في سؤال أسامة بن زيد رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم عن سبب كثرة صيامه صلى الله عليه وسلم في شعبان أكثر من غيره من الشهور، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: (ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ)، بأنه ترفع الأعمال، وإن النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يرفع عمله إلى الله وهو صائم، فما وجه الحكمة من تخصيص الصيام دون غيره من العبادات؟ وهل هناك علاقة بين الصيام ورفع الأعمال إلى الله تعالى؟ وهل له أثر في قبول الله تعالى للعمل الصالح؟
ما سبب محبة النبي عليه الصلاة والسلام لرفع أعماله وهو صائم؟ وهل للصيام أثر في قبول العمل؟
السؤال: 401418
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى أحمد والنسائي (2357) عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ وحسنه الألباني، وشعيب الأرنؤوط.
وهو دليل على عظم فضل الصوم، لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفع عمله في هذا الشهر وهو صائم.
وكذلك كان صومه للإثنين والخميس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تُعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس ، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم رواه الترمذي (747)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1041) .
قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/1422): " أي : طلبا لزيادة رفعة الدرجة" انتهى.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم يحب كذلك أن يأتيه أجله وهو صائم، كما روى أبو يعلى في مسنده (4911) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُمْ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ. قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَحَبُّ الشُّهُورِ إِلَيْكَ أَنْ تَصُومَهُ شَعْبَانُ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مَيِّتَةٍ تِلْكَ السَّنَةَ، فَأُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَنِي أَجَلِي وَأَنَا صَائِمٌ.
قال البوصيري في "إتحاف الخيرة" (3/86): " رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ هَذَا، السِّيَاقِ".
ووجه تخصيص الصيام كما ذكرنا عظم أجره، فإن الصوم له تعالى وهو يجزي به، ولم نقف على ما يفيد أنه سبب لقبول الأعمال ونحو ذلك.
والمقصود برفع الأعمال: أي الرفع السنوي، وهناك الرفع اليومي والأسبوعي.
قال السندي في "حاشيته على النسائي" (4/201): " (وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين) قيل : ما معنى هذا، مع أنه ثبت في الصحيحين أن الله تعالى يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل؟
قلت: يحتمل أمران: أحدهما: أن أعمال العباد تعرض على الله تعالى كل يوم، ثم تعرض عليه أعمال الجمعة في كل اثنين وخميس، ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان، فتعرض عرضا بعد عرض ، ولكل عرض حكمة، يطلع عليها من يشاء من خلقه أو يستأثر بها عنده، مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية.
ثانيهما: أن المراد أنها تعرض في اليوم تفصيلا، ثم في الجمعة جملة، أو بالعكس" انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب