قد وجدت أحاديث تتحدث عن عدد مرات العرض يوم القيامة، رواها الطبري، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد، فالمذكور فيها أن هناك ثلاث عرضات، الأول والثاني فيهما الجدال ومعاذير، والعرضة الثالثة تطير الصحف في الأيدي، ولكنني وجدت أن إسناد هذه الأحاديث منقطع؛ لأن الحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة، ولا من أبي موسى الأشعري، فنأمل توضيح هذه المسألة، وبيان الصحيح في عدد العرضات يوم القيامة.
حديث: (يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ).
السؤال: 386917
ملخص الجواب
الحديث الوارد بأنه (يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات) لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكنه يروى من قول بعض الصحابة. ولا نعلم هل هو فهم فهموه من نصوص الوحي المخبرة عن حال العباد يوم القيامة، أم هو شيء سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
قد ثبت العرض في نصوص ثابتة، كقول الله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌالحاقة/18.
وأما خبر عدد العرضات وبأنها ثلاثة، فلم تثبت.
فقد روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما هو عند ابن ماجه (4277) وغيره عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ، فَأَمَّا عَرْضَتَانِ فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ، وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ.
لكن سنده ضعيف؛ فهو منقطع بين الحسن البصري، وأبي موسى رضي الله عنه؛ لأن الحسن لم يسمع من أبي موسى.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:
" حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، قال علي بن المديني: الحسن لم يسمع من أبي موسى الأشعري.
سمعت أبي يقول: الحسن لم يسمع من أبي موسى الأشعري شيئا.
سمعت أبا زرعة يقول: الحسن لم ير أبا موسى الأشعري أصلا " انتهى. "المراسيل" (ص 37).
ثم اختلف في إسناده.
فرواه الترمذي (2425)؛ قال: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرْضَاتٍ، فَأَمَّا عَرْضَتَانِ فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ، وَأَمَّا العَرْضَةُ الثَّالِثَةُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الأَيْدِي، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ ، وقال الترمذي عقبه:
" وَلَا يَصِحُّ هَذَا الحَدِيثُ؛ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ الرِّفَاعِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: وَلَا يَصِحُّ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي مُوسَى" انتهى.
ورواه غيرهم موقوفا، كما عند الطبري (23/230)؛ حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا علي بن علي الرفاعي، عن الحسن، عن أبي موسى الأشعري، قال: يعرض الناس ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير. وأما الثالثة، فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي، فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله .
جاء في "علل الدارقطني" (7/251):
" وسئل عن حديث الحسن، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وعند الثالثة تطاير الصحف، فأخذ بيمينه، وأخذ بشماله).
فقال: يرويه وكيع عن علي بن رفاعة، عن الحسن، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا.
وغيره يرويه موقوفا.
والموقوف هو الصحيح " انتهى.
وكذا نسب إلى عدد من المفسرين.
قال الواحدي رحمه الله تعالى:
" قال المفسرون: يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأمَّا عرضتان فجدال ومعاذير، وأمَّا العرضة الثالثة فعندَها تتطاير الصحف في الأيدي، فذلك قوله:
( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ)… " انتهى من"البسيط" (22/ 162-163).
والحاصل:
أن الحديث الوارد بذلك: لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكنه يروى من قول بعض الصحابة.
ولا نعلم هل هو فهم فهموه من نصوص الوحي المخبرة عن حال العباد يوم القيامة، أم هو شيء سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم؟
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(270289).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة