0 / 0

أسباب انتكاسة المستقيم حديثاً ونصائح لمن يريد طلب العلم

السؤال: 95290

أريد نصيحة لمن التزم حديثاً ، وماذا يفعل لكي لا ينتكس ؟ ونصائح بماذا يبدأ بالقراءة من الكتب بعد القرآن .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
يفرح الله تعالى بتوبة عبده مع أنه تعالى هو الموفِّق لهذا التائب أن يتوب ، وهو سبحانه لا تضره معاصي الخلق ولو كثرت ، وهذا من عظيم رحمة الله تعالى بخلقه ، وعظيم فضله ، والذي ننصح به إخواننا المستقيمين على الهداية والمتوجهين نحو طريق الخير هو :
1. حمد الله تعالى وشكره بصدق وإخلاص ، أن وفقهم لأن يهتدوا لطريق الجنة ، وأن يعلموا أنه لولا الله ما اهتدوا ولا صلوا ، ويحتاج مع الحمد والشكر إلى دعاء الله تعالى أن يثبته على الدين والحق ؛ فإن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، يا مصرف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك ) ونحن أولى بهذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم .
2. التزام طاعة الله تعالى بأداء الواجبات المفروضة ، والحرص على زيادة التقرب إلى الله تعالى بعد الفرائض بفعل السنن ؛ لتحصيل محبة الله تعالى ، ومن أحبَّه الله ثبَّته على الطريق ، وزاده هدى وتوفيقاً .
فعَنْ أَبِي هُريرة رضي الله عنه قالَ : قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الله تَعالَى قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً ، فَقَدْ آذنتُهُ بالحربِ ، وما تَقَرَّب إليَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إليَّ مِمَّا افترضتُ عَليهِ ، ولا يَزالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ ، فإذا أَحْبَبْتُهُ ، كُنتُ سَمعَهُ الّذي يَسمَعُ بهِ ، وبَصَرَهُ الّذي يُبْصِرُ بهِ ، ويَدَهُ الَّتي يَبطُشُ بها ، ورِجْلَهُ الّتي يَمشي بِها ، ولَئِنْ سأَلنِي لأُعطِيَنَّهُ ، ولَئِنْ استَعاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ) . رواهُ البخاريُّ ( 6137 ) .
3. التطلع إلى رضوان الله تعالى ، والتشوق للقائه سبحانه ، وعدم الانشغال بالدنيا ، بمباحاتها وملذاتها ، ولتكن همة هذا المستقيم على الطاعة علوية لا سفلية ، وليكن هدفه تحصيل السعادة الأبدية في دار لا يهرم فيها ولا يمرض ، وهي الجنة .
4. وعليه بطلب العلم ، وأول الطلب البداءة بحفظ كتاب الله تعالى ، ثم النظر في السنَّة المطهرة ، والقراءة في كتب العقيدة السلفية والتوحيد والفقه ، ومن شأن معرفة المسلم لدينه أن يزداد تمسكاً به ، ومن أعظم أسباب الانتكاس والسقوط في الطريق ، الجهل بالدين وعدم معرفته .
5. وعليه أن يحرص على الصحبة الصالحة ، وترك الصحبة الفاسدة ، وخاصة من كان معه في طريق الغواية من قبل ؛ لئلا يكون هؤلاء سبباً في رجوعه طريقه القديم ، وقد شبَّه النبي صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بحامل المسك ، فهو إما أن يعطيك منه ، وإما أن تشم منه رائحة طيبة ، وشبَّه جليس السوء بنافخ الكير ، فهو إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تشم منه رائحة خبيثة ، وهكذا هو الصاحب الصالح ، والصاحب السيئ ، فالأول إما أن يدلك على الخير ، ويرشدك إلى الصواب ، وإلا فإنك سترى منه الخير في سمته وهديه وخلُقه ، وأما الصاحب السيئ فهو إما أن يدلك على المعصية فتفعلها ، أو أنه يباشرها بنفسه فلا ترى منه إلا شرّاً وتشجيعاً على فعل الفواحش ، فيجب الحرص على الصحبة الصالحة ، كما يجب هجر الصحبة الفاسدة .
6. الحذر من المعاصي الصغائر منها والكبائر ، فإن معظم النار من مستصغر الشرر ، والمعصية تأتي بأختها ، والقلب إذا أظلم واسودَّ بسبب المعاصي : لم يعد قلباً حيّاً يعرف المعروف ، وينكر المنكر ، فالحذر الحذر من المعاصي .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلا : كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ ( أي : طعامهم ) ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا ( أي : شيئاً كثيراً ) ، فَأَجَّجُوا نَارًا ، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا ) .
رواه أحمد ( 37 / 467 ) وحسَّنه شعيب الأرناؤوط ، وصححه الألباني .
