0 / 0

وقفات مهمة مع حديث الحوض ، وبيان الطوائف التي تردهم الملائكة عنده

السؤال: 125919

ما تفسير الحديث القدسي في ما معناه – أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يرِد المسلمون إلى حوضه ، يُرجع الله طائفة من الناس فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( يا رب ، أمتي ، أمتي ) فيقول عز وجل : إنك لا تدري ما فعلوا بعدك ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
اصطلح المحدثون على تسمية الحديث الوارد هنا : " حديث الحوض " ، وللحديث ألفاظ وروايات متعددة ، ليس بينها – بفضل الله – اختلاف .
وهذه بعض الروايات بألفاظها المختلفة :
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ) .
رواه البخاري ( 6212 ) ومسلم ( 2290 ) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ : ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ) قَالُوا : أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( أَنْتُمْ أَصْحَابِي ، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ) فَقَالُوا : كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : ( أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ) قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ ؛ أُنَادِيهِمْ : أَلَا هَلُمَّ . فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ : سُحْقًا سُحْقًا ) .
رواه مسلم ( 249 ) .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ مِنْكُمْ ، فَلَيُقَطَّعَنَّ رِجَالٌ دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ : يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ) .
رواه أحمد ( 41 / 388 ) وصححه المحققون .
عن أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرُفِعُوا إِلَيَّ اخْتُلِجُوا دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ : أَيْ رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
رواه البخاري ( 6211 ) ومسلم ( 2304 ) .
عن عَبْد اللَّهِ بنِ مسعود قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي ، فَأَقُولُ : أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي يَقُولُ : لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
رواه البخاري ( 6642 ) ومسلم ( 2297 ) .
ثانياً:
عند التأمل في الأحاديث السابقة نجد أن الكلام قد انحصر في مجموعات ترِد حوض النبي صلى الله عليه وسلم لتشرب منه ، فتردهم الملائكة ، ويناديهم النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظ هي " أمتي " ، " أصحابي " ، " أصيحابي " ، وليس بينها اختلاف تضاد ، بل هي محمولة على أناس تشملهم معاني تلك الكلمات ، ويمكننا أن نجملهم بهذه الطوائف :
1. مرتدون عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا أسلموا في حياته ورأوه وهم على الإسلام .
2. مرتدون عن الإسلام في أواخر حياته صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن يعلم بكفرهم .
3. أهل النفاق ممن أظهر الإسلام ، وأبطن الكفر .
4. أهل الأهواء الذين غيَّروا سنَّة النبي صلى الله وسلم وهديه ، كالروافض ، والخوارج .
5. وبعض العلماء يُدخل فيهم : أهل الكبائر ، وله ما يؤيد من السنَّة ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده ( 9 / 514 ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَأْمُرُونَكُمْ بِمَا لَا يَفْعَلُونَ فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَنْ يَرِدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ ) وصححه المحققون .
ولفظ " أمتي " في الأحاديث يصدق على أهل القول الرابع ، والخامس ، ولفظ " أصحابي " و " أصيحابي " على الأقوال الثلاثة الأوَل .
ومما يدل على أنهم من أمته صلى الله عليه وسلم : أنه عرفهم بالغرة والتحجيل ، وهي سيما خاصة بهذه الأمة ، ويكون تعرف النبي صلى الله عليهم وسلم هناك بصفاتهم ، لا بأعيانهم ؛ لأنهم جاءوا بعده .
ومما يدل على دخول المنافقين في اسم " أصحابي " : قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ) رواه البخاري ( 3518 ) ، وهذا معنى لغوي بحت للصحبة ، ليس أنهم استحقوا شرفها ؛ لأن تعريف الصحابي الاصطلاحي لا يصدق على هؤلاء .
وهذه طائفة من أقوال أهل العلم في تلك الأحاديث :
1. قال النووي – رحمه الله – في شرح الحديث – :
هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال :
أحدها : أن المراد به المنافقون ، والمرتدون ، فيجوز أن يُحشروا بالغرة والتحجيل ، فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم للسيما التي عليهم ، فيقال : ليس هؤلاء مما وُعدتَ بهم ، إن هؤلاء بدَّلوا بعدك ، أي : لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم .
والثاني : أن المراد من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ارتد بعده ، فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء ، لما كان يعرفه صلى الله عليه وسلم في حياته من إسلامهم ، فيقال : ارتدوا بعدك .
والثالث : أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد ، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام .
" شرح مسلم " ( 3 / 136 ، 137 ) .
2. وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
وقال الخطابي : لم يرتد من الصحابة أحد ، وإنما ارتد قوم من جفاة العرب ، ممن لا نصرة له في الدين ، وذلك لا يوجب قدحاً في الصحابة المشهورين ، ويدل قوله : ( أصيحابي ) بالتصغير على قلة عددهم .
" فتح الباري " ( 11 / 385 ) .
