قرأت فيما سبق حديثا غريبا عن أم وأب الدجال، وأنهم مؤمنون، وفي الحديث أيضا أنه في البداية يدعي الصلاح، ثم النبوة، ثم الألوهية، وحين يدعي الألوهية تغضب أمه فيلقيها في النار، ولكنني لاحقا بحثت كثيرا عن الحديث فلم أجده، فهل يمكن أن تعطوني نص الحديث؟ ومدى وصحته ؟
هل الدجال يولد في أسرة مؤمنة؟ وهل يدّعي الصلاح في بداية خروجه؟
السؤال: 332068
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الثابت من قصة الدجال أنه موجود منذ زمن قديم.كما في حديث فَاطِمَةَ بِنْت قَيْسٍ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ: " سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي، مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:
إِنِّي، وَاللهِ! مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمِ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ، مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَت: أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ! مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً…
قَالَ: وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً – أَوْ وَاحِدًا – مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا
، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ: هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ – يَعْنِي الْمَدِينَةَ – أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ، أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ، أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ، لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، مَا هُوَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ، قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رواه مسلم (2942).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" والمقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعا; لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية، فإنه فيصل في هذا المقام. والله أعلم." انتهى من "البداية والنهاية" (19 / 127).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" فمقتضى حديث فاطمة بنت قيس في قصة تميم الداري الذي أخرجه مسلم : أنه كان موجودا في العهد النبوي ، وأنه محبوس في بعض الجزائر " انتهى من "فتح الباري" (13 / 91).
وأما حديث أنه سيولد من أبوين مؤمنين ، وأنه يقتل أمه ونحو هذا : فلم نقف على خبر بهذا المعنى.
وينظر ما جاء في شأن ابن صياد ، واشتباه أمره على العلماء : هل هو الدجال أم غيره ، في جواب السؤال رقم: : (8301)، ورقم : (274431)، ورقم : (286116)
ثانيا:
وأما أنه يبدأ حاله عند خروجه بادّعاء الصلاح والإسلام ثم ادعاء النبوة ثم ادعاء الربوبية:
فقد روي في هذا حديث رواه الطبراني، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4 / 1791)؛ عن سَعِيد بْن مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيّ الْكُوفِيّ، حدثنا سَلَامُ بْنُ صَالِحٍ – كذا، والصواب حَلاَّم بْن صَالِحٍ- ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ شِهَابٍ الْعَبْسِيُّ، قَالَ:نَزَلَ عَلَيَّ عَبْدُ اللهِ بْنِ مُعْتِمٍ – وبعضهم يسميه بْن مغنم، وبعضهم: بن المعتمر- ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
الدَّجَّالُ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ ؛ إِنَّهُ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، فَيَدْعُو إِلَى حَقٍّ فَيُتَّبَعُ، وَيَنْصِبُ لِلنَّاسِ فَيُقَاتِلُهُمْ، فَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَزَالُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَقْدَمَ الْكُوفَةَ، فَيُظْهِرُ دِينَ اللهِ، وَيُعْمَلُ بِهِ فَيُتَّبَعُ، وَيَحُثُّ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنِّي نَبِيُّ، فَيَفْزَعُ مِنْ ذَلِكَ كُلُّ ذِي لُبٍّ وَيُفَارِقُهُ .
فَيَمْكُثُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ: أَنَا اللهُ ، فَتُغْمَسُ عَيْنُهُ الْيُمْنَى، وَتُقْطَعُ أُذُنَاهُ، وَيُكْتَبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، فَلَا يَخْفَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَيُفَارِقُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنَ الْإِيمَانِ، وَيَكُونُ أَصْحَابُهُ وَجُنُودُهُ الْمَجُوسَ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وَهَذِهِ الْأَعَاجِمُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ يَدْعُو بِرَجُلٍ فِيمَا يَرَوْنَ فَيَأْمُرُ بِهِ، فَيُقْتَلُ، ثُمَّ تُقَطَّعُ أَعْضَاؤُهُ كُلُّ عُضْو عَلَى حِدَةٍ، فَيُفَرِّقُ بَيْنَهَا، حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهَا، ثُمَّ يَضْرِبُهُ بِعَصَاهُ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَيَقُولُ: أَنَا اللهُ الَّذِي أُحْيِي وَأُمِيتُ، وَذَلِكَ سِحْرٌ، يَسْحَرُ بِهِ أَعْيُنَ النَّاسِ، لَيْسَ يَصْنَعُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا
.
وقد وقع اضطراب في تعيين الراوي سَعِيد بْن مُحَمَّد، فهنا عُرِّف بأنه سَعِيد بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ الْكُوفِيُّ، وقد وُثِّق.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" سعيد بن محمد الجرمي، عن شريك، وحاتم بن إسماعيل، وعنه البخاري، ومسلم، وإبراهيم المخرمي ثقة يتشيع" انتهى من "الكاشف" (1 / 443).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" سعيد بن محمد بن سعيد الجرمي، الكوفي صدوق رمي بالتشيّع " انتهى من "تقريب التهذيب" (ص 240).
وفي مصنفات أخرى عُرِّف بأنه سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ الثقفي، وهو ضعيف.
وعلى هذا الوجه ورد عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (2 / 229)، وعند الهيثمي، حيث قال رحمه الله تعالى:
" رواه الطّبرانيّ، وفيه سعيد بن محمّد الورّاق ، وهو متروك " انتهى من "مجمع الزوائد" (7 / 340).
وعلى هذا الوجه ساقه ابن كثير عن الطبراني، ثم قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" قال شيخنا الذهبي: ورواه يحيى بن موسى عن سعيد بن محمد الثقفي؛ وهو واه " انتهى من "البداية والنهاية" (19 / 209 – 210).
لكن ابن كثير في "جامع المسانيد" (5 / 395) ذكره بأنه الجرمي الكوفي، وانقلب اسمه عنده إلى محمد بن سعيد.
والذي يترجح أنه الوراق الثقفي، لأنه هو المذكور في شيوخه حلام بن صالح، وعنه يحيى بن موسى، كما في إسناد هذا الحديث.
وعلى أية حال؛ فقد تابعه عبد الله بن نمير، عند ابن أبي شيبة في "المصنف" (21 / 348)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (6 / 202):
عن عَبْد اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عن حَلاَّم بْن صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ شِهَابٍ الْعَبْسِيِّ، عن عَبْد اللهِ بْن مغنم.
فالحديث ليست علته سعيد بن محمد هذا، ولكن علته سليمان بن شهاب، فهو مجهول.
قال ابن أبي حاتم:
" سليمان بن شهاب العبسي: روى عن عبد الله بن معتمر – بْن مغنم – روى عنه حلام بن صالح، سمعت ابى يقول ذلك، ويقول: هم مجهولون لا يعرف من بينهم إلا حلام بن صالح " انتهى من"الجرح والتعديل" (4 / 123).
فهذا الخبر لا يصح إسناده.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" عبد الله بْن مغنم الْكِنْدِيّ.
ويقال: ابْن المعتمر. روى عنه سليمان بْن شهاب العبسي، له حديث واحد فِي الدجال، لا أعرف له غيره " انتهى من "الاستيعاب" (3 / 997).
وهو هذا الحديث، وقد نص البخاري على عدم صحته، فقال:
" عَبد اللهِ بن مَغنَم.
له صحبة. لم يصح إسناده " انتهى من "التاريخ الكبير" (5 / 27).
وبهذا صرح الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، حيث قال:
" وأما الذي يدعيه: فإنه يخرج أولا فيدعي الإيمان والصلاح، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الإلهية كما أخرج الطبراني من طريق سليمان بن شهاب قال: ( نزل علي عبد الله بن المعتمر وكان صحابيا فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدجال ليس به خفاء… )، وسنده ضعيف " انتهى من "فتح الباري" (13 / 91).
فالحاصل؛ أن هذا الحديث ضعيف الإسناد.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة