0 / 0
8,42313/08/2020

التعليق على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أن مسائل القطع والنص والإجماع أكثر من مسائل الخلاف والاجتهاد

السؤال: 333817

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في “كتاب الاستقامة” : ” إن قال قائل: مسائل الاجتهاد والخلاف في الفقه كثيرة جدا في هذه الأبواب، قيل له: مسائل القطع والنص والإجماع بقدر تلك أضعافا مضاعفة، وإنما كثرت لكثرة أعمال العباد وكثرة أنواعها، فإنها أكثر ما يعلمه الناس مفصلا، ومتى كثر الشيء إلى هذا الحد كان كل جزء منه كثيرا، من ينظرها مكتوبة فلا يرتسم في نفسه إلا ذلك، كما يطالع تواريخ الناس والفتن وهي متصلة في الخبر فيرتسم في نفسه أن العالم ما زال ذلك فيه متواصلا، والمكتوب شيء والواقع أشياء كثيرة، فكذلك أعمال العباد وأحكامها، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك.” . فكيف ذلك وقد سمعت من أكثر من شيخ أن كثير من مسائل الفقه خلافية تفوق المجمع عليها ؟ فقد أشكل علي هذا الكلام كثيرا، حيث من المعلوم إن مسائل الخلاف في الدين أكثر بكثير من المجمع عليها، فأرجو توضيح الأمر.

ملخص الجواب

مقصوده شيخ الإسلام رحمه الله بهذا الكلام : أن المسائل التي يكثر وقوعها ، ويحتاج الناس إليها كثيرا : معلومة بالنصوص من القرآن أو السنة أو الإجماع أو القياس الجلي . وأما المسائل الخلافية الاجتهادية فهي – وإن ظهر من حيث العدد أنها كثيرة في كتب الفقه- لكنها من حيث تطبيقها ، والحاجة إليها في الواقع : إنما هي قليلة جدا . ولكن نظرا لجهل أولئك المتكلمين بالفقه ، وبالأدلة الشرعية : فإن الفقه عندهم هو المسائل التي اشتهر الخلاف فيها بين الأئمة ، فجعلوا الفقه كله ظنيا . ويراجع للأهمية الجواب المطول 

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا :

نعم ، هذا النص المنقول قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في “كتاب الاستقامة” (1/59، 60).

وإذا تأملنا كلامه السابق واللاحق للكلام المنقول زال الإشكال ، وفُهم كلامه رحمه الله على الوجه الصحيح .

ثانيا :

هذا الكلام قاله شيخ الإسلام رحمه الله في معرض رده على المتكلمين من المعتزلة والأشعرية ومن تبعهم من الفقهاء الذين جعلوا العلم محصورا في القضايا العقلية التي يقررونها ، ويزعمون أن ما سوى ذلك فهو ظن ، ليس علمًا ، حتى علم الفقه المبني على الكتاب والسنة جعلوه من الظنون .

فقال رحمه الله (1/47) :

“فصل مهم عظيم القدر في هذا الباب وذلك أن طوائف كبيرة من أهل الكلام من المعتزلة ، وهو أصل هذا الباب ، كأبي علي وأبي هاشم وعبد الجبار وأبى  الحسين وغيرهم ومن اتبعهم من الأشعرية كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي وأبي حامد والرازي ، ومن اتبعهم من الفقهاء يعظمون أمر الكلام الذي يسمونه أصول الدين ، حتى يجعلوا مسائله  قطعية ، ويوهنوا من أمر الفقه الذي هو معرفة أحكام الأفعال حتى يجعلوه من باب الظنون لا العلوم .

 وقد رتبوا على ذلك أصولا انتشرت في الناس حتى دخل فيها طوائف من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث لا يعلمون أصلها ، ولا ما تؤول إليه من الفساد ، مع أن هذه الأصول التي ادعوها في ذلك باطلة واهية ، كما سنبينه في غير هذا الموضع ، ذلك أنهم لم يجعلوا لله في الأحكام حكما معينا حتى ينقسم المجتهد إلى مصيب ومخطئ ، بل الحكم في حق كل شخص ما أدى إليه اجتهاده  ، وقد بينا في غير هذا الموضع ما في هذا من السفسطة والزندقة ، فلم يجعلوا لله حكما في موارد الاجتهاد أصلا ، ولا جعلوا له على ذلك دليلا أصلا ، بل ابن الباقلاني وغيره يقول : وما ثَمَّ أمارة في الباطن بحيث يكون ظن أصح من ظن ، وإنما هو أمور اتفاقية ، فليست الظنون عنده مستندة إلى أدلة وأمارات تقتضيها ، كالمعلوم في استنادها إلى الأدلة” انتهى .

فهو هنا يبين خطأهم في جعلهم علم الفقه علما ظنيا ، كما يبين خطأهم فيما بنوه على ذلك من أصول :

منها : قولهم : إن الله ليس له حكم في الحوادث!

وإنما الحكم في حق كل شخص ما أداه إليه اجتهاده .

وبنوا على ذلك : أن كل مجتهد مصيب .

وهذا لا شك أنه باطل .

فإن المجتهد إنما يجتهد ليصل إلى حكم الله ، ثم ينقسم المجتهدون إلى مصيب ، أصاب حكم الله ، ومخطئ لم يصب حكم الله ، ولهذا قسم النبي صلى الله عليه وسلم المجتهدين إلى مصيب ومخطئ .

فقال صلى الله عليه وسلم : وسلم :  إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ  رواه البخاري (7352)، ومسلم (1716) .

أفبعد هذا النص من النبي صلى الله عليه وسلم يقال : كل مجتهد مصيب؟!

ثم ينتقد شيخ الإسلام علومهم التي زعموا أنها يقينية قطعية ويدعون أنها علوم ضرورية ، فيبطل تلك الدعوى منهم بأنهم أكثر الناس اختلافا وكل طائفة منهم تدعي أن ما عندها من العلم هو علم يقيني ضروري ! بل الشخص الواحد منهم يتناقض ، فيثبت الشيء ونقيضه في نفس الوقت!

فقال رحمه الله (1/50) :

“ومن فروع ذلك : أنهم يزعمون أن ما تكلموا فيه من مسائل الكلام هي مسائل قطعية يقينية ،  وليس في طوائف العلماء من المسلمين أكثر تفرقا واختلافا منهم ، ودعوى كل فريق في دعوى خصمه الذي يقول إنه قطعى ، بل الشخص الواحد منهم يناقض نفسه ، حتى أن الشخصين والطائفتين بل الشخص الواحد والطائفة الواحدة يدعون العلم الضروري بالشيء ونقيضه ، ثم مع هذا الاضطراب الغالب عليهم يكفر بعضهم بعضا ، كما هو أصول الخوارج والروافض والمعتزلة وكثير من الأشعرية .

 ويقولون في آخر أصول الفقه : المصيب في أصول الدين واحد ، وأما الفروع ففيها كل مجتهد مصيب ” انتهى .

ثم انتقل شيخ الإسلام إلى بيان بطلان قولهم : إن الفقه من الظنون ، وبين أنه أحق أن يسمى علما من علومهم التي يزعمونها علما .

فقال (1/54) : “والمقصود هنا ذكر أصلين هما : بيان فساد قولهم الفقه من باب الظنون ، وبيان أنه أحق باسم العلم من الكلام الذي يدعون أنه علم ، وأن طرق الفقه أحق بأن تسمى أدلة من طرق الكلام .

 والأصل الثاني : بيان أن غالب ما يتكلمون فيه من الأصول ليس بعلم ولا ظن صحيح بل ظن فاسد وجهل مركب” انتهى .

والذي يعنينا هنا هو الكلام على الأصل الأول .

فقال (1/55) : “الفقه هو معرفة أحكام أفعال العباد ، سواء كانت تلك المعرفة علما أو ظنا أو نحو ذلك .

 ومن المعلوم لمن تدبر الشريعة أن أحكام عامة أفعال العباد معلومة لا مظنونة ، وأن الظن فيها إنما هو قليل جدا ، في بعض الحوادث ، لبعض المجتهدين .

فأما غالب الأفعال مفادها وأحداثها فغالب أحكامها معلومة ، ولله الحمد .

وأعنى بكونها معلومة أن العلم بها ممكن ، وهو حاصل لمن اجتهد واستدل بالأدلة الشرعية عليها ، لا أعني أن العلم بها حاصل لكل أحد ، بل ولا لغالب المتفقهة المقلدين لأئمتهم ، بل هؤلاء غالب ما عندهم ظن أو تقليد ،  إذ الرجل قد يكون يرى مذهب بعض الأئمة ، وصار ينقل أقواله في تلك المسائل ، وربما قررها بدليل ضعيف من قياس أو ظاهر . هذا إن كان فاضلا ، وإلا كفاه مجرد نقل المذهب عن قائله ، إن كان حسن التصور فَهِمًا صادقا ، وإلا لم يكن عنده إلا حفظ حروفه إن كان حافظا ، وإلا كان كاذبا أو مدعيا أو مخطئا .

ولا ريب أن الحاصل عند هؤلاء ليس بعلم ، كما أن العامة المقلدين للعلماء فيما يفتونهم ، فإن الحاصل عندهم ليس علما بذلك عن دليل يفيدهم القطع، وإن كان العالم عنده دليل يفيد القطع .

وهذا الأصل الذي ذكرته أصل عظيم ، فلا يصد المؤمن العليم عنه صاد ، فإنه لكثرة التقليد والجهل والظنون في المنتسبين إلى الفقه والفتوى والقضاء ؛ استطال عليهم أولئك المتكلمون ، حتى أخرجوا الفقه الذي نجد فيه كل العلوم ، من أصل العلم ، لما رأوه من تقليد أصحابه وظنهم” انتهى.

وحاصل كلامه :

أن عامة أحكام أفعال العباد معلومة ، يستطيع المجتهد أن يصل إلى علمها إذا أدى الاجتهاد حقه ، لكن أكثر المتفقهة ليسوا مجتهدين ، وإنما رضوا لأنفسهم بتقليد أئمتهم ، فهولاء ليس عندهم إلا الظن ، وبسبب هؤلاء المتفقهة استطال المتكلمون وأخرجوا الفقه من العلم ، لأنهم رأوا أكثر المشتغلين به يتكلمون عن ظن لا عن علم .

ثم ذكر رحمه الله مثالين يتضح بهما معنى كلامه :

المثال الأول : أشهر ما وقع فيه اختلاف بين الصحابة ، هو باب الفرائض (المواريث) كمسائل الجد والعمريتين ونحوهما .

ومع ذلك فأكثر مسائل هذا الباب قطعية معلومة بالنص من القرآن أو السنة أو الإجماع ، وما فيه من الخلاف – مع شهرته- هي مسائل لا تقع إلا نادرا ، فقد يفتي المفتي عشرات أو مئات المسائل ولا تعرض له مسألة واحدة من هذه المسائل المختلف فيها .

وهذا يعني أن مراده بأن أكثر مسائله قطعية أي : التي يكثر وقوعها، ويحتاج إليها الناس كثيرا.

فقال : “فمن المعلوم أن من أشهر ما تنازعت فيه الصحابة ومن بعدهم مسائل الفرائض ، كما تنازعوا في الجد وفروعه ، وفي الكلالة ، وفي حجب الأم بأخوين ، وفي العمريتين زوج وأبوان،  وزوجة وأبوان ، وفي الجد هل يقوم مقام الأب في ذلك ؟ وفي الأخوات مع البنات هل هن عصبة أم لا ، وفيما إذا  استكمل البنات الثلثين وهناك ولد ابن ، ونحو ذلك من المسائل التي يحفظ النزاع فيها عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد وابن عباس وغيرهم من الصحابة،  

 لكن أئمة هذا الباب خمسة عمر وعلي وابن مسعود وزيد وابن عباس .

وإذا كانوا تنازعوا في الفرائض أكثر من غيرها ، فمن المعلوم أن عامة أحكام الفرائض معلومة ، بل منصوصة بالقرآن ، فإن الذي يفتي الناس في الفرائض قد يقسم ألف فريضة منصوصة في القرآن ، مجمعٍ عليها ؛ حتى تنزل به واحدة مختلف فيها ، بل قد تمضى عليه أحوال [أي : سنوات] لا يجيب في مسألة نزاع .

