عمري 48 عاماً ، متزوج منذ 20 عاماً ولي 3 أولاد ، زوجتي امرأة فاضلة جدّاً ، رزقني الله رزقاً واسعاً من فضله ، أريد أن أتزوج أي أخت مسلمة بحيث يكون هذا الزواج عظيم النفع لها ، مثل الأرملة ذات الأيتام الفقراء ، أو المطلقة لأنها لا تنجب ، أو البكر التي تعدت سن الزواج وهنَّ كثيرات جدّاً ، ويشتكين عدم الزواج ، والمشكلة في اعتراض الزوجة الأولى وتهديدها بالطلاق ، وأنا لا أريد خسارتها لدينها الذي تبذل من أجله ما تستطيع وتحب جميع شرائعه ، إلا موضوع تعدد الزوجات هذا ، فهي مثل أغلب النساء في مصر لا تطيقه ، علما بأني أحتاج هذا الأمر لدفع فتنة النساء فما هو التصرف السليم مع هذه الزوجة ؟ .
هل يتزوج الثانية وله حاجة ملحة وقد يؤدي لطلاق الأولى ؟
السؤال: 69800
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أباح الله عز وجل التعدد للرجل القادر على العدل بين نسائه في النفقة والكسوة والمبيت ، وحرَّم على من لم يقدر على العدل أن يعدد ، قال الله تعالى ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا )النساء / 3 ، ومعنى ” تعولوا ” أي : تظلموا وتجوروا .
قال الشيخ الفوزان – حفظه الله – :
والآية الكريمة تدل على أن الذي عنده الاستعداد للقيام بحقوق النساء على التمام : فله أن يعدِّد الزوجات إلى أربع ، والذي ليس عنده الاستعداد يقتصر على واحدة ، أو على ملك اليمين .
والعدل هاهنا هو العدل المستطاع ، وهو القَسم والنفقة والسكن ، وأما العدل غير المستطاع فهو المحبة القلبية ، وهذا لا دخل له في منع التعدد .
” المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ” ( 3 / 252 ) .
ويجب أن تعلم المرأة أن كراهيتها لحكمٍ من أحكام الله تعالى قد يكون كفراً أو قد يؤدي بها إلى الكفر المخرج من الملة .
سئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – :
ما حكم من يَكرَه ويُكرِّه الناس من الزواج بأربع زوجات ؟ .
فأجاب :
لا يجوز للمسلم أن يكره ما شرعه الله وينفِّر الناس منه ، وهذا يعتبر ردة عن دين الإسلام ؛ لقوله تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [ محمد / 9 ] ؛ فالأمر خطير ، وسببه التأثر بدعايات الكفار الذين ينفرون من الإسلام ، ويلقون الشبه التي تروج على السذج من المسلمين ، الذين تخفى عليهم حكم التشريع الإسلامي التي من أعظمها تشريع تعدد الزوجات ؛ لما فيه من مصلحة النساء قبل الرجال .
” المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ” ( 3 / 251 ) .
على أنه ليس من اللازم ، إذا غارت المرأة على زوجها ، أو غضبت من زواجها بأخرى ، أن تكون كارهة لهذه التشريع الإلهي ؛ بل هناك من النساء من تعلم أن ذلك من شرع الله ، وتؤمن بما أنزل الله من شرعه ، وتحب دينه ، إلا أنها تكره أن تزاحم في زوجها ، وتغار من ذلك ، لضعف نفسها ، وغلبة طبعها من غير أن تحرم ما أحل الله ، أو تكره شرعه .
وما ينوي الزوج فعله من التزوج بالأرملة أو المطلقة أو من فاتها الزواج من الأبكار ، أمرٌ يُشكر عليه ، وينبغي تشجيعه عليه من قبَل الناس ، ومن قبَل زوجته ، فهذا من الأخلاق النبيلة ، ويجب على الزوجة أن تحب لغيرها ما تحب لنفسها ، فهي تحب أن يكون لها زوج وأولاد ، فكذلك ينبغي أن تحب لغيرها هذا ، بل لو كانت ابنتها على مثل هذه الحال لتمنت الزوج الذي يستر عليها ويحفظها ولو كان متزوجاً من أكثر من واحدة ، فلتعلم أن هذا هو شعور النساء وأمهاتهن .
ومما لاشك فيه أن تعدد الزوجات هو من الحلول المثلى لمشكلة العنوسة التي تفشت في بلاد المسلمين ، وتسببت في حوادث مميتة وأخلاق ساقطة .
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – :
إن من أسباب القضاء على العنوسة تعدد الزوجات ؛ فكون المرأة تتزوج من رجل يقوم بكفالتها ويصونها وتأتيها منه ذرية صالحة ولو كانت رابعة أربع : أحسن من كونها تبقى أيِّمًا محرومة من مصالح الزواج ومعرضة للفتنة ، وهذا من أعظم الحِكَم في مشروعية تعدد الزوجات ، وهو في صالح المرأة أكثر منه في صالح الرجل ، وكون المرأة قد تجد مشقة في معايشة الضرة : يقابله ما تحصل عليه من المصالح الراجحة في الزواج ، والعاقل يقارن بين المصالح والمفاسد والمنافع والمضار ، ويعتبر الراجح منها ، ومصالح الزواج أرجح من المضار المترتبة على التعدد إن وجدت .
” المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ” ( 3 / 168 ) .
قالت إحدى النساء العاقلات :
” بعدما وصلت العنوسة إلى كل البيوت , فلن أقف في طريق زوجي أبدا ، بل أنا التي سأدفعه إلى أن يستعد للزواج بأخرى، فغيرتي على ديني أكبر من غيرتي على زوجي ” .
وإذا لم تشترط المرأة ذلك في عقد النكاح : فلا يجوز لها أن تطلب الطلاق ، فإن فعلت فهي آثمة .
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) رواه أبو داود ( 2226 ) وابن ماجه ( 2055 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في ” صحيح ابن ماجه ” ( 1685 ) .
وننصح المرأة وكل امرأة تزوج عليها زوجها أن ترضى بحكم الله ، وتسأل الله أن يذهب ما في قلبها من الغيرة وأن تصبر وتبقى عند زوجها .
ونقول – أخيراً – للزوج الفاضل : لا تبنِ بيتاً على حساب آخر ، ولا تتزوج أخرى والثمن طلاق الأولى ، فمقصودك من التعدد مقصود طيب ، لكن قد لا يتيسر لك الأمر بسهولة ، فيمكنك التدرج مع زوجتك لإقناعها بالأمر عن طريق تقوية إيمانها ، ودلالتها على نماذج فاضلة ، وعدلٍ متحقق عند إخوة لك معددين ، ولا تتعجل بالأمر قبل نجاحك في هذا الأمر ، وقد قالت امرأة تزوج زوجها من عانس وقد ظلم الأولى في معاملته – تخاطب صحافية – :
” اكتبي لمن يرى في التعدد الحل لمشاكل العوانس والمطلقات : أن الرجال يحلون مشكلة امرأة على أنقاض امرأة أخرى ! ويبنون بيوتاً على هدم بيوت أخرى عندما يعجزهم العدل ” .
والله الموفق
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب