أنا خاطب ابنة خالتي ونحن سنتزوج عن قريب وأنا أحبها كثيرا وسيادتكم تعلمون أن زواج الأقارب ممكن أن ينتج عنه أولاد غير طبيعيين وهذا كله بيد الله وحده .
ولا أستطيع أن أطلب منها أن نقوم بالتحاليل اللازمة الآن قبل الزواج ، فهل ممكن أن نتزوج ونؤجل الخلفة إلى ما بعد أن نقوم بالتحاليل اللازمة ؟
وماذا أفعل إن كانت التحاليل نتيجتها غير إيجابية وأننا سنجب أطفال غير طبيعيين .
فهل يجوز لي أن أمتنع عن الخلفة .
وأكرر ثانية لا ينفع أن أقوم بفسخ خطبتي عليها بأي حال من الأحوال لأمور كثيرة ومن ضمنها أني أحبها فماذا افعل ؟
هل زواج الأقارب سبب لإنجاب أولاد غير طبيعيين؟
السؤال: 139517
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
شرع الله تعالى النكاح ، وجعله من سنن المرسلين ، وذلك لما يترتب عليه من المصالح العظيمة ، كتكثير الأمة ، وخروج العلماء والمجاهدين والصالحين والمتصدقين … إلخ ، وتقوية أواصر الروابط والمحبة بين المسلمين بالنسب والمصاهرة ، مع ما فيه من السكن والمودة والرحمة التي تكون بين الزوجين .
ولم تأت آية أو حديث صحيح في المنع من زواج الأقارب .
بل قد جاءت الأدلة الشرعية بخلاف هذا ، قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ) الآية … الأحزاب /50
وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها ، وهي ابنة عمته ، وزَوَّج ابنته فاطمة من ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، مما يدل على أنه لا حرج من زواج الأقارب .
وعلى هذا ، فمنع زواج الأقارب ، أو القول بأنه سبب لانتشار الأمراض أو وجود جيل مشوه أو مريض ، كلام غير صحيح .
نعم ، قد يوجد في زواج الأقارب ـ أو غيرهم ـ ما يسبب شيئاً من ذلك ، ولكنه ليس أمراً غالباً، بل يبقى في حدود القليل أو النادر .
وفي هذا يقول د. أحمد شوقي إبراهيم استشاري الأمراض الباطنية والقلب، ورئيس لجنة الإعجاز العلمي بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
” إذا نظر أي عالم نظرة متأنية في أبعاد هذا الموضوع لوجد أن القول ” بأن زواج الأقارب يعطي الفرصة لزيادة الأمراض الوراثية في الذرية ” ليس قولا صحيحا في كل الأحوال . قد يكون صحيحا في حالات معينة ، ولكنه ليس صحيحا في كل الحالات ، وبالتالي لا ينبغي أن يكون قانونا عاما أو قاعدة عامة ” .
إلى أن قال :
” وهكذا نجد في النهاية حتى في الأمراض المحكومة بجينات متنحية لا تفضيل لزواج الأقارب على زواج الأباعد ، ولا لزواج الأباعد على زواج الأقارب .
ولو كان في زواج الأقارب ضرر أكيد ما أحله الله تعالى لرسوله ، وأشار إليه صراحة في الزواج من بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته ” انتهى .
ولكن إذا ثبت شيء من ذلك بالتحاليل الطبية أو الكشوفات والأشعات ، أو بمعرفة الجينات الوراثية وطبيعة المرض ونحو ذلك ، وأوصى الأطباء بالمنع من الزواج من القريبة في صورة مخصوصة ، وليست قاعدة عامة – فلا حرج في ترك نكاح هذه المرأة القريبة بعينها .
أما أن يتخذ ذلك قاعدة عامة ، ينهى بها عن كل نكاح الأقارب ، خشية الأمراض الوراثية المتوهمة ، فهذا تصرف غير صحيح .
وقد سئل الشيخ صالح بن حميد حفظه الله :
ما رأيكم فيمن يرى منع زواج الأقارب ، ويرى أن الزواج بالأقارب يسبب أمراضاً عديدة تصيب الجيل الجديد ، منها التخلف العقلي ، وهل يعرض الرجل والمرأة اللذان يريدان الزواج نفسيهما على الطبيب ليحدد ما إذا كان يمكن الزواج أو لا ؟
فأجاب :
” لا شك أن الأصل هو الجواز والإباحة ، بل في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أسوة وأعظم بها من أسوة ! حينما زوج ابنته علياً رضي الله عنهما وعن نسلهما ، فهي بنت ابن عمه وهم أقارب ، ولا شك طبعاً في الجواز ولا أحد يقول إنه غير جائز ، لكن القضايا الطبية أو المعينة وهذه تبدو لي قضايا عينية ، أما أن القاعدة كلها : منع زواج الأقارب فهذا ليس جائزاً ، والفقهاء لهم كلمة قريبة من هذه ، فهم يقولون : الزواج من القريبة أصبر ، ومن البعيدة أنجب . هكذا يقولون : الزواج من القريبة أصبر ؛ لأنها تصبر عادة وتتحمل كثيراً ، والمحافظة على الرحم والمحافظة على القرابة تجعلها تتحمل كثيراً ، ومن الغريبة أنجب ، بمعنى أن الولد يكون أكثر نجابة .
وأيضاً : ابن عمر أمر بالإغراب ، أن يُغرب بمعنى يتزوج من البعيدة .
فعلى كل حال ، لا شك أن الأصل هو الجواز ، وأما إذا كانت هناك قضية خاصة ، على معنى أنه إذا كان هناك فعلاً مرض معين أو حالة معينة يُخشى منها ، كما لو كان في الأسرة مرض معين ، مثلاً مرض وراثي : فهذا شيء آخر .
ولا شك أن العلم الحديث توصل إلى ما لم يتوصل إليه الأقدمون ، والأشياء المدركة بحس أو المدركة بشيء بشرط أن تكون فعلاً مقاييس معينة ليست تخمينية ، فهذه لا مانع من الأخذ بها ” انتهى .
audio.islamweb.net/audio/index.php?page… –
فالذي ننصحك به أن تستخير الله تعالى وتعزم على ما يوفقك الله إليه ، وإذا لم يكن هناك سبب ظاهر لمخاوفك هذه ، فهي وساوس من الشيطان ، فإذا لم تكن عائلتكم قد ظهرت فيها الأمراض بسبب زواج الأقارب ؛ فليس هناك ما يدعو إلى الاحتمالات التي تذكرها ، ماذا أفعل …. وماذا أفعل …. ؟ فعليك أن تتوكل على الله ، وتحسن الظن به ، وتعرض عن هذه الوساوس ، فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : (أنا عند ظن عبدي بي ، إن كان خيرا فخير ، وإن كان شرا فشر) رواه الطبراني في “الأوسط” (7951) ، صححه الألباني في “الصحيحة” (1663) .
وأخيراً … ننقل لك هذه الفتوى :
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
“ليس هناك أحاديث صحيحة تمنع من الزواج بين الأقارب ، وحصول الإعاقة إنما يكون بقضاء الله وقدره ، وليس من أسبابه الزواج بالقريبات كما يشاع ، ولا يجوز منع الإنجاب خوفا من الإعاقة ، بل يجب التوكل على الله سبحانه وإحسان الظن به” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (18/14) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب