منذ ثلاثة أشهر وزوجتي ترفض أن تأتي إلى الفراش ، ولا تسمح لي بمسّها، وتقول إني سمين وقبيح ، وتريد أن تنفصل عني وتضغط عليّ لكي أطلقها ، وأنا في الحقيقة لا أريد تطليقها؛ لأني أحبها كثيراً ، فلا أدري ما العمل ، هل من نصيحة ؟
زوجته تريد فراقه وهو لا يريد طلاقها
السؤال: 174922
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يجوز للمرأة أن تمتنع عن فراش زوجها بدون عذر معتبر ، من حيض ، أو مرض ، أو تلبس بواجب كصوم وحج ونحو ذلك , فإن فعلت ذلك فقد عرضت نفسها للإثم واللعن , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ) رواه البخاري (2998) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ ) رواه البخاري (4795) .
وعليه : فما تفعله زوجتك من الامتناع عن فراشك فعل محرم ، بل هو من كبائر الذنوب ؛ وهو منها نشوز يسقط حقها في النفقة والقسم .
جاء في الحاوي الكبير للماوردي (11 / 438):” …… وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى أَمْرَيْنِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِمَا.
أَحَدُهُمَا: تَمْكِينُهُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا.
وَالثَّانِي: تَمْكِينُهُ مِنَ النَّقْلَةِ مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ وَإِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْبِلَادِ ، إِذَا كَانَتِ السُّبُلُ مَأْمُونَهً ؛ فَلَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنَ النَّقْلَةِ مَعَهُ : لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ …
وَإِنْ أَجَابَتْهُ إِلَى النَّقْلَةِ وَمَنَعَتْهُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ : فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ يَحْرُمُ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاعُ ، كَالْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ : لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ بِالشَّرْعِ ، فَصَارَ مُسْتَثْنًى مِنَ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ لِغَيْرِ عُذْرٍ : سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا ، إِذَا كَانَ الِاسْتِمْتَاعُ مُمْكِنًا” انتهى.
ثانيا :
إذا كرهت الزوجة المقام مع زوجها ، ولم يلتئم شملهما ، ورأت أنها لن تتمكن من أداء حقه الواجب عليها ، فقد جعل الشرع الشريف لها مخرجا من احتمال ما لا تطيقه من العيش ، والعجز عن أداء الواجب عليها ، فشرع لها أن تختلع منه .
روى البخاري (4867) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ).
وينظر جواب السؤال رقم ( 1859 ) ، ورقم ( 91878 ) .
ثالثا :
النصيحة لك : ما دامت زوجتك تطلب منك الطلاق ، ولا تريد البقاء معك : أن تطلقها , فإنه لا مصلحة للرجل في البقاء مع امرأة لا تحبه , ولا تطاوعه على ما يريد منها ، ولا تعطيه أبسط حقوقه عليها .
وأما حبك لها فلن تهنأ به ما دامت هي لا تبادلك المحبة ، وعليك أن تدعو الله سبحانه أن يرزقك بزوجة أخرى تحبها وتحبك .
ويجوز لك في هذه الحالة أن تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك بمال ، وهذا هو الخلع الذي بيناه آنفا , قال ابن كثير في تفسير قوله سبحانه : ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) النساء/ 19 : ” قال ابن مسعود وابن عباس : يعني بذلك الزنا ، يعني إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها ، وتضاجرها حتى تتركه لك ، وتخالعها.
وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك : الفاحشة المبينة : النشوز والعصيان .
واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله : الزنا ، والعصيان والنشوز ، وبذاء اللسان وغير ذلك ؛ يعني أن كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها ، وهذا جيد” انتهى باختصار ” تفسير الطبري ” (8/115–118).
نسأل الله أن ييسر لك أمرك ، ويلهمك رشدك ، ويوفقك لما فيه الخير .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة