تنزيل
0 / 0
2,42118/10/2023

هل الوعد بالهبة ملزم؟

السؤال: 331148

إذا أخبرت صديقي بأنني سأعطيه بعض المال كهدية، لكنني لم أعطه المال فعلاً، فهل هذا يعني أنني مدين له بالمال، الآن وقد صار عليّ دين يجب أن أدفعه له؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

الوفاء بالوعد من صفات المؤمنين ، وإخلافه من صفات المنافقين ، كما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أربع مَن كنَّ فيه كان منافقاً ، ومن كانت فيه خصلة من أربعة : كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلفَ، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر  رواه البخاري (2327)، ومسلم (58).

ومن يواعد الناس ويخلف وعده له حالان:

الأول : أن يكون معذورًا في إخلاف وعده ، وفي هذه الحالة لا إثم عليه ولا ملامة ، ولكن ينبغي أن يعتذر ممن وعده ، ويبين له السبب إن أمكنه ذلك ، مراعاة لمشاعره ، ودفعا لظن السوء به.

وينظر لمعرفة بعض الأعذار التي تؤدي إلى إخلاف الوعد في الفتوى رقم: (30861).

الثاني : ألا يكون معذورًا في إخلاف وعده ، فحكمه بين التحريم والكراهة الشديدة .

وينظر لمزيد من الفائدة أجوبة الأسئلة أرقام: (160964)، (264311)، (408688)

ثانيا:

اختلف العلماء في مسألة الرجوع في الوعد بالهبة على قولين: 

القول الأول: أن الوعد بالهبة غير ملزم ، فمن وعد آخر بهبة ثم رجع في وعده: لا يلزمه دفعها إليه ، ولكن الواعد إذا ترك الوفاء به ، فقد فاته الفضل ، وارتكب المكروه كراهة تنزيهية شديدة؛ وإن كان لا يأثم. 

وذهب إلى ذلك : الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة ، وقول للإمام مالك . 

وينظر : "الهداية" (3/248)، و"نهاية المحتاج"(5/422)، و"الفروع" لابن مفلح (6/415).

بل قد حكى ابن عبد البر عدم الخلاف في ذلك فقال في "الاستذكار" (5/ 159) : " وَفِي هَذَا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْعِدَةَ وَاجِبٌ الْوَفَاءُ بِهَا ، وُجُوبَ سُنَّةٍ ، وَذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ الْإِيمَانِ …

وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَرْضًا : لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ وُعِدَ بِمَالٍ مَا ؛ لَمْ يَضْرِبْ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ [ أي : لا يكون الواعد مدينا له] .

كَذَلِكَ قُلْنَا : إِيجَابُ الْوَفَاءِ بِهِ: حَسَنٌ فِي الْمُرُوءَةِ ؛ وَلَا يُقْضَى بِهِ.

وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا: أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحْسَنٌ، يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ، وَالْمَدْحَ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ، وَيَسْتَحِقُّ عَلَى الْخُلْفِ فِي ذَلِكَ الذَّمَّ " انتهى.

القول الثاني : وهو قول المالكية ، أنه لا يجوز الرجوع في الوعد إذا أدخله في سبب ملزم أو غرم بسبب وعده ، وذلك كما إذا وعده أن يسلفه ثمن دار يريد شراءها ، فاشتراها الموعود حقيقة ، أو أن يقرضه مبلغ المهر في الزواج ، فتزوج اعتمادا على هذا الوعد ؛ ففي هاتين الحالتين وأمثالهما : يلزم الواعد قضاء بإنجاز وعده. أما إذا لم يباشر الموعود السبب ، فلا يلزم الواعد بشيء .

وقال القرافي: " قال ابن يونس: إذا سألك أن تهب له دينارًا ، فقلت : نعم ، ثم بدا لك ، قال مالك : لا يلزمك. . . قال سحنون : الذي يلزم من العِدَةِ : اهدم دارك وأنا أسلفك ، أو اخرج إلى الحج ، أو تزوج امرأة وأنا أسلفك ، لأنك أدخلته بوعدك في ذلك ، أما مجردًا لوعد فلا يلزم ، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق " انتهى من "الذخيرة" (6/297).

وينظر جواب السؤال (402245)

وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (11/70-72):

" إذا تمت الهبة بالإيجاب والقبول ، بأن قال : وهبتك كتابي الفلاني ، فقال : قبلت ، ولم يسلمه له ، ثم رجع ، فرجوعه جائز ؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض.

والدليل على أن الهبة لا تلزم إلا بالقبض : أن أبا بكر رضي الله عنه ، وهب عائشة رضي الله عنها ثمرة نخل ، ثم لما مرض رجع فيها ، وقال لها : لو أنك جذذتيه كان لك ، أما الآن فهو ميراث ، فدل هذا على أنها لا تلزم إلا بالقبض …

ولو وهب شيئاً ، ولم يُقبِضه ، ثم باعه ، فإن البيع يصح ؛ لأن الهبة لا تلزم ، إلا بالقبض " انتهى بتصرف يسير.

والحاصل: أنك لست مدينًا لصديقك بالمال الذي وعدته به؛ لأن الهدية لا تلزم إلا بالقبض، ولكن إذا كنت أخلفت وعدك بغير عذر فقد وقعت في كراهة شديدة.

والله أعلم.
 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android