى من”الإفصاح” (3 / 46).
وقال ابن بطال رحمه الله تعالى:
” فيه فضل الصرع، وفيه أن اختيار البلاء، والصبر عليه: يورث الجنة ” انتهى من”شرح صحيح البخاري” (9 / 376).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
” وفي الحديث فضل من يصرع، وأن الصبر على بلايا الدنيا: يورث الجنة ” انتهى من”فتح الباري” (10 / 115).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
” ففي هذا دليل على فضيلة الصبر، وأنه سبب لدخول الجنة. والله الموفق. ” انتهى من “شرح رياض الصالحين” (1 / 239).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب