0 / 0

هل صح أن بعض الصحابة اتهم أبا هريرة رضي الله عنه بالكذب؟

السؤال: 402413

ورد عن سيدنا ابن عمر وسيدتنا عائشة اتهام سيدنا أبي هريرة بالكذب بأسانيد صحيحة على زعم السبئية، فهل هذا صحيح؟
١-ومثله ما قال المروزي، نا إسحاق بن راهويه وأحمد جرير، عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس قال: “وكنت جالساً عند ابن عمر فأتاه رجل فقال: إن أبا هريرة يقول: إن الوتر ليس بحتم، فخذوا منه، ودعوا، فقال ابن عمر: كذب أبو هريرة، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن صلاة الليل فقال : (مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فواحدة)، إسناده صحيح، هذا الوجه أخرجه النسائي في “الكبرى”، وحديث ابن عمر في الصحيحين، وغيرهما، وبحث المسألة محله كتب الفقه، على أن الراجح في الوتر إنه سنة مؤكدة، ويتنزل كلام ابن عمر وغيره على تأكيده وفضيلته، وأنه سنة مؤكدة، والله تعالى أعلم.
٢-سعید محمد بن علي بن عبد القدوس بن محمد أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر الفقيه، أنبأ أبو محمد، أنا أبو طاهر محمد بن الفضل قال: نا جدي أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، نا بن شعيب بن الحبحاب، نا عمرو، يعني ابن عاصم، نا همام، نا قتادة، عن أبي حسان : ” أن رجلين من بني عامر أنبأ عائشة فقالا : إن أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال: (الشؤم في الدابة، والمرأة والفرس)، قال : فطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض، فقالت كذب والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، ما قاله له، إنما كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك” ذكره ابن عساكر في “تاريخ دمشق” ( 67/352) بسند رجاله ثقات.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

أبو هريرة رضي الله عنه هو أمير المؤمنين في الحديث ومن أصدق الناس حديثا، ولم يتهمه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يكذب في حديث عامة ، أو يكذب في روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحاشاه رضي الله عنه من ذلك ، وحاشاهم أن يتهموه به.

ثانيا:

وأما ما ذكرته في السؤال، فالجواب عنه:

أما الأثر الأول: ففيه وصف ابن عمر رضي الله عنه له بالكذب، كما عند ابن عبد البر في “جامع بيان العلم” (2/1101)، قال:

” قال المروزي: أخبرنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَا: أخبرنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ فَخُذُوا مِنْهُ أَوْ دَعُوا. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ: ( مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَوَاحِدَةٌ ) ” انتهى.

وهذا الإسناد رواته ثقات، ولذا قال محقق الكتاب الشيخ أبو الأشبال الزهيري: ” إسناده صحيح “.

لكن لفظة: “الكذب” هنا المقصود بها في كلام ابن عمر : الخطأ؛ لأمرين:

الأمر الأول: أن أبا هريرة رضي الله عنه لم ينقل خبرا هنا حتى يوصف بالصدق أو بالكذب، وإنما ذكر فتوى، والفتوى اجتهاد يوصف بالصواب أو الخطأ.

الأمر الثاني: أن هذه لغة للحجازيين، حيث يطلقون كذب ويقصدون بها أخطأ.

وقد وُصِف أحد الصحابة بهذا أيضا لما أفتى بقول يخالف قول أبي هريرة رضي الله عنه هذا.

كما رواه أبو داود (425) والإمام أحمد في “المسند” (37 / 377) وغيرهما: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصُّنَابِحِيّ، قَالَ: ” زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، فَقَالَ: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ).

وصححه محققو المسند، وقالوا:

” إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله الصُّنابحي، كذا وقع في هذه الرواية عبد الله الصنابحي، والذي نرجحه أنه أبو عبد الله الصنابحي كما وقع في رواية آدم بن أبي إياس عن محمد بن مطرف الآتية في التخريج، واسمه: عبد الرحمن بن عُسيلة، وهو ثقة من رجال الشيخين ” انتهى.

وصححه الشيخ الألباني بمجموع طرقه، وقال:

” حديث صحيح، وكذا قال النووي، وصححه ابن عبد البر. وأخرجه ابن حبان في صحيحه ” انتهى. “صحيح سنن أبي داود” (2/302).

قال ابن الأثير رحمه الله تعالى:

” ومنه حديث صلاة الوتر: (كذب أبو محمد) أي أخطأ. سمّاه كذبا، لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النية والقصد؛ لأن الكاذب يعلم أن ما يقوله كذب، والمخطىء لا يعلم. وهذا الرجل ليس بمخبر، وإنما قاله باجتهاد أداه إلى أن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذب، وإنما يدخله الخطأ.

