هل صحيح أن الحصى والفتات الموجود في المسجد هو عبارة عن مهر للحور العين ؟
مهر الحور العين
السؤال: 102757
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لم يرد تعيين مهر الحور العين في حديث صحيح ، وكل ما ورد فيه فهو إما ضعيف جدا أو موضوع ، ومجموع ما ورد في ذلك عن ستة من الصحابة :
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا قال : ( كم من حوراء عيناء ما كان مهرها إلا قبضة من حنطة أو تمر )
رواه العقيلي (1/42) وعنه ابن الجوزي في “الموضوعات” (3/253) وابن حبان في “المجروحين” (1/98)
قال ابن الجوزي : ” المتهم به أبان . قال أبو حاتم بن حبان : أبان بن المحبر يأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم حتى لا يشك المتبحر في هذه الصناعة أنه كان يعملها ، لا تجوز الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار ، وهو الذى روى عن نافع هذا الحديث وهو باطل ، وقال الدار قطني : أبان متروك ” انتهى .
وقال ابن أبي حاتم في “العلل” (رقم/641) : ” قال أبِي : هذا حدِيثٌ باطِلٌ ، وأبانٌ هذا مجهُولٌ ضعِيفُ الحدِيثِ ” انتهى . وقال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (رقم/571) : موضوع .
2- ويروى عن أبي هريرة أيضا حديث : ( مهر الحور قبضات التمر وفلق الخبز )
رواه ابن عدي في “الكامل” (5/25) وابن الجوزي في “الموضوعات” (3/253) وقال : ” المتهم به عمر بن صبح . قال ابن حبان : كان يضع الحديث عن الثقات ، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب ” انتهى .
3- ومما اشتهر أيضا بين الناس مما لا يصح ، حديث أنس : ( كنس المساجد مهور الحور العين )
رواه الديلمي في “مسند الفردوس” (برقم/4896) وابن الجوزي في “الموضوعات” (3/253) وقال :
” فيه مجاهيل . وعبد الواحد ليس بثقة . قاله يحيى . وقال البخاري والفلاس والنسائي : متروك الحديث ” انتهى . وحكم عليه الشيخ الألباني بالوضع في “السلسلة الضعيفة” (برقم/4147)
4- ويحكى عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :
( يا علي ! أعط الحور العين مهورهن : إماطة الأذى عن الطريق ، وإخراج القمامة من المسجد ، فذلك مهر الحور العين )
أخرجه الديلمى في “مسند الفردوس” (رقم/8335) وابن شاهين في “الترغيب في فضائل الأعمال” (رقم/553) وعزاه في “كنز العمال” (16/229) لابن النجار . وفي إسناد ابن شاهين : المعافى بن مطهر ، ومورع بن جبير لم أقف لهما على ترجمة ، إلا شيئا يسيرا عند ابن ماكولا في “الإكمال” (7/263)
5- وجاء أيضا عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قبضات التمر للمساكين مهور الحين العين )
أخرجه الديلمى في “الفردوس” (برقم/4645) وابن الجوزي في “الموضوعات” (3/253) وعزاه السيوطي في “جامع الأحاديث” (برقم/15093) إلى الدارقطني في “الأفراد”
قال ابن الجوزي : ” تفرد به طلحة عن الوضين . قال السعدي : الوضين واهى الحديث . قال النسائي : وطلحة متروك . وقال ابن حبان : لا تحل الرواية عنه ” انتهى .
وحكم عليه الشيخ الألباني بالوضع في “السلسلة الضعيفة” (رقم/6197)
6- ويروى عن أبي قرصافة واسمه ” جندرة ” حديث في مهر الحور العين : ( إخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين )
أخرجه الطبرانى (3/19) وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (5 /110) وأبو بكر الشافعى فى الفوائد (2/23/2) وابن منده فى “المعرفة” (2/259 برقم/6340) وعزاه السيوطي في “الدر المنثور” (4/144) لأبي بكر الشافعي في رباعياته . قال الهيثمي في “مجمع الزوائد” (2/113) : ” في إسناده مجاهيل ” انتهى . وقال الشيخ الألباني “السلسلة الضعيفة” (رقم1675) : ” وهذا إسناد مظلم ، مَن دون أبي قرصافة ليس لهم ذكر في شيء من كتب الرجال ، حاشا محمد بن الحسن بن قتيبة ، فإنه حافظ ثقة ثبت ” انتهى .
