أريد الزواج للمرة الثانية بأي امرأة ميسورة الحال؛ لغرض تحسين ظروفي المعيشية؛ فهل يجوز لي أن اشترط شروطا معينة، مثل أن تشتري لي بيتا في مكان ما، أو تعطيني نقودا للعمل بها ؟
يرغب في الزواج بامرأة غنية، مع الاشتراط عليها أن تعطيه شيئا من مالها
السؤال: 336167
Table Of Contents
أولا: يجوز للرجل أن يختار امرأة غنية للزواج بها
يجوز للرجل أن يختار المرأة ذات المال واليسار للزواج بها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الزواج بذات الدين وحث عليه، لكن لم ينه عن تحري الزواج بذات المال والنسب والجمال.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ رواه البخاري (5090)، ومسلم (1466).
قال أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى:
" و(قوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها) أي: هذه الأربع الخصال هي المرغِّبة في نكاح المرأة. وهي التي يقصدها الرجال من النساء. فهو خبر عما في الوجود من ذلك، لا أنه أمر بذلك.
وظاهره: إباحة النكاح لقصد مجموع هذه الخصال، أو لواحدة منها، لكن قصد الدين أولى وأهم؛ ولذلك قال: (فاظفر بذات الدين تربت يمينك) " انتهى من "المفهم" (4 / 215).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" ثم لو شرط أحد الزوجين في الآخر صفة مقصودة؛ كالمال، والجمال، والبكارة، ونحو ذلك: صح ذلك، وملك المشترط الفسخ عند فواته، في أصح الروايتين عند أحمد، وأصح وجهي أصحاب الشافعي وظاهر مذهب مالك… " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29 / 175).
ثانيا: اشتراط الخاطب على المرأة في العقد أن تعطيه شيئا من مالها
اشتراط الخاطب على المرأة في عقد النكاح أن تهبه شيئا من مالها، هذا على حالين:
الحالة الأولى: أن يكون المراد أن المرأة هي التي تدفع له المهر، فلا يصح هذا الشرط وهو من أنكحة أهل الجاهلية؛ لأن الواجب أن الرجل هو من يدفع المهر لزوجته، وإن كانت غنية، وليس العكس.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (150813).
الحالة الثانية: أن يسلمها المهر، لكن مع هذا يشترط لنفسه شيئا من مالها.
فمقتضى عقد النكاح أن تكون تكاليف العشرة الزوجية على الزوج وحده، فللزوجة حق النفقة والسكن لدخولها تحت قوامة زوجها وتسليم نفسها لذلك.
قال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا النساء/34.
وقال الله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا الطلاق /6 – 7.
واشتراط الرجل على امرأته شيئا من الالتزامات المالية، يخالف مقتضى هذا العقد، ولذا ذهبت المذاهب الأربعة إلى بطلان مثل هذا الشرط، وعدم الاعتداد به، مع صحة النكاح عند أكثرهم.
قال بدر الدين العيني الحنفي رحمه الله تعالى:
" والثاني: ما يبطل فيه الشروط، ويصح النكاح، مثل أن يشترط أن لا يكون لها مهر، وأن (لا) ينفق عليها…
أو شرط عليها أن تنفق عليه ، أو تُقْطعه شيئا من مالها، فهذه الشروط كلها باطلة، لأنها تنافي مقتضى العقد، والنكاح صحيح في الصور كلها؛ لأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة. " انتهى من "البناية" (5 / 166).
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله تعالى:
" القسم الثاني: ما يبطل الشرط، ويصح العقد، مثل أن يشترط أن لا مهر لها، أو أن لا ينفق عليها، أو إن أصدقها رجع عليها… أو شرط على المرأة أن تنفق عليه، أو تعطيه شيئا؛ فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها؛ لأنها تنافي مقتضى العقد … فأما العقد في نفسه فصحيح" انتهى من "المغني" (9 / 486).
وقال ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله تعالى:
" (وسائر الشروط) أي باقيها (إن وافق مقتضى النكاح) كشرط القسم والنفقة… (صح النكاح والمهر).
(وإن خالف) مقتضاه ، (ولم يخل بمقصوده الأصلي) ، وهو الاستمتاع ، سواء أكان لها (كشرط أن لا يتزوج عليها ، أو) عليها ، كشرط أن (لا نفقة لها : صح النكاح) ؛ لأنه إذا لم يفسد بفساد العوض ، فلأن لا يفسد بفساد الشرط المذكور أولى…
(وفسد الشرط) لأنه مخالف للشرع، وصح خبر: ( كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل )… " انتهى من "تحفة المحتاج" (7 / 386 – 387).
وقال ابن جزي المالكي رحمه الله تعالى:
" الشروط في النكاح:
وهي على ثلاثة أقسام:
…
الثاني: يناقض العقد ، كعدم القسمة ونحوه فيمنع، ويفسخ النكاح قبل البناء، وفي فسخه بعده خلاف " انتهى من "القوانين الفقهية" (ص 145).
وقال رحمه الله تعالى:
" لا يجوز أن تمتع المرأة زوجها في مالها في عُقدة النكاح ؛ لأنه عطاء في مقابلة الصداق، ويفسد النكاح به، ويجوز بعد انعقاد النكاح " انتهى من "القوانين الفقهية" (ص 146).
فمثل هذا الشرط لا يستقيم مع القوامة التي أعطيت للرجل على المرأة، ولا تبنى الأسر والعشرة الزوجية على مثل هذا، بل عليك أن تتزوجها من غير هذا الشرط ، ثم إن أعطتك من مالها بعد ذلك عن طيب نفس منها وبلا شرط سابق ، فلا حرج عليك من قبوله .
وراجع للأهمية جواب السؤال رقم (216633).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة