يسأل عن معنى كلمة أنواط
السؤال: 50147
في حديث أبي واقد الليثي ، رضي الله عنه ، قال : ( خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط …) ، فما معنى كلمة أنواط ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد21390، والترمذي 2180وقال : حسن صحيح
، وابن أبي عاصم في السنة ، وقال المناوي : إسناده صحيح ، وصححه الألباني في رياض
الجنة رقم 76 ]
وردت هذه الكلمة في حديث أبي واقد الليثي ، رضي الله عنه : (
أنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ ، قَالَ وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ
عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم ،ْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ
، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ ، قَالَ : فَقُلْنَا : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ
كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ
إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ، إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّة .)ً وعند ابن أبي عاصم في كتاب السنة : ( ونحن حديثو عهد
بكفر )
سدرة أي : شجرة
وقَوْلُهُ : يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، الأنواط : جمع نوط
، وهو كل شيء يعلق ، وذات الأنواط هي الشجرة التي يعلق عليها هذه المعاليق . قَالَ
ابن الأثير فِي النِّهَايَةِ : هِيَ اِسْمُ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا كَانَتْ
لِلْمُشْرِكِين ، يَنُوطُونَ بِهَا سِلَاحَهُمْ ، أَيْ يُعَلِّقُونَهُ بِهَا ،
وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ مِثْلَهَا ،
فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ .
وقوله : ” قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ
قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ
قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ” ، شبه مقالتهم هذه بقول بني إسرائيل لما مروا على قوم عاكفين
على أصنام لهم ، طلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً يعكفون عليه كما
لأولئك إله .
( إنها لسنن ) ، أي : طرق ، ( لَتَرْكَبُنَّ ) أي :
لَتَتَّبِعُنَّ ، ( سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) أي : طريقة من كان قبلكم من
الأمم ، وَالْمُرَادُ هُنَا طَرِيقَةُ أَهْلِ الأْهَوَاءِ وَالْبِدَعِ الَّتِي
اِبْتَدَعُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ بَعْدَ أَنْبِيَائِهِمْ مِنْ تَغْيِيرِ
دِينِهِمْ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ : ”
لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا , وَذِرَاعًا ذِرَاعًا ,
حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ ” قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى . قَالَ ” فَمَنْ ” ؟
قال النووي : وَفِي هَذَا مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ؛َ فَقَدْ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وفي هذا الحديث من الفوائد :
1- التحذير من الشرك ، وأن الإنسان قد يستحسن شيئا يظن أنه يقربه
إلى الله ، وهو أبعد ما يبعده من رحمة ربه ، ويقربه من سخطه .
2- بيان أن التبرك بالأشجار والأحجار ، والعكوف عليها ، والتعلق
بها ، من الشرك الذي وقع في هذه الأمة ، وأن من وقع فيه فهو تابع لطريق اليهود
والنصارى ، تارك لطريق النبي ، صلى الله عليه وسلم .
3- أن العبرة بالمعاني ، وليس بالألفاظ ؛ فالنبي صلى الله عليه
وسلم شبه قولهم بقول بني إسرائيل ، مع أنهم لم يطلبوا إلها من دون الله ، صراحة .
4- النهي عن التشبه بأهل الجاهلية والكتاب فيما هو من خصائصهم
وعباداتهم .
5- وفيه أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده ، لا يأمن أن يكون في
قلبه بقية من تلك العادة لأن الصحابة الذين طلبوا ذلك لم يكن مضى على إسلامهم إلا
أيام معدودة ، لأنهم أسلموا يوم فتح مكة ثم خرج بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إلى غزوة حنين فوقعت تلك الوقعة وهم في طريقهم إلى حنين .
[ انظر فتح المجيد ، بشرح كتاب التوحيد ، 139-147 ، القول المفيد ، للشيخ ابن
عثيمين ] .
ونذكر السائل الكريم بأن هذا الحديث قد ذكره شيخ الإسلام محمد بن
عبد الوهاب ، رحمه الله ، في كتابه المبارك : كتاب التوحيد ، في باب : من تبرك
بشجرة أو حجر ونحوهما . فننصح لتمام الفائدة ، باقتنائه ، مع شيء من شروحه ، خاصة
الشرحين المشار إليهما .
والله الموفق .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