هل إلقاء السلام من الشخص الموجود على القادم بدعة
السؤال: 72231
لاحظت أن بعض المسلمين لا يلقون السلام عند وصولهم ، لذلك خطر لي أن أبادرهم أنا بإلقاء السلام ، وهو خلاف ما يجب أن يكون .
وسؤالي : هل أعد مبتدعا بذلك ( إلقائي السلام على الشخص الذي يصل ولا يلقي السلام ) ، وهل أعد عاصيا ؟
ثانيا : هل ألقي السلام ثانية لشخص وصل للتو إن لم يلق هو السلام .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
السنة أن يسلم الماشي على القاعد ، والراكب على الماشي ، والصغير
على الكبير ، والداخل على أهل المكان ، لقوله تعالى : ( فَإِذَا دَخَلْتُمْ
بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ) النور/61 ، وقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي , وَالْمَاشِي عَلَى
الْقَاعِدِ , وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ ) رواه
البخاري(6234) ومسلم (2160)
، وفي رواية للبخاري : (والمار على القاعد ) .
ومعلوم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ، وأما الرد فواجب .
وإذا لم يسلّم الداخل ، فسلّم من في البيت ، أو لم يسلّم الماشي
، فسلم القاعد ، فلا حرج في ذلك ، بل يكون قد فعل الخير ، وأتى بسنة السلام ، ووجب
الرد على الآخر .
قال النووي رحمه الله : ” اعلم أن ابتداء السَّلامِ سنَّةٌ
مستحبّة ليس بواجب ، وهو سنّةٌ على الكفاية ، فإن كان المسلِّم جماعة كفى عنهم
تسليمُ واحد منهم ، ولو سلَّموا كلُّهم كان أفضل … وأما ردّ السلام : فإن كان
المسلَّم عليه واحداً تعيَّنَ عليه الردّ ، وإن كانوا جماعةً كان ردّ السلام فرضَ
كفايةٍ عليهم ، فإن ردّ واحد منهم سقطَ الحرج عن الباقين ، وإن تركوه كلُّهم أثموا
كلُّهم ، وإن ردّوا كلُّهم فهو النهاية في الكمال والفضيلة ، كذا قاله أصحابنا ،
وهو ظاهر حسن ” انتهى من “الأذكار” ص (356) .
ثم قال رحمه الله : ” بابٌ في آدابٍ ومسائلَ من السَّلام ،
رُوينا في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسولُ اللّه
صلى اللّه عليه وسلم : ( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ على المَاشِي , وَالمَاشِي على
القاعِدِ , وَالقَلِيلُ على الكثير ) وفي رواية للبخاري : ( يُسَلِّمُ الصَّغيرُ
على الكَبيرِ , وَالمَاشِي على القاعِدِ , وَالقَلِيلُ على الكَثِير ) .
قال أصحابُنا وغيرُهم من العلماء : هذا المذكور هو السنّة ، فلو
خالفوا فسلَّم الماشي على الراكب ، أو الجالس عليهما لم يُكره ، صرّح به الإِمام
أبو سعد المتولي وغيره . وعلى مقتضى هذا : لا يُكره ابتداء الكثيرين بالسلام على
القليل ، والكبير على الصغير ” انتهى من “الأذكار” ص (369) .
ونقل الحافظ ابن حجر عن الْمَازِرِيّ قوله : ” لَوْ اِبْتَدَأَ
الْمَاشِي فَسَلَّمَ عَلَى الرَّاكِب لَمْ يَمْتَنِع لأَنَّهُ مُمْتَثِل لِلأَمْرِ
بِإِظْهَارِ السَّلام وَإِفْشَائِهِ ، غَيْر أَنَّ مُرَاعَاة مَا ثَبَتَ فِي
الْحَدِيث أَوْلَى ، وَهُوَ خَبَر بِمَعْنَى الأَمْر عَلَى سَبِيل الاسْتِحْبَاب ،
وَلا يَلْزَم مِنْ تَرْك الْمُسْتَحَبّ الْكَرَاهَة ، بَلْ يَكُون خِلاف الأَوْلَى
، فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُور بِالابْتِدَاءِ فَبَدَأَهُ الآخَر كَانَ الْمَأْمُور
تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَالآخَر فَاعِلا لِلسُّنَّةِ ، إِلا إِنْ بَادَرَ
فَيَكُون تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ أَيْضًا ” انتهى من “فتح الباري” (11/17)
.
وقوله : ” إلا إن بادر فيكون تاركا للمستحب ” أي لا ينبغي لمن في
البيت مثلا أن يبادر بالسلام على الداخل ، بل يمهله حتى يسلّم هو ، فإن ترك السلام
سَلَّمَ مَنْ في البيت .
والحاصل : أن إلقاءك السلام على من يدخل عليك ولا يسلّم ، ليس
بدعة ولا معصية ، بل فيه إحياء للسنة ، وإشاعة للألفة والمحبة ، بشرط ألا تتسرع في
ذلك ، بل تمهل الداخل حتى يسلم ، فإن لم يفعل ، ألقيت السلام حينئذ .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