0 / 0
156,29708/11/2000

هل يتذكّر أهل الجنّة ما كان في الدّنيا

السؤال: 1141

هل أهل الجنة سيتذكرون ما كانوا عليه في الدنيا؟ وهل يشتهون أشياء مثل التي يشتهونها في الدنيا؟

ملخص الجواب

أهل الجنة يتذكرون حياتهم في الدنيا، وقد وردت أدلة في القرآن تدل على ذلك. وكذلك يتذكرون أهل الشر الذي كانوا يشككون أهل الإيمان، ويدعونهم إلى الكفر، ويتذكرون أيام الدنيا، وما لاقوا فيها من ابتلاء ومحن في أنفسهم وأبنائهم وأهليهم وأموالهم، ثم تثور ذكريات الماضي عندما يرون فاكهة تشابه الفاكهة التي كانوا يأكلونها في الدنيا، ولكن تختلف عنها في الحجم والطعم. ويتذكر أهل الجنة دعاءهم في أوقات الضيق، وأكفهم المرفوعة إلى السماء طالبة القبول لأعمالهم، والتوفيق للعمل الصالح، وأن يكونوا من ورثة النعيم.

الجواب

هل نتذكر الدنيا في الجنة؟

نعم، أهل الجنة يتذكرون ما كانوا عليه في الدنيا، وقد وردت أدلة في القرآن تدل على ذلك منها ما جاء في سورة الطور: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ* فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ* إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ الطور/25- 28.

وكذلك تذكّرهم لأهل الشر الذي كانوا يشككون أهل الإيمان، ويدعونهم إلى الكفر، قال تعالى في سورة الصافات: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ* يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ* أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ الآيات، الصافات/ 50- 53.

 ويتذكرون أيام الدنيا، وما لاقوا فيها من ابتلاء ومحن في أنفسهم وأبنائهم وأهليهم وأموالهم، فيقولون مسرورين: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ فاطر/ 34.

ثم تثور ذكريات الماضي "في الدنيا" عندما يرون فاكهة تشابه الفاكهة التي كانوا يأكلونها في الدنيا، ولكن تختلف عنها في الحجم والطعم، كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا البقرة/ 25.

ويتذكر أهل الجنة دعاءهم في أوقات الضيق، وأكفهم المرفوعة إلى السماء طالبة القبول لأعمالهم، والتوفيق للعمل الصالح، وأن يكونوا من ورثة النعيم كما قال عزّ وجلّ: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ* فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ* إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ الطور/25- 28.

هل يشتهي أهل الجنة مثل نعيم الأرض؟

أما مسألة أن يشتهي أهل الجنة مثل نعيم الأرض، فإنّه سيشتهون فوق ذلك بكثير لأنّ أدنى أهل الجنة منزلة له أكثر من عشرة أمثال نعيم الدنيا كما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ حَبْوًا فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلاَى فَيَرْجِعُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ، قَالَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى فَيَرْجِعُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا أَوْ إِنَّ لَكَ عَشَرَةَ أَمْثَالِ الدُّنْيَا، قَالَ فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي أَوْ أَتَضْحَكُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ، قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قَالَ فَكَانَ يُقَالُ ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً متفق عليه، وهذه رواية مسلم رقم: (272).

وكلّ ما يشتهيه أهل الجنّة يحصلون عليه كما قال عزّ وجلّ: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ سورة الزخرف/71.

وقد وردت أحاديث في تلبية رغبة بعض أهل الجنّة في الولد والزرع وأنّ ذلك لا يحتاج إلى انتظار.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ (وهذا إخبار عن المستقبل بصيغة الماضي لبيان أنّ الوقوع متحقّق) فَقَالَ لَهُ: أَوَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ (أي: سبق لمح البصر) نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ فَقَالَ الاَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لا تَجِدُ هَذَا إِلا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري (6965).

قال ابن حجر رحمه الله: "وفي هذا الحديث من الفوائد أن كل ما اشتهي في الجنة من أمور الدنيا ممكن فيها" انتهى من "فتح الباري".

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا يَشْتَهِي رواه الترمذي (2487) قَالَ أَبُو عِيسَى: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ"، وهو في "صحيح الجامع" (6649).

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة بكرمه ورحمته والله تعالى أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الشيخ محمد صالح المنجد

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android