ما صحة الحديث التالي: (لا تَحْقِرَنَّ شيئًا مِنَ المعروفِ أنْ تَأْتِيَهُ؛ ولَوْ أنْ تَهِبَ صِلَةَ الحَبْلِ، ولَوْ أنْ تُفْرِغَ من دَلْوِكَ في إِناءِ المُسْتَسْقِي، ولَوْ أنْ تَلْقَى أَخَاكَ المُسْلِمَ ووَجْهُكَ بَسْطٌ إليهِ، ولَوْ أنْ تُؤْنِسَ الوَحْشَانِ بِنَفْسِكَ، ولَوْ أنْ تَهِبَ الشَّسْعَ)؟
هل حديث ( لَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ) صحيح؟
السؤال: 417664
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الخبر بهذه الصيغة رواه النسائي في "السنن الكبرى" (8/433)، قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْمَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ، يُحَدِّثُ عَنِ الْهُجَيْمِيِّ: " أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ فَوَافَقَهُ، فَإِذَا هُوَ مُتَّزِرٌ بِإِزَارٍ قَطَرِيٍّ قَدِ انْتَثَرَتْ حَاشِيَتُهُ وَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللهِ!
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى.
فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ: أَوْصِنِي!
فَقَالَ: لَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَوْ أَنْ تَهِبَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ الْمُسْلِمَ وَوَجْهُكَ بَسْطٌ إِلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوُحْشَانَ بِنَفْسِكَ، وَلَوْ أَنْ تَهِبَ الشَّسْعَ .
ثم قال النسائي رحمه الله تعالى: " سَهْمُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ ".
وقد ورد بصيغة قريبة من هذه، وبإسناد رواته ثقات، عند الإمام أحمد في "المسند" (25/ 309)، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ مَرَّةً: عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالَ:
" لَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، وَعَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ قُطْنٍ مُنْبَتِرُ الْحَاشِيَةِ، فَقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللهِ! فَقَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى، إِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى، إِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا هَكَذَا".
قَالَ. سَأَلْتُ عَنِ الْإِزَارِ؟ فَقُلْتُ: أَيْنَ أَتَّزِرُ؟
فَأَقْنَعَ ظَهْرَهُ بِعَظْمِ سَاقِهِ، وَقَالَ: هَاهُنَا اتَّزِرْ، فَإِنْ أَبَيْتَ، فَهَاهُنَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَيْتَ، فَهَاهُنَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ.
قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَعْرُوفِ؟
فَقَالَ: لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ شِسْعَ النَّعْلِ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوَحْشَانَ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ سَبَّكَ رَجُلٌ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ فِيكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ فِيهِ نَحْوَهُ، فَلَا تَسُبَّهُ فَيَكُونَ أَجْرُهُ لَكَ وَوِزْرُهُ عَلَيْهِ، وَمَا سَرَّ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاعْمَلْ بِهِ، وَمَا سَاءَ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاجْتَنِبْهُ .
وصححه محققو المسند.
والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (7/1255)، وقال:
" وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح " انتهى.
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله:
"باب اصطناع المعروف وإنّ كان يسيرًا.
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا: من حَقر حُرم.
قال أبو عبيد: يريدون أنّ الإنسان إذا كان يعجز عن الإفضال بالكثير، ثم يحقر ما يقدر عليه من اليسير؛ كان فيه الحرمان وتلف الحقوق.
قال أبو عبيد: ومما يقوى هذا المذهب ما روى في الحديث المرفوع: أنّ لا ترد السائل ولو بظلف محرقٍ؛ ومنه قوله: ( لا تحقرن شيئًا من المعروف ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تفعل كذا وكذا ) ؛ في حديث طويل.
قال أبو عبيد: وإنّما هذا ؛ أنّ الإنسان ربما كان مضطرا إلى ذلك اليسير، فيعظم موقعه منه، وإنّ كانت الموونه فيه على المعطى يسيرة.
"الأمثال" لأبي عبيد (166).
ولمزيد الفائدة طالعي جواب السؤال رقم: (108236)، ورقم: (149188).
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة