تنزيل
0 / 0
16,54125/11/2010

تاب من سرقة خمر ومن عدم دفع ثمن مكالمات دولية فماذا يترتب عليه ؟

السؤال: 155512

اعتنقت الإسلام ثم انحرفت ، وفي فترة انحرافي كنت أسرق بعض المشروبات الكحولية من أحد المتاجر الحكومية ، وكنت أجري بعض المكالمات الدولية خلسة دون أن أدفع مقابلاً ، ثم بعد ذلك تبت .
أنا أعلم أن التوبة تمحو ما قبلها لكني سمعت أن الوضع يختلف عندما يتعلق الأمر بالديون وحقوق الآخرين ، فبماذا توجهونني ؟ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
نسأل الله تعالى أن يمنَّ عليك بالهداية ، وأن يثبتك على طاعته ، وأن يصلح أقوالك وأعمالك وأخلاقك .
وقد صدقتَ في قولك إن التوبة تُذهب آثار الذنوب ، وأن ذلك لا ينطبق على ما كان توبة من حقوقٍ للآخرين ولو كانوا كفاراً ، فيجب على التائب من ذلك أن يرد الحقوق لأهلها ؛ لتتم توبته ويَذهب أثر ذنبه بالكلية ، ورد الحقوق إلى أهلها لا يلزم منه أن يكشف نفسه لصاحب الحق ، والمهم أن يتم رد الحق لأهله ، وليختر من الطرق أيسرها وأبعدها عن الإساءة إليه .
وإذا لم يجد صاحب الحق ولم يجد ورثة له : فليتصدق بها عنه ؛ فإن الصدقة تنفع المسلم حيّاً وميتاً ، وتنفع الكافر إن كان حيّاً فقط ، وإن علِم التائبُ أن ذلك الكافر ميت : فليتخلص من ذلك المال الذي هو حق له في سبل الخير المختلفة .
وانظر تفصيل هذه المسائل في أجوبة الأسئلة (47086 ) و (31234 ) و (7545 ) و (33858 ) .

ثانياً:
الذي ينبغي التنبيه عليه هنا : أن الحقوق التي يجب ردها لأهلها لا تشمل ما هو محرَّم لذاته مما أهدرت الشريعة قيمته ، كالخمور ؛ فإنها محرَّمة لذاتها وقيمتها هدر ، فمن سرقها : فلا قطع عليه ولا ضمان .
وعليه : فإننا نفرِّق بين سرقتك لزجاجات الخمر ، وبين سرقتك للمكالمات الدولية من غير دفع ثمنها .
فالأولى : لا قطع فيها ولا ضمان ، وإنما الإثم على شرب المسكر .
والثانية : تَضمن فيها قيمة المكالمات وتردها إلى أصحابها .
والقول – في سرقة الخمر – بعدم القطع هو قول الجماهير والخلاف فيه ضعيف ، والقول بعدم الضمان هو قول الشافعية والحنابلة وأهل الظاهر ، وهو الراجح .
قال ابن قدامة – رحمه الله – :
لا يقطع في سرقة محرم كالخمر والخنزير والميتة ونحوها سواء سرقه من مسلم أو ذمي ، وبهذا قال الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي ، وحكي عن عطاء أن سارق خمر الذمي يقطع وإن كان مسلماً لأنه مال لهم أشبه ما لو سرق دراهمهم .
ولنا : أنها عين محرمة فلا يقطع بسرقتها كالخنزير ، ولأن ما لا يُقطع بسرقته من مال مسلم لا يقطع بسرقته من الذمي كالميتة والدم ، وما ذكروه ينتقض بالخنزير ولا اعتبار به ، فإن الاعتبار بحكم الإسلام وهو يجري عليهم دون أحكامهم .
” المغني ” ( 10 / 278 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
لا يُقطع بسرقة محرم كالخمر ؛ وذلك لأنه غير مال أصلاً ، فليس فيه ماليَّة إطلاقاً ، بخلاف آلة اللهو ففيها مالية ؛ لأنها لو غيرت عن آلة اللهو لأمكن أن ينتفع بها ، لكن الخمر لا يمكن أن ينتفع به أبداً ؛ لأنه حتى لو خلِّل فلا يجوز ، إلا إذا تخلل بنفسه ، وعليه : فلو سرق خمراً : فلا قطع عليه ؛ لأنه ليس بمال .
” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” ( 14 / 333 ) .
وبناء على ذلك : فلا يلزمك في توبتك من سرقة الخمر شيء لأصحابها .

وأما ثمن المكالمات الدولية : فإنه مما يجب عليك إرجاعه لأصحاب الحق فيه ، حكومة كانوا أو أفراداً ، ولتختر الطريقة المناسبة لذلك كأن تضع مالاً في حساب الدولة ، أو تشتري في مصلحة عامة ما يجب على الدولة شراؤه .
وتجد ما يفعل التائب من ذنب إجراء مكالمات – تحديداً – وعدم دفع ثمنها لأصحابها في جواب السؤال رقم ( 99394 ) .
والخلاصة :
1. باب التوبة مفتوح لكل المذنبين ، والسعيد من أدرك نفسه قبل فوات الأوان .
2. التوبة من الذنوب التي ليس فيها حقوق للآخرين تحتاج لاستغفار وندم وعزم على عدم العود لها والإكثار من الأعمال الصالحة .
3. الذنوب التي فيها حقوق للآخرين لا بدَّ من ردها لأهلها ، فإن لم يوجدوا : فلأحد ورثتهم ، فإن لم يوجدوا : تُصدق بها عن المسلم – حيّاً أو ميتاً – وعن الكافر – فقط حيّاً – .
4. وإذا كان الحق لكافر ميت : فيتخلص التائب من حقه بوضعه في وجوه الخير المختلفة .
5. إذا كان المال المسروق لكافر أو مسلم ، مما أهدرت الشريعة قيمته ولا نفع فيها – كثمن الخمر – : فإنه لا يبذل التائب ثمنه لهما ؛ لأن ماليتها مهدرة ، وأما المحرَّم الذي يوجد فيه نفع كخشب آلة العود أو ذهب الصليب : فإنه يضمن قيمة ما ينتفع به منه .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android