0 / 0

ما صحة الرواية في قراء سورة النصر بعد حنين على خلاف التنزيل وتوجيه ذلك؟

السؤال: 422311

ما صحة الأثر التالي؟ وإن صح، فما توجيه اختلاف سورة النصر هنا عما في المصاحف، هل يكون حرفا من الاحرف السبعة مثلاً أم لا؟ ذكر الواحدي في أسباب النزول عن ابن عباس قال: "لما أقبَل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة حُنين، وأنزل الله تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)النصر/1، قال: (يا علي بن أبي طالب، ويا فاطمة، قولا: جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا، فسبحان ربي وبحمده، وأستغفره إنه كان توابًا)؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا:

الحديث المذكور في السؤال، عن ابن عباس، قال: " لَمّا أقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غزوة حُنَينٍ أُنزل عليه: (إذا جاء نصر الله والفتح)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا علي بن أبي طالب، يا فاطمة بنت محمد، جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا، ‌فسبحان ‌ربي ‌وبحمده، ‌واستغفره، إنه كان توابًا).

رواه الثعلبي في "الكشف والبيان عن تفسير القرآن" (30/449)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4/1969)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص497).

وينظر: "موسوعة التفسير المأثور" (23/648).

وهو حديث ضعيف؛ لأنه من رواية (إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَيْسَانَ)، قال البخاري: "‌عبدُ ‌اللَّهِ ‌بنُ ‌كَيْسانَ، المرْوزيُّ، أَبو مُجاهدٍ … ولَهُ ابنٌ يُسمّى ‌إِسْحاق، منكَرٌ، ليسَ منْ أَهلِ الحَديثِ"، انتهى من "التاريخ الكبير" للبخاري(6/223)

وعلى فرض صحته، فهو نوع من التأول، والعمل بما أمره الله به، وقد ثبت في الصحيحين عَنْ ‌عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي. ‌يَتَأَوَّلُ ‌الْقُرْآنَ"، رواه البخاري (817)، ومسلم (484).

 وقولها: ‌يتأوَّل ‌القرآن؛ معناه: "يَمتثل ما آل إليه معنى القرآن في قوله تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ)"، انتهى من "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (2/88).

قال الطيبي، نقلا عن البيضاوي: "أي يقوله متأولا للقرآن، أي مبيناً ما هو المراد من قوله تعالي: فسبح بحمد ربك واستغفره آتيًا بمقتضاه، يقال: أوَّلَ الكلام، وتأول الكلام: إذا فسَّر وبيَّن المراد منه، مأخوذ من (آل): إذا رجع؛ كأن المفسر يصرف الكلام عن سائر الوجوه المحتملة، إلي المحمل الذي أوله عليه".

ثم تعقبه بقوله:

"أقول: الأظهر أن هذا التأويل بمعنى العاقبة ومآل الأمر، كما في قوله تعالي: هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله؛ أي عاقبة أمره، وما يؤول إليه من تبين صدقه، وظهور ما صدق به من الوعد والوعيد.

فتنزيل الحديث على الآية أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم لما أمر بقوله سبحانه وتعالي: فسبح بحمد ربك واستغفره: صدَّقه بفعله. وأظهر ما يقتضي مآل أمر الله سبحانه وتعالي من الامتثال، وحصول المأمور به، كما قال: والذي جاء بالصدق وصدق به؛ أي: الذي جاء بالقرآن، وتحرَّى العملَ به.

وقد وافق هذا القول ما ذهب إليه الشيخ محيي الدين، حيث قال: معنى (‌يتأول ‌القرآن): يعمل ما أُمر به في قوله سبحانه وتعالى: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول هذا الكلام البديع في الجزالة، ليستوفي ما أُمر به في الآية، وكان يأتي به في الركوع والسجود؛ لأن حالة الصلاة أفضل من غيرها، فكان يختارها لأداء هذا الواجب الذي أمر به؛ ليكون أكمل"، انتهى من "شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن" (3/ 1014 – 1015).

والتعبير بـ(قد جاء نصر الله والفتح)، جاء في حديث عن ابن عباسٍ، قال: بينما رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالحديبية، إذ قال: (اللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، ‌قَدْ ‌جَاءَ ‌نَصْرُ ‌اللَّهِ ‌وَالْفَتْحُ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ)، قيل: يا رسول الله، وما أهل اليمن؟ قال: (قَوْمٌ رقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ طِبَاعُهُمْ، الإيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ).

كذا في "مسند أبي يعلى"(2505)، وانظر: "المطالب العالية" (17/130)، "المسند المصنف المعلل"(13/546).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android