0 / 0

نذرت إن رجع شخص معين أن تصوم وتتلو القران، فرجع ومكث زمنا ثم ذهب

السؤال: 330388

أنا من فترة نذرت نذرا معلقا بحدوث شئ ما، يعنى قلت: إن حصل الشيء الذي أريد سوف أصوم 3 أيام، وأختم المصحف، وبالفعل حصل ما كنت أريد، لكن لفترة فقط، والأمر الذي كنت أريده توقف، يعني لم يتم، قلت: إن رجع فلان سوف أقوم بالصيام، وختم المصحف، وصمت 3 أيام، لكن تهاونت في قراءة المصحف، حيث قرأت النصف فقط، والآن الشخص الذي كنت أريده ذهب، وأنا لم أكمل نذري، فكيف أفعل؟ هل أتمم الوفاء بالنذر، رغم توقف ما أريد؟ وهل حصل لي هذا بسبب تهاوني في إتمام نذري؟ وما هي عقوبة التأخر، وعدم الوفاء بالنذر؟

الجواب

أولا:

النذر ليس سببا لحصول المطلوب

على المسلم عند حاجته : أن يتضرع إلى الله تعالى ، ويدعوه ويطلب منه تحقيق حاجته.

قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ البقرة/186.

وقال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ غافر/60.

والنذر ، ليس من الأسباب التي يحصل بها المطلوب، بل قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ رواه البخاري (6608)، ومسلم (1639).

لكن من صدر منه النذر فعليه الوفاء به إن كان طاعة لله تعالى.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ رواه البخاري (6696).

ثانيا:

متى حصل مقصود الناذر وجب عليه الوفاء بنذره فوراً 

النذر المعلق على شرط : يلزم صاحبه ، متى تحقق شرطه ، وقد نذرت أنه متى رجع غائبك، صمت ثلاثة أيام، وختمت المصحف؛ فلزمك الوفاء بالنذر؛ لأنه قد رجع؛ خاصة وقد شرعت في الوفاء ببعض نذرك؛ فدل ذلك على تحقق مطلوبك من النذر .

وأما إذا ذهب بعد ذلك، فإنه لا يؤثر في النذر، ولا يسقط الوفاء عنك .

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بالنذر، كما في الحديث السابق مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، والأصل في الأوامر أنها على الفور.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" ( الأمر يقتضي فعل المأمور على الفور في ظاهر المذهب، وهو قول الحنفية. وقال أكثر الشافعية: هو على التراخي… ) إلخ.

خلاصة ما ذكره في هذا المبحث أن فيه القولين المذكورين.

وكونه للفور هو الحق لأمور:

الأول: أن ظواهر النصوص تدل عليه، كقوله تعالى: ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ )، ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) الآية. وقوله: ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) الآية. وقد مدح الله تعالى المسارعين بقوله: ( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ) الآية.

الثاني: أن السيد لو أمر عبده فلم يمتثل، فعاقبه، لم يكن له عذر بأن الأمر على التراخي، وذلك مفهوم من وضع اللغة…

وقد حذر تعالى من التراخي لئلا يفوت التدارك باقتراب الأجل، بقوله: ( أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ) ولا سيما والإنسان طويل الأمل " انتهى من"مذكرة في أصول الفقه" (ص 306 – 308).

وسُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" لقد نذرت لله سبحانه وتعالى نذرا، وهو أن أصلي 10 ركعات إذا خفَّت رجلي من الألم، والآن لا أدري أيجوز أن أصلي العشر ركعات كل يوم ركعتين، إلى أن أتمها، فيصبح إتمامها بخمسة أيام؟ أم يجب أن أصلي العشر في وقت واحد بمعنى في يوم واحد؟ أفيدوني أفادكم الله.

فأجاب: إذا وجد الشرط المذكور وهو خفة الألم، فالواجب عليك الوفاء بالنذر فورا ، فتصلي عشر ركعات في غير وقت النهي …" انتهى من" مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز" (23 / 166).

ثالثا:

عقوبة عدم الوفاء بالنذر

عدم الوفاء بالنذر ذنب عظيم ، وهو نوع من إخلاف الوعد مع الله تعالى.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" إذا قال: إن سلّمني الله تصدقت، أو لأتصدقن، فهو وعد وعده الله فعليه أن يفي به، وإلا دخل في قوله:  وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ .

فوعد العبدِ ربَّه نذر ، يجب عليه أن يفي له به؛ فإنه جعله جزاء وشكرا له على نعمته عليه، فجرى مجرى عقود المعاوضات، لا عقود التبرعات، وهو أولى باللزوم من أن يقول ابتداء: " لله علي كذا "؛ فإن هذا التزام منه لنفسه أن يفعل ذلك، والأول تعليق بشرط، وقد وجد، فيجب فعل المشروط عنده؛ لالتزامه له بوعده.

فإن الالتزام تارة يكون بصريح الإيجاب، وتارة يكون بالوعد، وتارة يكون بالشروع كشروعه في الجهاد والحج والعمرة، والالتزام بالوعد آكد من الالتزام بالشروع، وآكد من الالتزام بصريح الإيجاب؛ فإن الله سبحانه ذم من خالف ما التزمه له بالوعد، وعاقبه بالنفاق في قلبه، ومدح من وفَّى بما نذره له، وأمر بإتمام ما شرع فيه له من الحج والعمرة، فجاء الالتزام بالوعد آكد الأقسام الثلاثة، وإخلافه يعقب النفاق في القلب " انتهى من "أعلام الموقعين" (3 /361).

وراجعي للأهمية جواب سؤال: (عقوبة عدم الوفاء بالنذر).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android