0 / 0
51,94128/11/2010

معنى \” الرؤية \” في قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً )

السؤال: 154625

تقول الآية خمسة عشر من سورة ” نوح ” ( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً ) ، فيسألني سائل أين هي السموات السبع ؟ ولو أن هناك سبع سموات فكيف استطاع نوح أن يطلب من قومه أن يتأملوها رغم أنها لا ترى من كوكب الأرض ؟ أليس في هذا تناقضاً لصريح القرآن ؟ .
فمن فضلك ساعدني في الإجابة على هذا السؤال وحتى آخذ بيد صاحبه للإسلام .
وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
أخبر الله تعالى عن خلق السموات وعن عددهن وعن هيئتهن.
قال تعالى ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة/ 29 .
وقال ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ) الطلاق/ 12 .
وقال تعالى ( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) الملك/ 3 .
وقال ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) فصلت/ 12 .
هذا بعض ما نعرف عن السموات السبع ، ولولا إخبار الله تعالى به لما علم ذلك أحد ؛ إذ هو من الغيب الذي لا يستطيع أن يعلمه أحد من البشر لولا إخبار الله به .
ونحن نشهد بما أخبرنا به ربنا تعالى ، ونجزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرج به إلى السموات فرآها كلها ، ونجزم أنه أحداً من البشر لم يفعل ذلك ، ولم ير طبقات السموات بعده صلى الله عليه وسلم .

ثانياً:
أما قول نوح عليه السلام لقومه ( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً ) : فليس المراد به الرؤية البصرية ، بل هي الرؤية العلمية ، وهي كثيرة بهذا اللفظ في كتاب الله ، كقول الله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ) البقرة/ 243 ، وقوله ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ) الفجر/ 6 ، وقوله ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) إبراهيم/ 28 ، وغير ذلك كثير .
قال القرطبي – رحمه الله – :
والعرب تضع ” العلم ” مكان ” الرؤية ” ، و ” الرؤية ” مكان ” العلم ” ، كقوله تعالى ( أََلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ) الفيل/ 1 ، بمعنى : ألم تعلم .
” تفسير القرطبي ” ( 2 / 156 ) .
وقال رحمه الله – في الآية موضع السؤال – :
وقوله ( أَلَمْ تَرَوْا ) على جهة الإخبار لا المعاينة ، كما تقول : ألم ترني كيف صنعت بفلان كذا .
” تفسير القرطبي ” ( 18 / 304 ) . وينظر أيضا : تفسير “الهداية” ، لمكي بن طالب ، عند تفسير هذه الآية .
وقال الإمام مكي بن طالب في تفسيره :
” ومعنى ( ألم ترو كيف خَلَقَ اللهُ ) : اعلموا أن الله خلق ذلك . ولو كان على غير الأمر معناه ، لقالوا : ما نرى إلا واحدة !! ولكن معناه الأمر ، كما تقول : غفر الله لك ، [ أي ] : اللهم اغفر له ، لأنك لست تخبره عن أمره علمتَه ، إنما هو دعاء تتمنى كونه له .
ومن هذا قول الرجل للرجل : أَلَمْ تَرَ أَنِّي لقيت زيداً فقلت له كذا وقال لي كذا ؟ معناه : اعلم أني لقيت زيداً ، فكان من أمره وأمري كذا وكذا .
ومثله : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفيل [الفيل : 1] .
وقيل : معناه : ألم يبلغكم كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً ، فتتعظوا وتزدجروا ؟ وكذلك معنى الآية الأخرى : ألم يبلغك يا محمد كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ، ولم أُوحِ إليك كيف فعلت بهم ؟” انتهى من ” الهداية إلى بلوغ النهاية” (12/7739) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android