وأبو محمد صحابي. واسمه مسعود بن زيد.

وقد استعملت العرب الكذب في موضع الخطأ… وقد تكرر في الحديث” انتهى من “النهاية” (4 /159).

فقول أبي هريرة هذا في الوتر قد وافقه عليه عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وهو الذي عليه جماهير المسلمين من الخلف والسلف.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

” والقول بأن الوتر سنة ليس بواجب: يكاد أن يكون إجماعا، لشذوذ الخلاف فيه.

وأما قول عبادة: ( كذب أبو محمد ) في قوله: الوتر واجب؛ فأبو محمد هذا رجل من الأنصار، من وجوه الصحابة، اسمه مسعود بن أوس، وقد ذكرناه في كتاب الصحابة بما ينبغي من ذكره.

وقد تقدم معنى قول عبادة: ( كذب أبو محمد )، عند قول عبد الله بن سلام: ( كذب كعب )، من هذا الكتاب؛ فلا معنى لإعادته هنا.

واختصار ذلك: أن معنى قوله: كذب أبو محمد. أي: غلط أبو محمد ووهم.

وقد مضت الشواهد على ذلك فيما تقدم، والحمد لله ” انتهى من “الاستذكار” (5/267).

وقال ابن القطان رحمه الله تعالى:

” وجميع الفقهاء على أن الوتر مسنون، وليس بواجب، إلا أبا حنيفة فقال: هو واجب وليس بفرض. وعنه رواية أخرى أنه فرض.

والوتر يكاد أن يكون إجماعا: أنه سنة؛ لشذوذ الخلاف في وجوبه ” انتهى من “الإقناع” (1/175).

وهذا هو القول المروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فروى الترمذي (453) وغيره: عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: الوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلَاتِكُمُ المَكْتُوبَةِ، وَلَكِنْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ القُرْآنِ ).

قال الترمذي: ” وَفِي البَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.

قال أبو عيسى: حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ “.

ثانيا:

وأما ما ورد من اتهام عائشة رضي الله عنها له، كما رواه ابن عبد البر رحمه الله تعالى، في “التمهيد” (9/ 288-289)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الحكم، قال: حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن، قال: حدثنا إسحاق بن أبي حسان، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي حسان: أن رجلين دخلا على عائشة، وقالا: إن أبا هريرة يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّمَا الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ ، وَالدَّابَّةِ) فَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ، وَشِقَّةٌ فِي الْأَرْضِ، ثم قالت: كذب وَالَّذِي أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ من حدث عنه بهذا، وَلَكِنَّ رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ) ثُمَّ قَرَأَتْ عَائِشَةُ: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).

ففي اسناده الوليد ابن مسلم: مدلّس، ويدلّس تدليس التسوية.

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

” ومنه ما يسمى “التسوية”، وهو أن يروي عن شيخ له ثقة، عن رجل ضعيف، عن ثقة، فيسقط الضعيف من الوسط.

وكان الوليد بن مسلم، وسنيد بن داود وغيرهما يفعلون ذلك ” انتهى من “شرح علل الترمذي” (2/825).

ومثله لا يقبل حديثه حت يصرح بالتحديث ولا تكفي صيغة “عن”.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

” وحكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدلا أن لا يقبل منه إلا ما صرح فيه بالتحديث على الأصح ” انتهى من “نزهة النظر” (ص81).

وقال الذهبي رحمه الله تعالى:

” الوليد بن مسلم الحافظ أبو العباس ، عالم أهل الشام … قلت: كان مدلسا فيُتَّقَى من حديثه ما قال فيه ( عن ) ” انتهى من “الكاشف” (2/355).

وهذا الحديث منها، فقد رواه بصيغة “عن”.

وشيخه سعيد: هو ابن بشير، وقد ضعّف.

وفيه هشام بن عمار، قال عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

” هشام بن عمار بن نُصير السلمي الدمشقي الخطيب، صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح ” انتهى من “تقريب التهذيب” (ص573).

لكن ورد ما يقويه، كما عند ابن عساكر في “تاريخ دمشق” (67/352)، قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر الفقيه، أنبأ أبو سعيد محمد بن علي بن محمد، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل، قال: أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، أخبرنا عبد القدوس بن محمد بن شعيب بن الحبحاب، أخبرنا عمرو يعني ابن عاصم، أخبرنا همام، أخبرنا قتادة، عن أبي حسان: ( أن رجلين من بني عامر أنبآ عائشة، فقالا: إنّ أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( الشؤم في الدابة والمرأة والفرس )، قال: فطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض، فقالت: كذب والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم … ) الخبر.