7. الحذر من فتنة المال ، فعلى من رزقه الله تعالى مالاً أن يجعل ذلك المال عوناً له على طاعة الله ، وينفقه في مرضات الله ، كبناء المساجد ، وطباعة الكتب ، وتسجيل الأشرطة ، وتوزيع المطويات ، وليحرص على أداء العمرة والحج ، وليحذر من إسرافه في المباحات ، أو تبذيره في المحرمات ، فقد يكون المال سبباً لفتنة الإنسان في دينه ، وصدق الله العظيم إذ يقول : ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم ) التغابن/15
8. على المهتدي تعمير قلبه بالإيمان ، فالقلب إذا صلح صلحت الأعضاء ، وإذا فسد فسدت الأعضاء ، فليحرص على قراءة القرآن ، والاستكثار من الطاعات .
9. وقد يكون من أسباب انتكاس الشاب : عدم وجود زوجة ، فليحرص على الزواج ، وتكوين أسرة ، وليحرص على تأديبهم وتعليمهم ، وكونه عزباً مظنة للوقوع في المعاصي ، والتعلق بالشهوات ، وكثرة السهر ، وترك الحياة الجدية ، والرضا بحياة الراحة والدعة والكسل .
10. وأخيراً : فإن المتهدي حديثاً يحتاج إلى التعقل في أداء الطاعات ، والحكمة في دعوة الناس ؛ فإن بعض من يهديه الله تعالى لطريق الحق يُشدِّد على نفسه بالطاعات ، ويقسو على الآخرين في دعوتهم وتذكيرهم ، ولعلَّ هذا أن يكون سبباً في انتكاسته ، فليحرص على التعقل ، والحكمة ، والرفق ، وليحرص على مشاورة أهل العلم والاستفسار منهم ، واستنصاحهم ، فإن في ذلك الخير العظيم له .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ، فَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ ) .
رواه ابن حبان في ” صحيحه ” ( 1 / 187 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح الترغيب ” ( 56 ) .
وانظر شرح هذا الحديث وتفصيل هذه النقطة في جواب السؤال رقم : ( 70314 ) .
ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الحق ويرزقنا الإخلاص والصدق في القول والعمل .
ثانياً :
وأما طالب العلم المبتدئ في الطلب : فلا بد من توجيه نصائح له في طلبه للعلم ؛ حتى يكون مأجوراً مثاباً على الطلب ، وإلا صار عليه نكالاً :
1. أخلص في نيتك في طلب العلم .
واعلم أن طلب العلم عبادة ، وأن الله تعالى لا يقبل من العبادات إلا ما كان خالصاً لوجهه ، فلا تطلب العلم من أجل الشهرة والرفعة والتعالي والمال ومجاراة السفهاء ومماراة العلماء ، بل اجعل طلبك خالصاً لوجه الله تعالى ، تمتثل به أمر الله تعالى ، وترفع الجهل عن نفسك ، وعن غيرك .
2. اصبر في الطلب ، ولا تستعجل قطف الثمرة ، فالطريق طويل وشاق ، و ” من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة ” .
3. اعمل بما تعلم ، فقد ” هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل ” .
4. ابدأ بصغار العلم قبل كباره ، فلا تبدأ بـ ” فتح الباري ” و ” المجموع ” و ” المحلى ” ، بل ابدأ بالمتون الصغيرة إلى أن تصل إلى تلك الكبيرة .
5. احرص على أن تقرأ على شيخ موثوق في دينه وعلمه ، فإن لم يكن فطالب علم ممن سبقوك في الطريق .
6. نوِّع طرق الطلب حتى لا تمل ، فاجعل منها القراءة والسماع والمشاهدة .
7. احرص على اقتناء الكتب المحققة .
8. لا تبدأ بكتب الخلاف قبل ضبط أصول الأدلة من القرآن والحديث الصحيح .
9. تواضع لله تعالى ، وإياك من داءين خطيرين : الكبر ، والحسد ، وقد كان السلف يسمعون ممن هو أكبر منهم ليتعلموا الأدب ، وممن هو أصغر منهم ليتعلموا التواضع ، وممن هو مثلهم ليزيلوا داء الحسد من قلوبهم .
10. لا تستعجل الفتوى ، واحرص على المذاكرة ، وتلخيص ما تقرأ ، وتدوين الفوائد ، ومراجعتها ، واحرص على تعليم الجاهل ما استفدته من العلم ، وقد قال تعالى : ( وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) البقرة/3 .
وانظر جواب السؤال رقم ( 10324 ) ففيه جملة من آداب طالب العلم .
ثالثاً :
وأما الكتب التي يبدأ بقراءتها بعد قراءة كتاب الله تعالى ، والحرص على حفظه : فهي كثيرة ، وقد ذكرنا أهم هذه الكتب الموثوقة ، وما يناسب كل مرحلة من مراحل طلب العلم ، فانظرها في جوابي السؤالين : (14082) و (20191)
وننبه على أن في موقعنا هذا تحت تصنيف ” العلم والدعوة / العلم ” جملة وافرة من الأجوبة التي يستفيد منها طالب العلم في الآداب والأحكام والنصائح .
ونسأل الله دائما أن يوفقك ، وأن ييسر لك العلم النافع ، والعمل الصالح ، ومن يهده الله تعالى فهو المهتدي ، ومن يضلل فلا هادي له .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android