0 / 0

ما معنى حديث: ( أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ ) ؟

السؤال: 343103

أرجو أن توضح لي معنى الحديث: ( إن أخنع اسم عند الله رجل تسمَّى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله)، خاصة الكلمة الأخيرة (لا مالك إلا الله)، فقد تطلق هذه الصفة للمخلوق أيضا، قال الله تعالي : (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ) البقرة، وقال تعالى : (وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) الكهف.

الجواب

بيان معنى حديث : ( أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بملك الأملاك )

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ  رواه البخاري (6206)، ومسلم (2143) وفي رواية له: زَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي رِوَايَتِهِ:   لَا مَالِكَ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ  .

قَالَ الْأَشْعَثِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ.

وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو عَنْ أَخْنَعَ؟ فَقَالَ: "أَوْضَعَ".

قال الخطابي رحمه الله تعالى:

" أخنع: فمعناه أوضعها لصاحبه، وأذلها له عند الله، يقال: خنع الرجل خنوعا، إذا تواضع وذل " انتهى من "أعلام السنن" (3 / 2216).

والمقصود بهذا: من تسمَّى بهذا التركيب، "ملك الأملاك"، وما شابهه، وليس بمجرد صفة "ملك". لأن صفة "الملك" مجردة : هي مما أذن الله به لعباده، فأذن لهم أن يملكوا ملكا يليق ببشريتهم، وأن يوصفوا بهذا الملك، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ، قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ، أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: بَلْ عَبْدًا رَسُولًا  .

رواه الإمام أحمد في "المسند" (12 / 76 – 77)، وصححه محققو المسند، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3 / 3).

فوصف حاكم بلد ما، وسلطانه بأنه "الملك" : لا حرج فيه، وقد ورد في القرآن الكريم مثل هذا.

قال الشيخ عبد المحسن العباد:

" حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ )؛ لأن هذا لا يصلح إلا لله عز وجل فهو ملك الملوك، وأما المخلوق فلا يقال إنه ملك الملوك، وإنما يقال ملك مثلما جاء: ( وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ) ، كما جاء في قصة العزيز في سورة يوسف، لكن كلمة ملك الملوك، هذا هو الذي قال عنه إنه أخنع اسم، ومعناه: أنه يكون في ذلة جزاء ما زعم من العزة، وأنه يصير بالعكس يوم القيامة، بسبب هذا التعالي وهذا الترفع وهذا الزعم الباطل " انتهى من "شرح سنن أبي داود" (564 / 21 ترقيم الشاملة).

السبب في منع التسمي باسم ملك الملوك أو الأملاك 

وإنما منع التسمي باسم "ملك الملوك أو الأملاك" دون اسم "الملك"؛ لأن "ملك الملوك" تشير إلى تمام الملك، وكماله، وهذا الوصف لا يليق إلا بالله تعالى، فهو من الصفات التي اختص بها سبحانه وتعالى، فلا مالك للملوك والأملاك إلا الله تعالى.

قال الله تعالى:   قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  آل عمران/26.

وقال الله تعالى:  قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ  المؤمنون/88.

وقال الله تعالى:  فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ  يس/83.

قال ابن الملقن رحمه الله تعالى: " وإنما كان "ملك الأملاك" أبغض إلى الله تعالى ، وأكره إليه أن يسمى به مخلوق؛ لأنه صفة الله، ولا تليق بمخلوق صفات الله ولا أسماؤه، ولا ينبغي أن يتسمى أحد بشيء من ذَلِكَ؛ لأن العباد لا يوصفون إلا بالذل والخضوع والعبودية " انتهى من "التوضيح" (28 / 629).

وقد أشار إلى هذا ما في الحديث:  لَا مَالِكَ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ   ؛ أي لا مالك ملكا تاما لا نقص فيه إلا الله تعالى.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" قوله: ( لَا مَالِكَ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ): أي لا مالك على الحقيقة الملك المطلق إلا الله تعالى.  وأيضا لا ملك إلا الله عز وجل، ولهذا جاءت آية الفاتحة بقراءتين: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) و ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ؛ لكي يجمع بين الملك وتمام السلطان؛ فهو سبحانه ملك مالك، ملك ذو سلطان وعظمة وقول نافذ، ومالك متصرف مدبر لجميع مملكته " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (10 / 837).

كما أن ملوك الدنيا، يكفي الواحد منهم صفة "الملك"، فلا يترك أحدهم هذه الصفة إلى صفة "ملك الملوك ، أو ملك الأملاك ونحوها" : إلا لحب العلو والتكبر في الأرض بما لا يستحقه؛ فلذا استحق مثل هذا الشخص أن يكون الأذل يوم القيامة.

قال ابن بطال رحمه الله تعالى:

" وقوله: (أخنع الأسماء عند الله) معناه: أذل الأسماء عند الله، قال صاحب "الأفعال": يقال: خنع الرجل: إذا ذل ، وأعطى الحق من نفسه. فعاتب الله من طلب الرفعة في الدنيا بما لا يحل له من صفات ربه ؛ بالذل يوم القيامة، كما جاء في الحديث: ( إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة في صور الذر؛ يطؤهم الناس بأقدامهم ) " انتهى من "شرح صحيح البخاري" (9 / 354).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" فأوضع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك؛ لأنه جعل نفسه في مرتبة عليا، فالملوك أعلى طبقات البشر من حيث السلطة؛ فجعل مرتبته فوق مرتبتهم، وهذا لا يكون إلا لله عز وجل، ولهذا عوقب بنقيض قصده؛ فصار أوضع اسم عند الله؛ إذ قصده أن يتعاظم حتى على الملوك، فأهين، ولهذا كان أحب اسم عند الله: ما دل على التذلل والخضوع، مثل: عبد الله وعبد الرحمن، وأبغض اسم عند الله ما دل على الجبروت والسلطة والتعظيم " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (10 / 836 – 837).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android