ورجاله ثقات، إلا عمرو بن عاصم فقد وثّقه بعض أهل العلم.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

” عمرو بن عاصم الكلابي، صدوق مشهور، من علماء التابعين.

روى عن شعبة وطبقته، وعنه البخاري والفسوي وخلق.

وثقة ابن معين.

وقال النسائي: ليس به بأس …

وقال أبو حاتم: لا يحتج بعمرو.

وقال أبو داود: لا أنشط لحديثه ” انتهى من “ميزان الاعتدال” (3/ 269-270).

ولخص حاله الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بقوله:

” عمرو بن عاصم بن عبيد الله الكلابي القيسي، أبو عثمان البصري، صدوق في حفظه شيء ” انتهى من “تقريب التهذيب” (ص423).

ثم نقل ابن عساكر عن ابن خزيمة، أنه قال:

” حدثناه أبو موسى، حدثني عبد الصمد، أخبرنا همام، أخبرنا قتادة، عن أبي حسان: أن رجلين من بني عامر … ” انتهى من “تاريخ دمشق” (67/352).

وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد نقل ابن عساكر عقب هذا عناية ابن خزيمة ببيان معنى “كذب” مما يدل على ثبوتها عنده.

لكن ثبوت وصف عائشة رضي الله عنها بقولها: “كذب” في غضبها الشديد حتى وصفت بأنها: “فَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ، وَشِقَّةٌ فِي الْأَرْضِ”، لا يدل على أن المقصود به أنه تعمد الكذب، وإنما المقصود بذلك: أخطأ، كما أن المقصود من طارت هنا ليس الطيران الحقيقي، وإنما هو من باب المبالغة في وصف غضبها.

فإطلاق الكذب على الخطأ، هي لغة قومها من الحجازيين، كما سبق في كلام ابن عبد البر وابن الأثير رحمهما الله تعالى.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

” وقال بن حبان: أهل الحجاز يطلقون كذب في موضع أخطأ. ذكر هذا في ترجمة برد من كتاب “الثقات”.

ويؤيد ذلك إطلاق عبادة بن الصامت قوله: كذب أبو محمد. لما أخبر أنه يقول الوتر واجب؛ فإن أبا محمد لم يقله رواية وإنما قاله اجتهادا، والمجتهد لا يقال إنه كذب، إنما يقال إنه أخطأ. وذكر ابن عبد البر لذلك أمثلة كثيرة ” انتهى من “هدي الساري” (ص 427).

ثم لم ينفرد أبو هريرة رضي الله عنه برواية هذا الحديث، فقد رواه غيره من الصحابة.

ومن ذلك ما رواه البخاري (2858)، ومسلم (2225) عَن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي الفَرَسِ، وَالمَرْأَةِ، وَالدَّارِ).

وما رواه البخاري (2859)، ومسلم (2226) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ، فَفِي المَرْأَةِ، وَالفَرَسِ، وَالمَسْكَنِ).

قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذين الحديثين:

” ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة من ذكرنا من الصحابة له في ذلك.

وقد تأوّله غيرها على أن ذلك سيق لبيان اعتقاد الناس في ذلك، لا أنه إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بثبوت ذلك. وسياق الأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها يبعد هذا التأويل.

قال ابن العربي: هذا جواب ساقط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث ليخبر الناس عن معتقداتهم الماضية والحاصلة، وإنما بعث ليعلمهم ما يلزمهم أن يعتقدوه انتهى ” انتهى من “فتح الباري” (6/61).

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:

” ولكن قول عائشة هذا مرجوح، ولها رضي الله عنها اجتهاد في رد بعض الأحاديث الصحيحة خالفها فيه غيرها من الصحابة.

وهي رضي الله عنها لما ظنت أن هذا الحديث يقتضي إثبات الطيرة التي هي من الشرك، لم يسعها غير تكذيبه ورده.

ولكن الذين رووه ممن لا يمكن رد روايتهم.

ولم ينفرد بهذا أبو هريرة وحده.

ولو انفرد به، فهو حافظ الأمة على الإطلاق، وكل ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحيح، بل قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسهل بن سعد الساعدي، وجابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنهم، وأحاديثهم في “الصحيح” ” انتهى من “مفتاح دار السعادة” (3/1549).

فالحاصل؛ أنه ليس في هاذين الخبرين اتهام لأبي هريرة رضي الله عنه بتعمد الكذب، ثم قد ورد ما يؤيد كلامه عن غيره من الصحابة رضوان الله عليهم.

ولمزيد الفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (340133)، ورقم: (129606)، ورقم: (126377).

والله أعلم.

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android