ما صحة الحديث الذي ذكره أبو نعيم الأصبهاني : ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل أمتعته عن دابته، وأرسلها برجله، وقال : (اللهم احمل، وأنت الحامل)، وفي الحديث أنه كان غلام قد كسرت يده، فشفاها له النبي عليه الصلاة والسلام، أريد معرفة صحة هذا الحديث؛ لأن في سياقه ذكر لاسم من أسماء الله الحسنى وهو ( الحامل ) ؟
هل “الحامل” من أسماء الله الحسنى ؟
السؤال: 333515
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى أبو نعيم في “معرفة الصحابة” (7302)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ، مِنَّا، قَالَ:
” أَسْلَمْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَيْخٌ لَنَا كَانَ سَيِّدَنَا، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَنَحْنُ فِي أَخْبِيَةٍ لَنَا، فَجَاوَزَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ نَزَلَ وَنَزَلَ أَصْحَابُهُ، فَأَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَوَضَعَ عَنْهَا، وَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَوَضَعَ عَنْهَا، ثُمَّ بَعَثَ رَاحِلَتَهُ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ احْمِلْ وَأَنْتَ الْحَامِلُ.
وَمَعَنَا غُلَامٌ كَسِيرٌ: قَدِ انْكَسَرَ يَدُهُ بِالْأَمْسِ فَجَبَرْنَاهَا، فَلَمَّا وَضَعَ الطَّعَامَ مَدَّ الْغُلَامُ يَدَهُ الْيُسْرَى يَتَنَاوَلُ بِهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ! فَكَفَّ .
فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ يَدَهُ انْكَسَرَ أَمْسِ، فَجَبَرْنَاهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَحَوَّلْ إِلَيَّ! فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ، فَحَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَبَائِرَ عَنْهُ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ، فَاسْتَوَتْ يَدُهُ، ثُمَّ قَالَ: كُلْ بِيَمِينِكَ!
فَأَكَلَ بِهَا، فَلَمَّا طُعم الْقَوْمُ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَبَائِرَ، فَأَعْطَاهَا الْغُلَامَ، فَقَالَ: اذْهَبْ بِهَا لَعَلَّ أَهْلَ الْبَيْتِ أَنْ يَحْتَاجُوا إِلَيْهَا ، قَالَ: فَأَدْبَرَ الْغُلَامُ أَخَذَهَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى، فَرَآهُ الشَّيْخُ الَّذِي أَبَى أَنْ يُسْلِمَ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ مَا أَمْرُكَ؟ فَقَالَ: مَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدِي فَهِيَ كَمَا تَرَى، قَالَ: فَقَامَ الشَّيْخُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ “.
وهذا إسناده ثقات، إلا أن عطاء وهو ابن السائب اختلط في آخر أمره، فعلماء الحديث على التمييز بين من سمع منه قبل الاختلاط فيصحح حديثه، وبين من سمع منه بعد الاختلاط فيضعف حديثه.
والذي يظهر ويترجح أن أبا الأحوص سلام بن سليم سمع من عطاء بن السائب بعد اختلاطه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
” عطاء بن السائب بن مالك الثقفي الكوفي، وقيل: اسم جده يزيد.
من مشاهير الرواة الثقات، إلا أنه اختلط فضعفوه بسبب ذلك.
وتحصل لي من مجموع كلام الأئمة: أن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وزائدة، وأيوب، وحماد بن زيد عنه قبل الاختلاط، وأن جميع من روى عنه غير هؤلاء فحديثه ضعيف؛ لأنه بعد اختلاطه، إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم فيه ” انتهى من “هدي الساري” (ص 425).
وقال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:
“… اختلف الرواة عن عطاء على وجوه، فكان أشبهها ما روى الثوري عن عطاء، ولم يشتغل برواية جرير وأبي الأحوص ونصير بن أبي الأشعث ” انتهى من “الجرح والتعديل” (3 / 249).
فالحاصل؛ أن الإسناد ضعيف، ولم نقف على أحد من أهل العلم عدّ اسم “الحامل” من أسماء الله تعالى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب