الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
هذا الخبر رواه هشام بن عمار "حديث هشام بن عمار" (ص246)، قال: حدثنا سَعِيدٌ [وهو: سَعِيد بن يحيى بن صالح اللخمي].
وابن أبي الدنيا في "مداراة الناس" (ص128) وفي "العيال" (2 / 766)، قال: حَدَّثَنَا الْمُؤَمِّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.
وأبو يعلى الموصلي في "المسند" (6 / 997)، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم، حدّثنا حمادٌ.
ورواه أبو بكر الشافعي كما في "الغيلانيات" (1 / 163)، قال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ الْحَرْبِيُّ، حدثنا أَبُو سَلَمَةَ، حدثنا حَمَّادٌ.
والقطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة للإمام أحمد" (1 / 349)، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطِيعِيُّ، قَالَ: حدثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عِيسَى الْمَسْرُوقِيُّ، قال: حدثنا أَبُو أُسَامَةَ [وهو حماد بن أسامة]:
كلهم – سعيد، وحمادٌ بن سلمة، وأبو أسامة، وإسماعيل بن إبراهيم – رووه عن: مُحَمَّد بْن عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حاطبٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ:
( دَخَلْتُ عَلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمَعَةَ، فَجَلَسْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَهَا، وَقَدْ صَنَعْتُ خَزِيرَةً، فَجِئْتُ بِهَا، فَقُلْتُ: كُلِي. فَقَالَتْ: مَا أَنَا بِذَائِقَتِهَا، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَتَأْكُلِينَ مِنْهَا، أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ مِنْهَا بِوَجْهِكَ. فَقَالَتْ: مَا أَنَا بِذَائِقَتِهَا. فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا شَيْئًا، فَمَسَحْتُ بِوَجْهِهَا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ وَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، فَتَنَاوَلَتْ مِنْهَا شَيْئًا لِتَمْسَحَ بِهِ وَجْهِي، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْفِضُ عَنْهَا رُكْبَتَهُ _ وَهُوَ يَضْحَكُ _ لِتَسْتَقِيدَ مِنِّي، فَأَخَذَتْ شَيْئًا فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ ).
ورواه النسائي في "السنن الكبرى" (8 / 162)، لكن خالف فيه بعض رواته فجعله عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها.
حيث قال الإمام النسائي رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ, فذكر الخبر.
ولا شك أن المقدم هي رواية الجماعة، فالأقوى أنه من رواية مُحَمَّد بْن عَمْرٍو، عن يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حاطبٍ، عن عَائِشَةُ رضي الله عنها.
ويحيى بن عبد الرحمن من ثقات التابعين.
قال الذهبي رحمه الله تعال:
" يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، عن: أسامة، وعائشة. وعنه: زيد بن أسلم، ومحمد بن عمرو:
ثقة رفيع القدر " انتهى. "الكاشف" (2 / 370).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة أبو محمد أو أبو بكر المدني: ثقة " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص593).
ومحمد بن عمرو بن علقمة، ليّنه جمع من أهل العلم، فلذا حديثه لا يبلغ مرتبة الصحة، لكن من أهل العلم من يحسّنه.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص المدني، مشهور حسن الحديث، أخرج له البخاري ومسلم متابعة، قال يحيى: ما زالوا يتقون حديثه. وقال مرة: ثقة. وقال الجوزجاني، وغيره: ليس بقوي " انتهى. "المغني" (2 / 621).
وقد قال الهيثمي رحمه الله تعالى عن إسناد أبي يعلى رحمه الله تعالى:
" رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح خلا محمد بن عمرو بن علقمة، وحديثه حسن " انتهى. "مجمع الزوائد" (4 / 316).
وقال الزبيدي رحمه الله تعالى:
" وقال العراقي: رواه الزبير بن بكار فى "كتاب الفكاهة والمزاح" وأبو يعلى بإسناد جيد " انتهى. "اتحاف السادة المتقين" (7 / 501).
وحسنه أيضا الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى في "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" (4 / 28 — 29).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى بعد ذكره للحديث بإسناد أبي بكر الشافعي:
" وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات من رجال "التهذيب "؛ غير إسحاق الحربي هذا، وهو ثقة؛ كما قال إبراهيم الحربي وعبد الله بن أحمد والدارقطني. وهو مترجم في "تاريخ بغداد" (6 / 382).
وأبو سلمة: اسمه موسى بن إسماعيل التبوذكي.
وحماد هو ابن سلمة.
ويحيى بن عبد الرحمن هو ابن حاطب المدني، روى عن جمع من الصحابة منهم عائشة، رضي الله عنهم.
ثم رأيت الحديث في "مسند أبي يعلى"، حدثنا إبراهيم: حدثنا حماد به…
وإبراهيم هذا هو ابن الحجاج السامي، قال الحافظ:
ثقة، يهم قليلا " انتهى. "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (7 / 363).
ثانيا:
إذا تبين ذلك، فهذا لا يتعارض مع ما ثبت من النهي عن الاسراف في المال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء مبينا لما أنزل عليه، فيكون في عدم انكاره على عائشة رضي الله عنها، بيان أن الأشياء اليسيرة، العارضة في مثل هذه الأحوال من المعاشرة الزوجية، مما يحسن التغافل عنها وعدم التشدد فيه، خاصة إذا كانت الزوجة صغيرة السن، في سن تميل فيه إلى اللهو.
والله أعلم.