0 / 0
20/رمضان/1446 الموافق 20/مارس/2025

هل ولد النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة والده؟

السؤال: 539249

هل صحيح أن رسول صلى الله عليه وسلم ولد بعد وفاة والده عبدالله بأربع سنوات؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

المقطوع به في هذه المسألة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ يتيما.

قال الله تعالى: ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ) الضحى/6.

ولم يرد حديث صحيح يبيّن وقت وفاة عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم.

وأهل السير في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن والده عبد الله مات ووالدته آمنة حبلى به صلى الله عليه وسلم.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" واختلف في وفاة أبيه عبد الله: هل توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل، أو توفي بعد ولادته؟ على قولين أصحهما: أنه توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل ... " انتهى. "زاد المعاد" (1 / 59).

وهذا القول هو الذي صححه ومال إليه جمهور أهل السير.

قال ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله تعالى:

" ومات عبد الله بالمدينة، وترك آمنة حاملا برسول الله صلى الله عليه وسلم، على الصحيح عند جمهور أهل السير، وهو قول ابن إسحاق، ورجحه الواقدي وكاتبه محمد بن سعد في "الطبقات" وخلق، وهو أشد ما يكون من اليتم، ولا يكون اليتم في الإنسان إلا من الأب" انتهى. "جامع الآثار" (2 / 429).

ويستدلون له ببعض الآثار لكن لا تخلو من ضعف في أسانيدها، فلا يوجد نص صحيح مسند في هذه المسألة.

قال محمد بن عبد الباقي الزرقاني رحمه الله تعالى:

" والراجح المشهور، كما قال ابن كثير، ورجحه الواقدي، وابن سعد، والبلاذري، والذهبي: هو الأول، يعني أنه مات وهو حمل، والحجة له ما في "المستدرك" عن قيس بن مخرمة: ( تُوُفِّيَ أبو النبي صلى الله عليه وسلم وَأُمُّهُ ‌حُبْلَى ‌بِهِ )، قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقره الذهبي " انتهى. "شرح الزرقاني على المواهب اللدنية" (1 / 205 - 206).

وهذا الحديث رواه الحاكم في "المستدرك" (2 / 605)، قال: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا أَبُو يَحْيَى، ثنا صَدَقَةُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ ذَكَرَ وِلَادَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ( تُوُفِّيَ ‌أَبُوهُ ‌وَأُمُّهُ ‌حُبْلَى ‌بِهِ ).

وقال الحاكم: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ " انتهى.

لكن في إسناده صدقة بن سابق، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (4 / 298)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 434)، وسكتا عنه، فلم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وضعفه ابن معين.

قال ابن شاهين رحمه الله تعالى:

" قال ابن معين: صدقة المقعد. كان يروي المغازي عن ابن إسحاق. ليس بشيء- يعني ‌صدقة ‌بن ‌سابق- صاحب ابن إسحاق" انتهى. "تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين" (ص111).

وشيخ ابن إسحاق، المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة، لم يرو عنه إلا ابن إسحاق، ولم يرد فيه توثيق معتبر.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" المطلب ‌بن ‌عبد ‌الله بن قيس بن مخرمة المطلبى، أخو حكيم؛ عن أبيه:

ما روى عنه سوى ابن إسحاق، مُقلّ " انتهى. "ميزان الاعتدال" (4 / 344).

وورد أيضا عن الزهري مرسلا، كما في "مصنف عبد الرزاق" (5 / 313 - 317).

والقول الثاني: أن والد النبي صلى الله عليه وسلم، مات والنبي صلى الله عليه وسلم في المهد.

والقائلون بهذا اختلفوا في تحديد عمره صلى الله عليه وسلم عند وفاة والده.

قال السهيلي رحمه الله تعالى:

" وذُكر أنّه مات أبوه، وهو حمل، وأكثر العلماء على أنه كان في المهد. ذكره الدولابي وغيره، قيل: ابن شهرين، ذكره أحمد ابن أبي خيثمة، زهير بن حرب وقيل: أكثر من ذلك " انتهى. "الروض الأنف" (2 / 160).

وقال ابن حزم رحمه الله تعالى:

" ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وعاش يتيما، إذ مات أبوه وهو عليه السلام لم يكمل له ثلاث سنين " انتهى. "جوامع السيرة" (ص5).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"واختلف متى مات؟ فقيل: مات قبل أن يولد النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: بعد أن ولد. والأول أثبت.

واختلف في مقدار عمره صلى الله عليه وسلم لما ‌مات ‌أبوه [=يعني: على تقدير القول الثاني]. والراجح أنه دون السنة " انتهى. "فتح الباري" (7 / 163).

ثانيًا:

على القول الراجح، بأن والده عبد الله مات ووالدته آمنة حامل به صلى الله عليه وسلم، فأقوال أهل العلم في مدة حملها بالنبي صلى الله عليه وسلم لا تخرج عن الفترة المعهودة عند الناس.

قال مغلطاي رحمه الله تعالى:

"واختلف في مدة الحمل به، فقيل: تسعة أشهر، وقيل: عشرة، وقيل: ثمانية، وقيل: سبعة، وقيل: ستة " انتهى. "الإشارة إلى سيرة المصطفى" (ص61).

وأما القول بأنه صلى الله عليه وسلم ولد بعد وفاة والده عبد الله بأربع سنوات، فهذا قول لم يرد في خبر من الأخبار، لا الصحيحة الإسناد ولا الضعيفة ولا الموضوعة، فهو قول باطل لا يعرف له أصل.

والحاصل:

المقطوع به بنص الوحي أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ يتيما، وفي تحديد عمر النبي صلى الله عليه وسلم لما مات والده، محل خلاف، والمشهور والذي صححه كثير من أهل العلم هو أنه كان حملا، والوارد عند أهل السير أن مدة حمل آمنة بالنبي صلى الله عليه وسلم لا تخرج عن المدة المعهودة للحمل عند سائر النساء، وقيل كان صلى الله عليه وسلم في المهد.

ولا يوجد دليل صحيح قاطع في المسألة.

قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى:

"وقد هلك أبوه عبد الله وهي حبلى، ويقال: إن عبد الله هلك والنبي صلى الله عليه وسلم ابن ثمانية وعشرين شهرا، ‌فالله ‌أعلم ‌أي ‌ذلك كان" انتهى. "سيرة ابن اسحاق" (ص45).

وأما القول بأن عبد الله مات قبل ولادة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنوات، فهذا قول باطل لا أصل له.

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android