3. وقال الشيخ عبد القاهر البغدادي – رحمه الله – :
أجمع أهل السنَّة على أن الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من كِندة ، وحنيفة ، وفزارة ، وبني أسد ، وبني بكر بن وائل ، لم يكونوا من الأنصار ، ولا من المهاجرين قبل فتح مكة ، وإنما أطلق الشرع اسم المهاجرين على من هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة ، وأولئك بحمد الله ومنِّه درجوا على الدين القويم ، والصراط المستقيم .
وأجمع أهل السنة على أن من شهد مع رسول الله بدراً : من أهل الجنة ، وكذلك كل مَن شهد معه بيعة الرضوان بالحديبية .
" الفَرْق بين الفِرق " ( ص 353 ) .
4. وقال الشاطبي – رحمه الله – :
والأظهر : أنهم من الداخلين في غمار هذه الأمة ؛ لأجل ما دل على ذلك فيهم ، وهو الغرة والتحجيل ؛ لأن ذلك لا يكون لأهل الكفر المحض ، كان كفرهم أصلاً ، أو ارتداداً .
ولقوله : ( قد بدلوا بعدك ) ، ولو كان الكفر : لقال : " قد كفروا بعدك " ، وأقرب ما يحمل عليه : تبديل السنة ، وهو واقع على أهل البدع ، ومن قال : إنه النفاق : فذلك غير خارج عن مقصودنا ؛ لأن أهل النفاق إنما أخذوا الشريعة تقيةً ، لا تعبداً ، فوضعوها غير مواضعها ، وهو عين الابتداع .
ويجري هذا المجرى كل من اتخذ السنَّة والعمل بها حيلةً وذريعةً إلى نيل حطام الدنيا ، لا على التعبد بها لله تعالى ؛ لأنه تبديل لها ، وإخراج لها عن وضعها الشرعي .
" الاعتصام " ( 1 / 96 ) .
5. قال القرطبي – رحمه الله – :
قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين : فكلُّ مَن ارتد عن دين الله ، أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ، ولم يأذن به الله : فهو من المطرودين عن الحوض ، المبعدين عنه ، وأشدهم طرداً : مَن خالف جماعة المسلمين ، وفارق سبيلهم ، كالخوارج على اختلاف فرقها ، والروافض على تباين ضلالها ، والمعتزلة على أصناف أهوائها ، فهؤلاء كلهم مبدِّلون ، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور ، والظلم ، وتطميس الحق ، وقتل أهله ، وإذلالهم ، والمعلنون بالكبائر ، المستخفون بالمعاصي ، وجماعة أهل الزيغ ، والأهواء ، والبدع .
ثم البعد قد يكون في حال ، ويقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال ، ولم يكن في العقائد ، وعلى هذا التقدير يكون نور الوضوء ، يُعرفون به ، ثم يقال لهم ( سحقاً ) ، وإن كانوا من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يُظهرون الإيمان ، ويُسرون الكفر : فيأخذهم بالظاهر ، ثم يكشف له الغطاء فيقول لهم : ( سحقاً سحقاً ) ، ولا يخلد في النار إلا كافر ، جاحد ، مبطل ، ليس في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان .
" التذكرة في أحوال الموتى والدار الآخرة " ( ص 352 ) .
ثالثاً:
مما يبين كذب الروافض في زعمهم أن الصحابة الأجلاء أبا بكر وعمر وعثمان من أولئك المرتدين : أنه قد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه قد حصلت ردة ، وقتال للمرتدين ، فمَن قاتل مَن ؟ إن الذي ارتد هم الذين ذكرنا وصفهم ، من بعض قبائل العرب ، وإن الذي قاتلهم هو أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه ، وإخوانه من المهاجرين والأنصار – وقد شاركهم في قتالهم : علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وسبى من بني حنيفة امرأة ، أنجبت له فيما بعد الإمام العلَم " محمد بن الحنفية " – ؛ فإذا كان الصحابة الكرام : أبو بكر وعمر ، ومن معهما من المهاجرين والأنصار : مرتدين ؛ فماذا يكون حال مسليمة وأتباعه ، والعنسي وأتباعه ؟! إلا إن هذا هو عين النفاق والشقاق ، وقول الباطل وشهادة الزور .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
الله أكبر على هؤلاء المرتدين المفترين ، أتباع المرتدين ، الذين برزوا بمعاداة الله ورسوله وكتابه ، ودينه ، ومرقوا من الإسلام ، ونبذوه وراء ظهورهم ، وشاقوا الله ورسوله وعباده المؤمنين ، وتولوا أهل الردة والشقاق ؛ فإن هذا الفصل وأمثاله من كلامهم : يحقق أن هؤلاء القوم المتعصبين على الصدِّيق رضي الله عنه وحزبه ـ من أصولهم ـ من جنس المرتدين الكفار ، كالمرتدين الذين قاتلهم الصدِّيق رضي الله عنه .
" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 490 ) .
وقال – رحمه الله – :
وفي الجملة : فأمر مسيلمة الكذاب ، وادعاؤه النبوة ، واتباع بني حنيفة له باليمامة ، وقتال الصدِّيق لهم على ذلك : أمر متواتر ، مشهور ، قد علمه الخاص ، والعام ، كتواتر أمثاله ، وليس هذا من العلم الذي تفرد به الخاصة ، بل عِلْم الناس بذلك أظهر من علمهم بقتال " الجمَل " و " صفِّين " ، فقد ذُكر عن بعض أهل الكلام أنه أنكر " الجمل " ، و " صفين " ، وهذا الإنكار وإن كان باطلا : فلم نعلم أحداً أنكر قتال أهل " اليمامة " ، وأن مسيلمة الكذاب ادعى النبوة ، وأنهم قاتلوه على ذلك .
لكن هؤلاء الرافضة مِن جحدهم لهذا ، وجهلهم به : بمنزلة إنكارهم لكون أبي بكر وعمر دُفِنَا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنكارهم لموالاة أبي بكر ، وعمر للنبي صلى الله عليه وسلم ، ودعواهم أنه نص على " علي " بالخلافة ، بل منهم من ينكر أن تكون زينب ، ورقية ، وأم كلثوم من بنات النبي صلى الله عليه وسلم ! ويقولون : إنهن لخديجة من زوجها الذي كان كافراً قبل النبي صلى الله عليه وسلم .
" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 492 ، 493 ) .
وقال – أيضاً – :
وهم – أي : الرافضة – يدَّعون أن أبا بكر وعمر ، ومن اتبعهما ارتدوا عن الإسلام ! وقد علم الخاص والعام : أن أبا بكر هو الذي قاتل المرتدين ، فإذا كانوا يدَّعون أن أهل اليمامة مظلومون ، قتلوا بغير حق ، وكانوا منكرين لقتال أولئك ، متأولين لهم : كان هذا مما يحقق أن هؤلاء الخلف تبع لأولئك السلف ، وأن الصدِّيق وأتباعه يقاتلون المرتدين في كل زمان .
وقوله – أي : ابن المطهر الحلي الرافضي – " إنهم سمُّوا بني حنيفة مرتدين لأنهم لم يحملوا الزكاة إلى أبي بكر " : فهذا مِن أظهر الكذب ، وأبينِه ؛ فإنه إنما قاتل بني حنيفة لكونهم آمنوا بمسيلمة الكذاب ، واعتقدوا نبوته ، وأما مانعو الزكاة : فكانوا قوماً آخرين ، غير بني حنيفة ، وهؤلاء كان قد وقع لبعض الصحابة شبهة في جواز قتالهم ، وأما بنو حنيفة فلم يتوقف أحد في وجوب قتالهم … .
" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 493 ، 494 ) .
رابعاً:
يقال لهؤلاء الروافض : لماذا ارتد الخلفاء الثلاثة دون علي ؟! وما الذي استثنى مثل " عمار بن ياسر " و " المقداد بن الأسود " و " أبا ذر " و " سلمان الفارسي " من الردة ؟! أم هو التحكم والهوى ؟! .
ونحن نعتقد أن المهاجرين والأنصار في الجنة خالدين فيها أبداً ، قال تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/ 100 .
ونعتقد أن أبا بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وهكذا كل من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن هؤلاء جميعاً سيشربون من حوض النبي صلى الله عليه وسلم شراباً هنيئاً ، والويل والثبور لمن لعنهم ، وكفرهم ، فهو أولى أن يكون يوم القيامة في صف المرتدين الذين حاربهم أولئك الأطهار .
خامساً:
هذه الأحاديث حجة على الروافض ؛ حيث يثبتون فيها ردة الصحابة رضي الله عنهم إلا نفراً قليلاً ، ويزعمون أنهم " أحدثوا " بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعنى هذا أنهم كانوا على الإيمان قبل ذلك ! فأي دين اعتقدوه بعد ذلك ؟ وماذا فعلوا ما استحقوا به التكفير ؟! فإن قالوا : سلب الخلافة من علي رضي الله عنه : فيقال لهم هذه معصية ! تكفرها الحسنات ، ويكفي الصحابة سبكم ولعنكم لهم حتى توضع أوزارهم عليكم إن شاء الله .
وإن قالوا : قتل جنين فاطمة ! : قلنا قد قُتل في زمن علي رضي الله عنه الآلاف ! فهل تطبقون عليه القاعدة نفسها في التكفير ؟! .
فتبين مما سبق : أن الصحابة الأجلاء هم الذين دافعوا عن دين الله ، وهم الذين أوقفوا مدَّ الردة ، والتي قام على إذكائها ونشرها سلف أولئك الروافض ، من أمثال مسيلمة الكذاب ، والأسود العنسي ، وأن الله تعالى قد أثنى في كتابه الكريم على المهاجرين والأنصار في قرآن يُتلى إلى قيام الساعة ، وقد نزههم ربهم عن الوقوع في البدعة ، فكيف يقعون في الردة ، وهم الذين نشروا الإسلام في الآفاق ؟! .
والله أعلم
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android