وأما المسائل المنصوصة المجمع عليها : فالجواب فيها دائم بدوام الموتى ، فكل من مات لا بد لميراثه من حكم .

ولهذا لم يكن شيء من مسائل النزاع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، مع وجود الموت والفرائض دائما ، ومع أن كل من كان يموت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، مع وجود الموت والفرائض دائما ، ومع أن كل من كان يموت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه ما وضع قط مال ميت في بيت مال ولا قسم بين المسلمين ، كما كان يقسم بينهم الفيء ومال المصالح .

 ولكن لما فتحت البلاد ، وكثر أهل الإسلام في إمارة عمر : صار  حينئذ يحدث اجتماع الجد والإخوة فتكلموا في ذلك ، وكذلك حدثت العمريتان فتكلموا فيها .

 هذا مع أن علم الفرائض من علم الخاصة ، حتى إن كثيرا من الفقهاء لا يعرفه ، فهو عند العلماء به من علم الفقه اليقيني المقطوع به ، وليس عند أكثر المنتسبين إلى العلم ، فضلا عن العامة ، به علم ولا ظن .

وذلك كالقضايا التجريبية في الطب : هي عند المجربين لها والعالمين بها من المجربين معلومة ، وأكثر الخائضين في علوم أخر ، فضلا عن العامة : ليس عندهم علم ولا ظن” انتهى .

ثم ضرب مثلا آخر بمسائل الحيض ، وهي أشهر مسائل الخلاف التي كثرت بعد الصحابة رضي الله عنهم ، واختلفت فيها مذاهب الأئمة ، غير أن الخلاف إنما هو في المسائل النادرة التي قد لا تقع ، أو يكون وقوعها نادرا .

أما مسائل الحيض التي يكثر وقوعها فهي معلومة ، وليست مظنونة .

فقال : ” بل باب الحيض الذي هو من أشكل الفقه في كتاب الطهارة ، وفيه من الفروع والنزاع ما هو معلوم ، ومع هذا أكثر الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال النساء في الحيض معلومة ، ومن انتصب ليفتي الناس : يفتيهم بأحكام معلومة متفق عليها ، مائة مرة ، حتى يفتيهم بالظن مرة واحدة . وإن أكثر الناس لا يعلمون أحكام الحيض وما تنازع الفقهاء فيه من أقله وأكثره ، وأكثر سنين الحيض وأقله ، ومسائل المتحيرة ؛ فهذا من أندر الموجود ، ومتى توجد امرأة لا تحيض إلا يوما! وإنما في ذلك حكايات قليلة جدا ، مع العلم بأن عامة بنات آدم يحضن ، كما قال  النبي صلى الله عليه وسلم : (إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) .

وكذلك متى توجد في العالم امرأة تحيض خمسة عشر يوما ، أو تسعة عشر ، أو امرأة مستحاضة دائما لا يعرف لها عادة ، ولا يتميز الدم في ألوانه ؟ بل الاستحاضة إذا وقعت فغالب النسوة يكون تميزها وعادتها واحدة ، والحكم في ذلك ثابت بالنصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وباتفاق الفقهاء .

 ونحن ذكرنا في الموت الذي هو أمر لازم لكل أحد ، وقل من يموت إلا وله شيء ، وفي الحيض الذي هو أمر معتاد للنساء ، وكذلك سائر الأجناس المعتادة مثل النكاح وتوابعه ، والبيوع وتوابعها ، والعبادات والجنايات .

 فإن قال قائل : مسائل الاجتهاد والخلاف في الفقه كثيرة جدا في هذه الأبواب  ؟

 قيل له مسائل القطع والنص والإجماع : بقدر تلك ، أضعافا  مضاعفة ” انتهى .

وبهذا يتبين أن مقصوده رحمه الله بهذا الكلام :

أن المسائل التي يكثر وقوعها ، ويحتاج الناس إليها كثيرا : معلومة بالنصوص من القرآن أو السنة أو الإجماع أو القياس الجلي .

