0 / 0

هل يبدع من يقول بعدم طهارة دم النبي صلى الله عليه وسلم؟

السؤال: 507757

أرجو أن تفصلوا لي في مسألة هل دم النبي صلى الله عليه وسلم طاهر أم لا؛ لأنه هناك أصبح بعض الناس يبدعون من يقول عن دم النبي صلى الله وسلم غير طاهر؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

ذهب جمهور أهل العلم إلى القول بنجاسة الدم المسفوح، وحكاه بعضهم إجماعاً، ومنه ما يخرج من الإنسان من غير السبيلين، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الموقع فيحسن الرجوع إليه: (207812)، (114018).

وذهبت طائفة إلى القول بعدم نجاسة الدم مطلقًا، إلا ما يخرج من السبيلين. منهم الشوكاني.

قال رحمه الله:

“وأما سائر الدماء: فالأدلة فيها مختلفة، مضطربة والبراءة الأصلية مستصحَبة حتى يأتي الدليل الخالص عن المعارضة الراجحة أو المساوية. ولو قام الدليل على رجوع الضمير في قوله تعالى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} إلى جميع ما تقدم في الآية الكريمة من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير، لكان ذلك مفيدا لنجاسة الدم المسفوح والميتة، ولكنه لم يرد ما يفيد ذلك ، بل النزاع كائن في رجوعه إلى الكل، أو إلى الأقرب. والظاهر رجوعه إلى الأقرب ، وهو لحم الخنزير ، لإفراد الضمير، ولهذا جزمنا ههنا بنجاسة لحم الخنزير، دون الميتة والدم الذي ليس بدم الحيض” انتهى من “الدراري المضية” (1/ 32).

وذهب آخرون إلا أن الدم نجس إلا دم الإنسان، واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

قال رحمه الله:

“والصحيح: أن دم الإنسان وقيء الإنسان: طاهر، لأنه لا يوجد دليل على النجاسة، كثرةً وقلةً، ما دام أنه لا يوجد دليل فالأصل الطهارة” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (214/ 10 بترقيم الشاملة).

وقال رحمه الله: “ودم الإنسان طاهر؛ لأنّ ميتته طاهرة، إلا ما خرج من السبيلين” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (109/ 13 بترقيم الشاملة).

ثانياً:

أما القول في دم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد اختلف فيه أهل العلم:

فمن قال بأن الدم من غير السبيلين طاهر، أو أنّ دم الآدمي طاهر: فلا إشكال عندهم، فكل بني آدم دماؤهم طاهرة.

وأما جمهور أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين القائلين بنجاسة دم الآدمي، فمنهم من يرى أنّ دم النبي صلى الله عليه وسلم نجس كسائر بني آدم، وهو أحد الوجهين عند الشافعية.

ومنهم من يرى أنّ دم النبي صلى الله عليه وسلم مستثنى من ذلك وأن دمه صلى الله عليه وسلم. طاهر.

قال الإمام الرافعي، رحمه الله: ” وهل نحكم بنجاسة هذه الفضلات من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وجهان:

قال أبو جعفر التِّزمِذِيِّ لا، لأَنَّ أَبَا طَيبَةَ الحَاجِمَ شَرِبَ دَمَهُ فلَم يُنكِرْ عَلَيهِ …

معظم الأصحاب حكمها كحِكمها من غيره قياساً، وحملوا الأخبار على التداوي. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لأبي طَيبَةَ: لَا تَعُدْ، الدَّمُ كُلُّهُ حَرَامٌ”. انتهى، من “فتح العزيز شرح الوجيز” (1/38).

وقال الإمام النووي، رحمه الله:

” وأما بوله صلى الله عليه وسلم ودمه ففيهما وجهان مشهوران عند الخراسانيين …

واستدل من قال بنجاسة هذه الفضلات: بأنه صلى الله عليه وسلم كان يتنزه منها.

واستدل من قال بطهارتها بالحديثين المعروفين: أن أبا طيبة الحاجم حجمه صلى الله عليه وسلم وشرب دمه، ولم ينكر عليه.

وأن امرأة شربت بوله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليها .

وحديث أبي طيبة: ضعيف.

وحديث شرب المرأة البول: صحيح، رواه الدارقطني وقال: هو حديث صحيح.

وهو كاف في الاحتجاج لكل الفضلات قياسا. وموضع الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليها، ولم يأمرها بغسل فمها ولا نهاها عن العود إلى مثله.

وأجاب القائل بالطهارة عن تنزهه صلى الله عليه وسلم عنها: أن ذلك على الاستحباب والنظافة.

والصحيح عند الجمهور: نجاسة الدم والفضلات. وبه قطع العراقيون.

وخالفهم القاضي حسين فقال: الأصح طهارة الجميع. والله أعلم”. انتهى، من “المجموع شرح المهذب” (1/234). وينظر للفائدة: “المهمات” للإسنوي (2/45-46).

فهذه النصوص، وغيرها: تدل على أن الجمهور الذين يرون نجاسة الدم: اختلفوا في دم النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، على قولين، وهما وجهان مشهوران معروفان في كتب الشافعية.

والذي صححه الشيخان – الرافعي والنووي- ونقلاه عن أكثر الأصحاب: أن دمه صلى الله عليه وسلم، كدم غيره، وأنه لا خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

والمتأخرون من الشافعية، يميلون إلى تصحيح الوجه المقابل لذلك.

ينظر: “مغني المحتاج” للخطيب الشربيني (1/233)، “أسنى المطالب” للشيخ زكريا الأنصاري، وحاشية الرملي عليه (1/12)، “حاشية الجمل” (1/174-175).

ثالثاً:

مما سبق يتبين أنه وقع خلاف معتبر في هذه المسألة، وقد سبق في الموقع : الكلام على ما ورد في شرب دم النبي صلى الله عليه وسلم، والخلاف في طهارته. فينظر جواب السؤال رقم: (81692).

وينظر أيضا: بيان ضعف ما ورد من الروايات في شرب بوله، صلى الله عليه وسلم، في جواب السؤال رقم: (181776).

إلا إنه ينبغي التنبيه إلى أنّ المسائل التي جرى فيها خلاف عند أهل العلم، ولا دليل صريح مع أحدهما، أو كان القول الآخر له دليل مرجوح، فلا يرد عليها التبديع والتضليل، وإنما هو عرض الراجح وبيان دليله مع اتساع الصدور للخلاف المعتبر.

كما أنّ الخوض في هذه المسألة لا ينبني عليها عمل، وهي من فضول العلم وخاصة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android