0 / 0
28,06122/11/2009

تفسير قوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً )

السؤال: 141772

فيما يتعلق بالآية/79 من سورة البقرة ( فويل للدين يكتبون الكتاب بأيديهم …)، ما الذي كانوا يجنونه من تغيير وتحريف الكتب بعد نزولها ، وهل المعنى المقصود من كلمة ( بيع ) أنهم كانوا يبيعون تلك الكتب المحرفة للناس ليتكسبوا منها أرباحا من بيعها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

توعد الله تعالى في هذه الآية أولئك المحرفين للكتاب ، المبدلين للشرائع ، الخائنين لأمانة العلم والدين : بالويل والعذاب والهلاك يوم القيامة ، فقد حرفوا بالزيادة والنقصان ، وقالوا هذا من عند الله كذبا وزورا ، وغرضهم بذلك التحريف أن ينالوا من حطام الدنيا الفانية، وذلك يتمثل بأمور عدة :

أولا : جاه الدنيا بالاحتفاظ بمناصب الرئاسة التي كان يتمتع بها كبراء اليهود وأحبارهم ، فقد علموا أنهم إن آمنوا وأسلموا فقد أقروا بزعامة النبي الجديد ، وفقدوا بذلك ما كانوا يتكبرون ويتعالون به على الناس ، وانصرف عنهم أتباعهم لاتباع النبي الجديد ، فحذفوا من كتبهم كل بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وكتموا ما لديهم من علم في هذا الشأن ، فاشتروا الدنيا الفانية بالآخرة الباقية .

قال البغوي رحمه الله :

” وذلك أن أحبار اليهود خافوا ذهاب مأكلتهم ، وزوال رياستهم ، حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فاحتالوا في تعويق اليهود عن الإيمان به ، فعمدوا إلى صفته في التوراة ، وكانت صفته فيها : حسن الوجه ، حسن الشعر ، أكحل العينين ، ربعة ، فغيروها وكتبوا مكانها : طوال ، أزرق ، سبط الشعر ، فإذا سألهم سفلتهم عن صفته قرءوا ما كتبوا فيجدونه مخالفا لصفته ، فيكذبونه وينكرونه ، قال الله تعالى : ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ) يعني ما كتبوا ” انتهى.

” معالم التنزيل ” (1/115)

وقال القرطبي رحمه الله :

” قال ابن إسحاق والكلبي : كانت صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم ربعة أسمر ، فجعلوه آدم سبطا طويلا ، وقالوا لأصحابهم وأتباعهم : انظروا إلى صفة النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبعث في آخر الزمان ليس يشبهه نعت هذا ، وكانت للأحبار والعلماء رياسة ومكاسب ، فخافوا إن بينوا أن تذهب مآكلهم ورياستهم ، فمن ثم غيروا ” انتهى.

” الجامع لأحكام القرآن ” (2/9)

ثانيا : المال القليل مقابل صحف وكتب كتبها بعض أحبار أهل الكتاب بأيديهم لبيعها على بعض جهلة الناس فيتكسبوا من وراء ذلك ، وكان من بخلهم وخيانتهم أن غشوهم في كلام الله عز وجل ، فقالوا هذه الكتب من عند الله وما هي من عند الله .

قال قتادة رحمه الله :

” كان ناس من بني إسرائيل كتبوا كتابا بأيديهم ليتأكلوا الناس ، فقالوا : هذا من عند الله ، وما هو من عند الله ” انتهى.

ويقول السدي رحمه الله :

” كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب ، ويحدثونهم أنه مِن عند الله ، ليأخذوا به ثمنا قليلا ” انتهى.

” جامع البيان ” (2/270-271)

وذكر العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله وجهين آخرين من أوجه الأطماع الدنيوية التي حملت بعض أهل الكتاب على تحريف كتبهم ، فقال رحمه الله :

” الثمن المقصود هنا هو إرضاء العامة ، بأن غيروا لهم أحكام الدين على ما يوافق أهواءهم . أو انتحال العلم لأنفسهم مع أنهم جاهلون ، فوضعوا كتبا تافهة من القصص والمعلومات البسيطة ليتفيهقوا بها في المجامع ؛ لأنهم لما لم تصل عقولهم إلى العلم الصحيح ، وكانوا قد طمعوا في التصدر والرئاسة الكاذبة ، لفقوا نتفا سطحية ، وجمعوا موضوعات وفراغات لا تثبت على محك العلم الصحيح ، ثم أشاعوها ، ونسبوها إلى الله ودينه ، وهذه شنشنة الجهلة المتطلعين إلى الرئاسة عن غير أهلية ، ليظهروا في صور العلماء لدى أنظار العامة ومن لا يميز بين الشحم والورم ” انتهى.

” التحرير والتنوير ” (1/577)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android