هل يوصف الله تعالى بالنسيان
السؤال: 34854
هل يوصف الله تعالى بالنسيان ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
” للنسيان معنيان :
أحدهما : الذهول عن شيء معلوم مثل قوله تعالى : ( رَبَّنَا لا
تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة /286
. ومثل قوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ
نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طـه/115. على أحد القولين .
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ،
فإذا نسيت فذكروني ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها
فليصلها إذا ذكرها ) . وهذا المعنى للنسيان منتف عن الله عز وجل بالدليلين السمعي ،
والعقلي .
أما السمعي : فقوله تعالى عن موسى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ
رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) طـه /52.
وأما العقلي : فإن النسيان نقص ، والله تعالى منزه عن النقص ،
موصوف بالكمال ، كما قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) النحل /60 . وعلى هذا فلا يجوز وصف
الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال .
والمعنى الثاني للنسيان : الترك عن علم وعمد ، مثل قوله تعالى: (
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء )
الأنعام /44 . ومثل قوله تعالى: ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى
آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طـه /115
. على القول الثاني في تفسيرها . ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في
أقسام أهل الخيل : ( ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ، ولم ينس حق الله في رقابها
وظهورها فهي له كذلك ستر ) . وهذا المعنى من النسيان ثابت لله تعالى عز وجل قال
الله تعالى : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا
نَسِينَاكُمْ ) السجدة /14. وقال تعالى في المنافقين : (
نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )
التوبة/67. وفي صحيح مسلم في كتاب الزهد والرقائق عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قالوا: يا
رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
فذكر الحديث ، وفيه ” أن الله تعالى يلقى العبد فيقول : أفظننت
أنك ملاقي ؟ فيقول : لا. فيقول : فإني أنساك كما نسيتني “.
وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته
التابعة لحكمته، قال الله تعالى: ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ )
البقرة /17 . وقال تعالى : ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ
يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) الكهف /99 . وقال : (
وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً ) العنكبوت/35 .
والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة ، وهي دالة
على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين ،
وإن شاركه في أصل المعنى ، كما هو معلوم عند أهل السنة ” اهـ .
المصدر:
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/172-174)
هل انتفعت بهذه الإجابة؟