تنزيل
0 / 0

خصام المرأة لزوجها لأنه يسبها

السؤال: 177931

ما حكم الدين في خصام الزوجة للزوج ؟ ؛ لأنه سبها بشتائم غير لائقة وهو متعنت ولم يقم بمصالحتها .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً : الأصل في المعاشرة بين الزوجين أن تكون بالمعروف والبر ؛ لقول الله تعالى :
( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا
شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء/19 ، وقوله سبحانه (
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ
دَرَجَةٌ ) البقرة/228 .
ومن ثم فلا ينبغي للزوج أن يهين زوجته ويشتمها بألفاظ غير لائقة ، فإن هذا ليس من
المعروف بل من سوء العشرة ، وإن كره الزوج من زوجه خلقًا فعليه أن يتخذ التدابير
الشرعية في إصلاح الزوجة وتأديبها .
ولمزيد من التفصيل يمكنكم مراجعة السؤال رقم (22216)
ورقم (125374) .

ثانيًا : الهجر عقوبة مشروعة للزجر والتأديب ، لكن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرم أن يكون الهجر فوق ثلاث ليالٍ إن كان
الهجر لحظ النفس .
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ
ثَلَاثِ لَيَالٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا
الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ ) .
أخرجه البخاري (6077) ومسلم (2560) .
لكن ينبغي على المسلم مراعاة المصلحة الشرعية في تطبيق عقوبة الهجر؛ لأن المقصود
منها هو زجر المهجور وتأديبه ، فإن كانت المصلحة في هجره راجحة بحيث يؤدي إلى تقليل
الشر وزيادة الخير كان مشروعاً ، أما إن كان المهجور لا يرتدع بذلك بل يزيد الشر ،
أو كان الهاجر ضعيفًا لا يؤثر هجره بل ربما ترتب على الهجر مفسدة راجحة على مصلحته
لم يكن الهجر مشروعًا حينئذ ، فالتألف لبعض الناس قد يكون أنفع من الهجر ، والهجر
لبعض الناس قد يكون أنفع من التألف .
ولمزيد من التفصيل يمكنكم مراجعة السؤال رقم (21878)
ورقم (89601) .

ثالثًا : الأولى للزوجة ألا تهجر زوجها وألا تخاصمه ؛
لأن الهجر لا يؤتي ثماره غالباً إلا إن صدر من شخص له سلطة وولاية على المهجور ،
مثل الحاكم مع أحد رعيته ، أو الوالد مع ولده ، أو الزوج مع زوجته ، والمرأة عادة
ضعيفة مع زوجها وقد لا يؤثر هجرها له في زجره ، بل قد يؤدي ذلك إلى وقوع محاذير
شرعية كتقصيرها في أداء حقوقه وعدم طاعته فيما لا يجوز عصيانه فيه ، وقد يؤدي إلى
مزيد من الشقاق ، وتفاقم المشكلات بينهما .

لكن إن رأت الزوجة أن الهجر مصلحته أرجح ، وأنه سيفضي
إلى المقصود منه ، وأنه لن يترتب عليه محاذير شرعية فلا بأس أن تهجره حينئذ .
فإن كانت الأخت السائلة ترى أن خصامها لزوجها سيوقف سبه لها ، وسيكون مؤثرًا في
امتناعه عن التلفظ بما لا يليق في حقها ، وأنه لن يترتب عليه مفاسد أشد ، ولن يفضي
إلى محاذير شرعية ، أو مزيد من الشقاق ، فيجوز لها أن تهجره وتخاصمه ، ولها أن تزيد
في الهجر عن ثلاث ليالٍ ، إن كان الهجر لحق الله تعالى ، وزجرًا له عن الاعتداء على
غيره وعن معصية التلفظ بالفاحش من القول ، طالما حقق الهجر المقصود منه .

رابعًا : ما يقصد بالهجر هنا هو ترك الزوجة الكلام مع
زوجها وإعراضها عنه ، وعدم الرد عليه إن كلمها ، أو عدم تناول الطعام والشراب معه ،
وعدم مشاركته في الأمور الحياتية المعتادة ، لكن لا ينبغي أن يتعدى ذلك إلى منعه من
حقوقه الزوجية كالهجر في الفراش ، إلا إن ظلمها الزوج وهضم حقوقها ؛ لأن امتناع
المرأة من فراش زوجها من كبائر الذنوب التي جاء فيها الوعيد الشديد .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا
الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ) .
أخرجه البخاري (3237) ، ومسلم (1436) .
وفي لفظ لمسلم : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ
إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا
عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا ) .

لكن هذا في حق الزوج القائم بحق زوجته الذي يتقي الله
عز وجل فيها ، أما إن كان الزوج ظالمًا لزوجته معتديًا عليها ، غير قائم بحقوقها ،
فلها أن تقتص منه وتمنعه بعض حقوقه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ” شرح رياض الصالحين ” (5/164) تعليقًا على
الحديث السابق :
” وفي هذا دليل على عظم حق الزوج على زوجته ، ولكن هذا في حق الزوج القائم بحق
الزوجة ، أما إذا نشز ولم يقم بحقها ، فلها الحق أن تقتص منه ، وألا تعطيه حقه
كاملاً ؛ لقول الله تعالى : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ
بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) البقرة/194، ولقوله تعالى ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ
فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) النحل/126 ، لكن إذا كان الزوج
مستقيمًا قائمًا بحقها فنشزت هي ، وضيعت حقه ، فهذا جزاؤها ، إذا دعاها إلى فراشه
فأبت أن تأتي .
والحاصل أن هذه الألفاظ التي وردت في هذا الحديث هي مطلقة ، لكنها مقيدة بكونه
قائمًا بحقها ، أما إذا لم يقم بحقها فلها أن تقتص منه ، وأن تمنعه من حقه مثل ما
منعها من حقها ” انتهى.

خامسًا : الأولى لكلا الزوجين الصبر على أذى زوجه ،
والابتعاد عن الانتصار الشخصي والغضب للنفس ، بل يجعل غضبه لله سبحانه ، وأن يحرص
على استمرار الحياة الزوجية ، والحفاظ على بيت مسلم قائم على شرع الله وذكره ، فإن
وجد من زوجه الأذى ، فالذي ينبغي له : الصبر ورد الإساءة بالإحسان ، والسعى في
الإصلاح باللطف واللين والنصح بالمعروف .
قال الله تعالى : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ
وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت/34.
كما ينبغي النظر في أسباب المشكلات واتخاذ التدابير الشرعية اللازمة لعلاجها ،
والتذكر دومًا أن الحياة الزوجية قائمة على المحبة والود ، والمعاملة بالمعروف
والإحسان ، وأن سفينة الزواج لا تسير إلا بالتضحية والإيثار ، وأن يتنازل كل طرف
للآخر ، ومثوبة ذلك عند الله عظيمة ، وما عند الله خير وأبقى .
ولمزيد من التفصيل يمكنكم مراجعة السؤال رقم (2076)
.
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android