0 / 0

قراءة لعمر رضي الله عنه، لآية: ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ … ).

السؤال: 381196

وقعت عيني على رواية تخص عمر بن الخطاب رضي الله عنه، و الرواية تقول: حدثنا معاذ بن شبة بن عبيدة، قال حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسن: ” قرأ عمر رضي الله عنه: (والسابقون الأولون من المهاجرين والذين اتبعوهم بإحسان)، فقال أبي (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان)، فقال عمر رضي الله عنه: (والسابقون الأولون من المهاجرين والذين اتبعوهم بإحسان)، وقال عمر رضي الله عنه: أشهد أن الله أنزلها هكذا، فقال أبي رضي الله عنه: أشهد أن الله أنزلها هكذا، ولم يؤامر فيه الخطاب ولا ابنه”، فما هو تفسير الرواية؟

ملخص الجواب

هذا الخبر ضعيف، لجهالة حال مُعَاذ بْن شَبَّةَ بْنِ عُبَيْدَةَ بن زبيد، وأبوه لم يوثقه سوى ابن حبان، وجده لم نجد له ترجمة. ولأنه مرسل غير متصل الإسناد، فالحسن البصري لم يدرك الحادثة؛ لأن عمره كان حوالي سنتين يوم توفي عمر رضي الله عنه. كما أن هذا الخبر مخالف أشد المخالفة لمراسيل أخرى أصح منه. وينظر بيان ذلك في الجواب المطول

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا الخبر رواه ابن شَبَّة في “تاريخ المدينة” (2 / 707)، قال:

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ،: ” قَرَأَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ)، فَقَالَ أُبَيٌّ: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ)، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ)، وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا هَكَذَا، فَقَالَ أُبَيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا هَكَذَا، وَلَمْ يُؤَامِرْ فِيهِ الْخَطَّابَ وَلَا ابْنَهُ”.

وهذا الخبر ضعيف، لجهالة حال مُعَاذ بْن شَبَّةَ بْنِ عُبَيْدَةَ بن زبيد، وأبوه لم يوثقه سوى ابن حبان، وجده لم نجد له ترجمة.

ولأنه مرسل غير متصل الإسناد، فالحسن البصري لم يدرك الحادثة؛ لأن عمره كان حوالي سنتين يوم توفي عمر رضي الله عنه.

كما أن هذا الخبر مخالف أشد المخالفة لمراسيل أخرى أصح منه.

ففي هذه الرواية أن عمر رضي الله عنه أسقط من الآية لفظ “الأنصار”، بينما في الروايات الأخرى كان الاختلاف في اعرابها، حيث قرأ عمر رضي الله عنه كلمة ( وَالْأَنْصَارُ) بالرفع، وهي قراءة من القراءات، بينما قرأها أبي رضي الله عنه بالجر ( وَالْأَنْصَارِ) وهي قراءة الجمهور.

فروى القاسم بن سلام في “فضائل القرآن” (ص 301)، قال:

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: “أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، وَعَمْرُو بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ: ( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَرَأَ: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ) فَرَفَعَ الْأَنْصَارَ، وَلَمْ يُلْحِقِ الْوَاوَ فِي الَّذِينَ، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: ( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ )، فَقَالَ عُمَرُ: ” الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ “، فَقَالَ زَيْدٌ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ. فَقَالَ عُمَرُ: ائْتُونِي بِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أُبَيُّ: ( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ )، فَقَالَ عُمَرُ: فَنَعَمْ إِذًا. فَتَابَعَ أُبَيًّا ).

لكن عَمْرو بْن عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ لم يدرك الحادثة، وإنما يروي عن أنس وهو ممن تأخرت وفاته من الصحابة، وكذا حبيب بن الشهيد لم يدرك هذه الحادثة، فإنه توفي سنة 145 هـ وهو ابن ست وستين سنة، كما في “تهذيب الكمال” (5/380)؛ فالسند مرسل.

ورواه الحاكم في “المستدرك” (3/305)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، قَالَا: (مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَقُولُ: ( السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَقَالَ: انْصَرِفْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ الْآيَةَ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَيْهِ، فَانْطَلَقُوا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ يُرَجِّلُ رَأْسَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، قَالَ: لَبَّيْكَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هَذَا أَنَّكَ أَقْرَأْتَهُ هَذِهِ الْآيَةَ، قَالَ: صَدَقَ، تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عُمَرُ: أَنْتَ تَلَقَّيْتَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنَا تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُهُ، وَفِي الثَّالِثَةِ وَهُوَ غَضْبَانُ: نَعَمْ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى جِبْرِيلَ وَأَنْزَلَهَا عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلَمْ يَسْتَأْمِرْ فِيهَا الْخَطَّابَ وَلَا ابْنَهُ. فَخَرَجَ عُمَرُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

” قلت: صورته مرسل ” انتهى من “إتحاف المهرة”(1/255).

ورواه الطبري في “التفسير” (11/640)، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، قال: ( مر عمر برجل وهو يقرأ هذه الآية: ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ )، قال: من أقرأك هذه الآية؟ قال أقرأنيها أبي بن كعب. ..).

وهذا خبر مرسل أيضا، فمحمد بن كعب لم يدرك الحادثة.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

” محمد بن كعب بن سُلَيم بن أسد، أبو حمزة القُرَظيّ، المدنيّ… ولد سنة أربعين على الصحيح، ووَهِم من قال: وُلِد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ” انتهى من”تقريب التهذيب” (ص 504).

والمقصود أن قراءة ( الأنصارُ ) بالضم، أي أنها معطوفة على كلمة (السَّابِقُونَ)، وهذا يعني أن الأنصار ليسوا داخلين في السابقين، وأن السابقين من المهاجرين فقط.

وأما على قراءة الجمهور (وَالْأَنْصَارِ) فالسابقون بعضهم من المهاجرين وبعضهم من الأنصار.

قال الشيح الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى:

” وقرأ الجمهور: (وَالْأَنْصَارِ ) بالخفض عطفا على المهاجرين، فيكون وصف السابقين صفة للمهاجرين والأنصار. وقرأ يعقوب: (والأنصارُ) بالرفع، فيكون عطفا على وصف ( السَّابِقُونَ )… ” انتهى من”التحرير والتنوير”(11/18).

وقول أبي بن كعب لعمر رضي الله عنهما – على فرض صحة هذا الخبر-:

” وَلَمْ يُؤَامِرْ فِيهِ الْخَطَّابَ وَلَا ابْنَهُ “.

هذه العبارة مبالغة من أبيّ في رده على عمر، ومراده: أن القرآن هكذا أنزل، وأن الله تعالى لم ينزل القرآن على رأي ومشورة أحد من البشر.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android