0 / 0

حكم قول الرجل لصاحبه : لا تنس الله فينساك .

السؤال: 154464

ماحكم قول : ” لا تنسى الله فينساك ” ، علما بأن معلمة لنا قالت بأنها عبارة لاتصح ؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

النِّسْيَانُ لُغَةً : ضِدُّ الذِّكْرِ وَالْحِفْظِ ، يُقَال : نَسِيَهُ نِسْيَانًا وَنِسَاوَةً وَنَسَاوَةً ، وَيَأْتِي بِمَعْنَى التَّرْكِ ، يَقُول اللَّهُ تَعَالَى : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) . أَيْ تَرَكُوا طَاعة اللَّهَ فَتَرَكَهُمْ من رَحمتِه وهِدَايَته ، وَلَمَّا كَانَ النِّسْيَانُ ضَرْبًا مِنَ التَّرْكِ وَضَعَهُ مَوْضِعَهُ .
وَقَال الْفَيُّومِيُّ : نَسِيتُ الشَّيْءَ أَنْسَاهُ نِسْيَانًا ، مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : تَرْكُ الشَّيْءِ ذُهُولاً وَغَفْلَةً ، وَذَلِكَ خِلاَفُ الذِّكْرِ لَهُ ، تَقُول : تَرَكْتُ رَكْعَةً أَهْمَلْتُهَا ذُهُولاً ، وَالثَّانِي : التَّرْكُ مَعَ التَّعَمُّدِ ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْل بَيْنَكُمْ ) . أَيْ لاَ تَقْصِدُوا التَّرْكَ وَالإْهْمَال .
راجع : “الموسوعة الفقهية” (40 /264) – “لسان العرب” (15/321) – “الصحاح” (2/207) – “المحكم” (8/581) – “المصباح المنير” (2/604)

فللنسيان معنيان : معنى منتف عن الرب ، لا يليق به سبحانه ، وهو الذهول وعدم ذكر الشيء المعلوم ، قال تعالى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ) طه/ 52 ، والآخر ثابت للرب تعالى ، وهو الترك ، عقوبة لبعض عباده ، مع تمام علمه وإحاطته ، سبحانه ، ويكون ذلك في مقابلة نسيان العبد أمر ربه ؛ كما قال سبحانه : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ) السجدة /14. وقال تعالى في المنافقين : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/67 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” قوله ( فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا ) أي : نعاملهم معاملة من نَسيهم ؛ لأنه تعالى لا يشذ عن علمه شيء ولا ينساه ، كما قال تعالى : ( فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى )
وإنما قال تعالى هذا من باب المقابلة ، كما قال : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) وقال : ( كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) وقال تعالى : ( وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ) وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : نتركهم ، كما تركوا لقاء يومهم هذا . وقال مجاهد : نتركهم في النار . وقال السُّدِّي : نتركهم من الرحمة ، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا ” انتهى .
“تفسير ابن كثير” (3 /424)
وسئل الشيخ الفوزان حفظه الله :
قال سبحانه مخاطبًا الكفار وهم في النار : ( الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ) ، وقال سبحانه في آية أخرى : ( فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى ) ، فكيف نجمع بين الآيتين ؟
فأجاب :
” معنى النسيان المذكور في الآيتين مختلف ، فالنسيان الذي نفاه الله عن نفسه هو النسيان الذي هو بمعنى الغفلة والذهول ، والله سبحانه منزه عن ذلك ؛ لأنه نقص وعيب .
أما النسيان المثبت لله في قوله تعالى : ( نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) فمعناه : تركهم في الضلال وإعراضه سبحانه عنهم ، وذلك من باب المقابلة والمجازاة ، فإنهم لما تركوا أوامره وأعرضوا عن دينه تركهم الله وأعرض عنهم ، وكلمة النسيان لفظ مشترك يفسر في كل مقام بحسبه وعلى مقتضاه اللغوي ، وهذا مثل مكره سبحانه بالماكرين ، وسخريته من الساخرين ، واستهزائه بالمستهزئين ، كله من باب المجازاة والمقابلة ، وهو عدل وكمال منه سبحانه ” انتهى .
“المنتقى من فتاوى الفوزان” (46 /1-2)

وعلى ذلك : فالقول المذكور في السؤال : ” لا تنس الله فينساك ” ، معناه صحيح ، بل هو موافق لما جاء به القرآن في مواضع ، وعلى معنى : لا تنس أوامر الله وطاعته ، فتتركها إهمالا وتضييعا لها ، فيعاقبك الله بجنس عملك وتضييعك ، فيحرمك من توفيقه ورحمته ، ويتركك في عذابه .

والله تعالى أعلم .
راجع جواب السؤال رقم : (34854)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android