والحاصل أنه لم يصح حديث في تعيين مهر الحور العين ، ولذلك قال ابن الجوزي رحمه الله في “الموضوعات” (3/254) :
” هذا حديث لا يصح من جميع جهاته ” انتهى .
ثانيا :
مهر الحور العين الحقيقي هو كل عمل صالح يقرب إلى الله تعالى ، ويكون سببا في دخول الجنة .
يقول القرطبي رحمه الله في “التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة” (ص/556) :
” باب ما جاء أن الأعمال الصالحة مهور الحور العين .
أورد فيه بعض الأحاديث السابقة ثم قال :
وقال محمد بن النعمان المقري :
كنت قاعدا عند الجلا المقرى بمكة في المسجد الحرام ، إذ مر بنا شيخ طويل نحيل الجسم عليه أطمار خلقة ، فقام إليه الجلا ووقف معه ساعة ثم انصرف إلينا فقال : هل تعرفون من هذا الشيخ ؟ فقلنا : لا . فقال : ابتاع من الله حوراء بأربعة آلاف ختمة ، فلما أكملها رآها في المنام في حليها وحللها فقال : من أنت ؟ فقالت : أنا الحور التي ابتعتني من الله تعالى بأربعة آلاف ختمة هذا الثمن فما نحلتي أنا منك ؟ قال : ألف ختمة قال الجلا : فهو يعمل فيها بعد .
وروى عن سحنون أنه قال : كان بمصر رجل يقال له سعيد ، وكانت له أم من المتعبدات ، وكانت إذا قام من الليل يصلي تقوم والدته خلفه ، فإذا غلب عليه النوم ونعس تناديه والدته :
” يا سعيد ! إنه لا ينام من يخاف النار ، ويخطب الحور الحسان ” فيقوم مرعوبا .
ويروى عن ثابت أنه قال : كان أبي من القوامين لله في سواد الليل قال : رأيت ذات ليلة في منامي امرأة لا تشبه النساء فقلت لها : من أنت ؟ فقالت حوراء أمة الله فقلت لها : زوجيني نفسك . فقالت : اخطبني من عند ربي وأمهرني . فقلت : وما مهرك ؟ فقالت : طول التهجد . وأنشدوا :
يا خاطب الحور في خدرها وطالبا ذلك على قدرها
انهض بجد لا تكن وانيا وجاهد النفس على صبرها
وقم إذا الليل بدا وجهه … وصم نهارا فهو من مهرها
وقال مالك بن دينار : كان لي أحزاب أقرؤها كل ليلة ، فنمت ذات ليلة ، فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال ، وبيدها رقعة فقالت : أتحسن أن تقرأ ؟ فقلت : نعم فدفعت إلي الرقعة فإذا فيها مكتوب هذه الأبيات :
لهاك النوم عن طلب الأماني وعن تلك الأوانس في الجنان
تعيش مخلدا لا موت فيها وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبه من منامك إن خيرا … من النوم التهجد بالقران ” انتهى باختصار .
وبنحوه في كلام ابن رجب في رسالته “اختيار الأولى” (ص/12) وفي “لطائف المعارف” (ص/159)
وانظر سؤال رقم (10053) عن الحور العين .
وأما تنظيف المساجد فهو أمر مندوب إليه ، وجاءت فيه أدلة كثيرة في الحث عليه وبيان فضله ، وسبق في موقعنا ذكر شيء منها في جواب السؤال رقم : (20160)
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة