0 / 0

حكم قول: تحت أجنحة الرحمة

السؤال: 329288

هل يجوز قول تحت أجنحة رحمته ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا : الرحمة صفةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة

الرحمة صفةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة ، و(الرحمن) و(الرحيم) من أسمائه تعالى ، تكرَّرا في الكتاب والسنة مراتٍ عديدة .

قال تعالى:  الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الفاتحة/1-2 ، وقال تعالى:  أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحيمٌ  البقرة/218 .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  لما خلق الله الخلق، كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إنَّ رحمتي تغلب (أو: غلبت) غضبي   رواه "البخاري" (3194) ، و"مسلم" (2751) .

انظر : "صفات الله" ،علوى السقاف(174 – 175) .

ثانيًا : الرحمة والبركة المضافتان إلى الله -تبارك وتعالى- نوعان

الرحمة والبركة المضافتان إلى الله -تبارك وتعالى- نوعان:

أحدهما: مضاف إليه إضافة مفعول إلى فاعله.

والثاني: مضاف إليه إضافة صفة إلى الموصوف بها.

فمن الأول قوله في الحديث الصحيح: "احْتَجَّتِ الجنةُ والنَّارُ" فذكر الحديث، وفيه: "فقال للجنةِ: إنَّما أنْتِ رَحْمتي أرْحم بكِ منْ أشَاءُ"، فهذه رحمة: مخلوقة مضافة إليه إضافة المخلوق بالرحمة إلى الخالق تعالى، وسماها رحمةً؛ لأنها خُلِقت بالرحمة وللرحمة، وخُصَّ بها أهل الرحمة، وإنما يدخلها الرّحماء، ومنه قوله – صلى الله عليه وسلم -:  خلقَ الله الرَّحمةَ يومَ خَلَقها مائةَ رحمة كلُّ رحمة منها طِبَاق ما بينَ السَّماء والأرض  ومنه قوله تعالى: وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً [هود: 9] ومنه تسميته -تعالى- المطرَ رحمةً بقوله: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ [الأعراف: 57] "، انتهى من "بدائع الفوائد" (2/ 676 – 677) .

وقال "ابن تيمية" في "الفتاوى" (8/ 127) : " كما أنه رحمن رحيم بالرحمة التي هي صفته ، وأما ما يخلقه من الرحمة فهو أثر تلك الرحمة .

واسم الصفة يقع تارة على الصفة التي هي مسمى المصدر ، ويقع تارة على متعلقها الذي هو مسمى المفعول ، كلفظ " الخلق " يقع تارة على الفعل وعلى المخلوق أخرى ، والرحمة تقع على هذا وهذا " انتهى .

ثالثًا : التعليق على كلمة  ( تحت أجنحة رحمته  ) 

كلمة "تحت أجنحة رحمته" إن قصد بها الصفة ، فهو خطأٌ ولا يجوز ، لأن باب الصفات توقيف، لا يجوز القول فيه بغير ما ورد في الشرع المطهر، حتى وإن كان ذلك على وجه الكناية والمجاز، وسعة العربية.

يقول الإمام أبو منصور الأزهري، رحمه الله:

" والواحد في صفة الله معناه: أنه لا ثاني له، ويجوز أن يُنعت الشيء بأنه واحدٌ، فأما أحدٌ فلا يوصف به غير الله، لِخُلوص هذا الاسم الشريف له جل ثناؤه …

وأما قول الناس: توحَّد الله بالأمر، وتفرد؛ فإنه، وإن كان صحيحًا في العربية، فإني لا أُحبُّ أن ألفظ بلفظٍ في صفة الله لم يصف به نفسه في التنزيل أو في السنة، ولم أجد المتوحِّد ولا المتفرد في صفاته.

وإنما ننتهي في صفات الله، إلى ما وصف به نفسه، ولا نجاوزه إلى غيره، لجوازه في العربية؛ تعالى الله عن التمثيل والتشبيه علوًّا كبيرًا" انتهى من "تهذيب اللغة" (3/189).

وأما إن قُصدت بعض أنواع الرحمة المخلوقة ، كالمطر ، ونحو ذلك ، فالأمر فيه واسع ، ولا يظهر ما يمنع منه.

وعند الاشتباه، أو عدم تبين الحال: ينبغي الإمساك عن العبارات المتحملة، والمجملة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" الواجب : إطلاق العبارات الحسنة ، وهي المأثورة التي جاءت بها النصوص، والتفصيل في العبارات المجملة المشتبهة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (8/294) .

وينظر جواب السؤال رقم : (127681).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android