وأما المسائل الخلافية الاجتهادية فهي – وإن ظهر من حيث العدد أنها كثيرة في كتب الفقه- لكنها من حيث تطبيقها ، والحاجة إليها في الواقع : إنما هي قليلة جدا .

ولكن نظرا لجهل أولئك المتكلمين بالفقه ، وبالأدلة الشرعية : فإن الفقه عندهم هو المسائل التي اشتهر الخلاف فيها بين الأئمة ، فجعلوا الفقه كله ظنيا .

قال (1/61) : “ولكن أولئك المتكلمون كان علم الفقه عندهم هو مسائل الحل والحرام ، وشفعة الجوار ، والجهر بالبسملة ، وتثنية الإقامة وإفرادها ، والجمع بين الصلاتين ، وإزالة النجاسة ، والقود بالمثل ، وخيار المجلس ، والعوض بالعقد الفاسد ، والإجارة ، ونحو ذلك من المسائل التي شاع فيها النزاع” انتهى .

ثم بين رحمه الله أن علماء الشريعة يصلون إلى العلم بالأحكام ، بسبب علمهم بالأدلة الشرعية وفهمها ، ما لم يصل إليه غيرهم .

فقال (1/68) : ” فقد يتكلم بعض الأئمة في بعض المسائل بنوع من الظن ، مصيبا أو مخطئا ، وتكون معلومة لغيره بأدلة قطعية عنده ، وعند من علم كعلمه ، تارة بنص اختص بسماعه من الرسول أو من غيره ، وحصل له بذلك العلم لأسباب كثيرة في النقل .

وهذا كثير ، كما يكون لعلماء الحديث ، فإنهم يعلمون من النصوص ، ويقطعون منها بأشياء كثيرة جدا ، وغيرهم قد يكذب بها ، أو يجزم بكذبها ، دع من يجهلها أو يشك فيها .

وتارة بفهم النصوص ومعرفة دلالتها ، فما أكثر من يجهل معنى النص أو يشك فيه ، أو يفهم منه نقيضه ، أو يذهل عنه أو يعجز ذهنه عن دركه ، ويكون الآخر قد فهم من ذلك النص وعلم منه ما يقطع به .

وتارة بإجماع علمه من إجماعات الصحابة وغيرها .

ثم بعد ذلك : تارة بقياس قطعى  فإن القياس نوعان : قطعى ، وظني ، كما في القياس الذي هو في معنى الأصل قطعا ، بحيث لا يكون بينهما فرق تأتي به الشريعة ، أو يكون أولى بالحكم منه قطعا .

وتارة بتحقيق المناط ، وهذا يعود إلى .. فهم معنى النص بأن يعرف ثبوت المناط الذي لا شك فيه في المعين ، وغيره يشك في ذلك ، كما يقطع الرجل في القصاص وإبدال المتلفات بأن هذا أقرب إلى المثل والعدل من كذا وغيره يشك فيه أو يعتقد خلافه وأمثال ذلك” انتهى .

ثم إن شيخ الإسلام رحمه الله لم يقل : إن مسائل الإجماع أضعاف مسائل الخلاف ، وإنما قال : “مسائل القطع والنص والإجماع” ، فأدخل في كلامه ما ورد النص به ، مع أن كثيرا مما ورد به النص اختلف العلماء في حكمه ، إما لأن النص لم يبلغ بعضهم أو لغير ذلك من الأسباب التي ذكرها رحمه الله في كتابه “رفع الملام عن الأئمة الأعلام” .

فإذا عرفنا أن متون الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم تقدر بالآلاف .

ينظر : “النكت على مقدمة ابن الصلاح” لابن حجر (ص 662) ، و”جامع العلوم والحكم” لابن رجب (ص 9) .

ثم … إذا أضيف إلى ذلك القياس الصحيح على تلك النصوص ، وما اشتهر من علماء الصحابة رضي الله عنهم ولم يعلم لهم مخالف ؛ تبين كلامه ، وتقرر على الوجه اللائق بمقامه ، رحمه الله .

ولمعرفة الفرق بين المسائل الخلافية والمسائل الاجتهادية ينظر السؤال رقم : (70491) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android