ورد في كتاب “الكامل في ضعفاء الرجال” لابن عدي ج 5 ص 436: سمعت مُحَمد بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ عَمْرو بْنِ أبي عاصم النبيل، يقول: أشهد على مُحَمد بْنِ يَحْيى بْنِ مَنْدَه بين يدي الله أنه قَال لي: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قَال لي: روى الزُّهْريّ، عن عروة، قال: “كانت قد حفيت أظافير علي من كثرة ما كان يتسلق على أزواج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”، فهل هذا صحيح؟ كما وجدت شخصا كتب في أحد المواقع أنه حينما نقل الذهبي ترجمة أبي بكر بن أبي داود السجستاني من الكتاب المذكور أعلاه لم يكن أمينا في النقل؛ حيث إن في كتابه “سير أعلام النبلاء” ج 13 ص 228 بدل كلمة “علي” إلى “فلان”، وفي كتابه “تذكرة الحفاظ” (2/237) بدل كلمة “علي” إلى “رجل” فأرجو التوضيح من فضلكم، وشكرا.
افتراء الناصبة قصة التسلق للطعن في علي بن أبي طالب رضي الله عنه
السؤال: 422326
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الخبر رواه ابن عدي في “الكامل في ضعفاء الرجال”، بإسناد لا يصح.
قال ابن عدي رحمه الله تعالى:
” سمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، يقول: أشهد على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله أنه قال لي: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال لي: روى الزهري عن عروة، قال: ” كانت قد حفيت أظافير علي من كثرة ما كان يتسلق على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ” انتهى من “الكامل” (5/ 436–437).
فهذا إسناد منقطع، فلم يذكر ابن أبي داود إسناده إلى الزهري، فابن أبي داود ولد سنة 230 هـ، والزهري توفي سنة 124 هـ.
ثمّ إن ابن أبي داود رحمه الله تعالى لم يذكر الخبر على سبيل التصحيح له، وإنما على عادة المحدث في مذاكرة أصحابه بأن يذكر ما عنده من غريب الأخبار ولو لم تثبت.
قال المعلمي رحمه الله تعالى:
” وأما أخلوقة التسلق فقال ابن عدي: ” سمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم، يقول: أشهد على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله قال: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى الزهري عن عروة قال: ( حفيت أظافر فلان من كثرة ما كان يتسلق على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ).
محمد بن الضحاك هذا له ترجمة في “تاريخ بغداد” لم يذكر فيه توثيقا ولا جرحا…
وقد ذكر الحافظان الأصبهانيان الجليلان: أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، وأبو نعيم، في كتابيهما في “تاريخ علماء أصبهان والواردين عليها”: أبا بكر بن أبي داود وأثنيا عليه ولم يتعرضا في ترجمته للقصة، لكن ذكراها في ترجمة محمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص، فقال أبو الشيخ: ” كان ورد أصبهان أبو بكر بن أبي داود السجستاني وكان من العلماء الكبار، فكان يجتمع معه حفاظ أهل البلد وعلماؤهم، فجرى منهم يوما ذكر علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال ابن أبي داود: إن الناصبة يروون عليه أن أظفاره حفيت من كثرة تسلقه على أم سلمة. فنسبوا الحكاية إليه وألغوا ذكر الناصبة وألبوا عليه جعفر بن شريك وأولاده … ” انتهى من “التنكيل” (2/520).
ولعدم صحة الخبر، تورّع الذهبي من ذكر اسم علي رضي الله عنه في الخبر، وأشار إليه بـ “فلان” و “رجل”، وهذه عادة عند الرواة إذا لم يكن لذكر الاسم فائدة مهمة، ولأن سياق الكلام يدل عليه، فلا حاجة لذكر اسمه، كما أنه لم يذكر الخبر على سبيل الرواية، وإنما جاء عرضا في ترجمة ابن أبي داود، وقد نسب الخبر إلى مصدره ليستطيع كل قارئ أن يرجع إليه ويتأكد.
فهذه الأمور مجتمعة تنفي عن الذهبي تهمة عدم الأمانة العلمية، ويظهر كل هذا بالتأمل في قول الذهبي في “السير” وفي “تذكرة الحفاظ”.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
” قال – ابن عدي -: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الضَّحَّاكِ بنِ عَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ، يَقُوْلُ:
أَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:
أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ:
رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: ( حَفِيَتْ أَظَافِيْرُ فُلاَنٍ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَتَسَلَّقُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ).
قلت: هذا باطل وإفك مبين، وأين إسناده إلى الزّهريّ؟ ثمّ هو مرسل… وما أعتقد أنّ هذا صدر من عروة أصلا ” انتهى من “سير أعلام النبلاء” (13/229).
وقال رحمه الله تعالى:
” قال السلمي: سألت الدارقطني عن ابن أبي داود، فقال: ثقة كثير الخطأ في الكلام على الحديث.
ذكر أبو نعيم حكاية محنة أبي بكر، وأن الساعي في خلاصه من القتل محمد بن عبد الله بن حفص الذكواني، فإنهم سعوا عليه أنه نال من علي، ولم يقع ذلك منه، إنما روى شيئا أخطأ بنقله، من قول النواصب، لا بارك الله فيهم.
قال أحمد بن يوسف الأزرق: سمعت أبا بكر بن أبي داود غير مرة يقول: كل من بيني وبينه شيء فهو في حل؛ إلا من رماني ببغض علي رضي الله عنه.
قال ابن عدي: سمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول: أشهد على محمد بن يحيى بن منده بين يدي الله، أنه قال: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى الزهري عن عروة أنه قال: حفيت أظافير رجل من كثرة ما كان يتسلق، الحديث.
قلت: هذه حكاية مكذوبة قبح الله من افتراها” انتهى من “تذكرة الحفاظ” (2/ 237-238).
فالحاصل؛ أن هذا الخبر باطل لا يصح، وتصرف الذهبي تصرف سليم، لا إشكال فيه، بل هو ممدحة له، لعظيم ورعه، وكمال أدبه، رحمه الله.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب