في بعض أجزاء القرآن يُشير الله تعالى إلى النبي كما في سورة الضحى، وفي تلك الأجزاء من القرآن هل يُشير الله إلينا أيضاً؟
خطاب النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن
السؤال: 336563
ملخص الجواب
ما ثبت خصوص الخطاب به للنبي صلى الله عليه وسلم ، لم يكن مقصودا به غيره ، ولا مشار إليه فيه ؛ ومن هذا القسم من الخطاب: ما جاء في سورة الضحى، كما ذُكر في السؤال؛ فإنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، خاص به، وعلى هذا النسق الظاهر جاءت آيات هذه السورة الكريمة؛ فتطييب قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتثبيته ، بأن الله جل جلاله : ما تركه ، ولا قلاه ، ولا هان عليه أمره ، بل ما زال الله يربيه في الخير، ويصنعه على عينه ، ويهيئه لأمر دينه ، وحمل رسالته ؛ فهذه النداءات، وتلك البشريات كلها : مما هو خطاب خاص لنبي الله الكريم، لا يَشْركه فيه أحد سواه .
Table Of Contents
أولًا : خطاب الله الوارد في القرآن أقسام
إن الخطابات التي وجهها الله تعالى في القرآن تنقسم إلى أقسام:
1- خطابات لجميع المكلفين ، كقوله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1.
2- خطابات موجهة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي على أحوال:
الأول: خطابات خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا تدخل الأمة فيها ، كقوله تعالى : يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ، يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ .
الثاني: خطابات موجهة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، دل الدليل على دخول أمته فيها ، كقوله تعالى : يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ، وقوله : يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ .
قال ابن العربي : " الْخِطَابَ فِي الْقُرْآنِ لَمْ يَرِدْ بَابًا وَاحِدًا، وَلَكِنْ اخْتَلَفَتْ مَوَارِدُهُ عَلَى وُجُوهٍ ، مِنْهَا فِي غَرَضِنَا هَذا ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ: خِطَابٌ تَوَجَّهَ إلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، كَقَوْلِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [المائدة: 6] وَكَقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة: 183] وَنَحْوِهِ.
الثَّانِي: خِطَابٌ خُصَّ بِهِ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَقَوْلِهِ: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الإسراء: 79].
وَكَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْأَحْزَابِ: خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب: 50]؛ فَهَذَانِ مِمَّا أُفْرِدَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِهِمَا، وَلَا يَشْركُهُ فِيهِمَا أَحَدٌ، لَفْظًا وَمَعْنًى، لِمَا وَقَعَ الْقَوْلُ بِهِ كَذَلِكَ.
الثَّالِثُ: خِطَابٌ خُصَّ بِهِ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَوْلًا، وَيَشْرِكُهُ فِيهِ جَمِيعُ الْأُمَّةِ مَعْنَى وَفَعَلَا، كَقَوْلِهِ: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإسراء: 78]، وَكَقَوْلِهِ: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل: 98]، وَكَقَوْلِهِ: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ [النساء: 102].
فَكُلُّ مَنْ دَلَكَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مُخَاطَبٌ بِالصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ مُخَاطَبٌ بِالِاسْتِعَاذَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ خَافَ، يُقِيمُ الصَّلَاةَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ.
وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُهُ: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة: 103] فَإِنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الْآمِرُ بِهَا، وَالدَّاعِي إلَيْهَا، وَهُمْ الْمُعْطُونَ لَهَا، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى جَاءَ قَوْلُهُ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب: 1] وَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1]"، انتهى من "أحكام القرآن" (2/ 576).
ثانيًا : لا يصح إيراد الآيات الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم في حق غيره من الناس
لا يصح التمثل بالآيات الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فمثلًا قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى الضحى/ 5 ، يعني أنه سبحانه وتعالى سيعطي عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من فضله وكرمه، ما يحصل له به تمام الرضا في الدنيا والآخرة .
قال الشوكاني رحمه الله: "والظاهر أنه سبحانه يعطيه ما يرضى به من خيري الدنيا والآخرة ، ومن أهم ذلك عنده وأقدمه لديه قبول شفاعته لأمته " انتهى من "فتح القدير" (5 /649).
ومثل هذا لا يعم كل أحد بطبيعة الحال ، والقطع لأحد من الناس بعطاء من الله حتى الرضا، لا يجوز إلا بالنص الشرعي.
والحاصل:
أن ما ثبت خصوص الخطاب به للنبي صلى الله عليه وسلم ، لم يكن مقصودا به غيره ، ولا مشار إليه فيه ؛ ومن هذا القسم من الخطاب: ما جاء في سورة الضحى، كما ذُكر في السؤال؛ فإنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، خاص به، وعلى هذا النسق الظاهر جاءت آيات هذه السورة الكريمة؛ فتطييب قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتثبيته ، بأن الله جل جلاله : ما تركه ، ولا قلاه ، ولا هان عليه أمره ، بل ما زال الله يربيه في الخير، ويصنعه على عينه ، ويهيئه لأمر دينه ، وحمل رسالته ؛ فهذه النداءات، وتلك البشريات كلها : مما هو خطاب خاص لنبي الله الكريم، لا يَشْركه فيه أحد سواه .
ثالثًا : الكلام على الأوامر التي ذكرت في آخر سورة الضحى
الأوامر التي ذكرت في آخر سورة الضحى : قد ينظر بعض العلماء في آية من الآيات فيحكم بخصوصها ، مثل عموم سورة الضحى ، فإن بعض العلماء قصر ما فيها على النبي صلى الله عليه وسلم .
وذهب بعضهم إلى أن فيها ما هو خاص ، ومنها ما هو عام كقوله تعالى : وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ .
فإن بعضهم لا يجيز التمثل بهذه الآية لكل أحد ، بل يجعلها خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وبعضهم يحملها على العموم ويجيز التمثل بها .
وينظر أيضا للفائدة: جواب السؤال رقم : (201417).
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة