0 / 0

هل تصبر على زوج سيء الأخلاق أم تحرص على الفراق ؟

السؤال: 179334

أنا شابة في الرابعة والعشرين ، متزوجة منذ خمس سنوات ونصف ، ولدي طفلة في الثالثة من العمر ، ليس لدي أسرة ، فوالدي توفي عندما كنت في الثامنة عشرة ، أما أمي فتركتني بعد أن طلقها والدي وأنا في الشهر الأول من عمري ، ومع هذا فلديّ أعمام ولكنهم لا يتصلون بي إلا قليلاً ؛ لأنهم يكرهون زوجي ، وأنا أيضاً أكرهه ، إنه منافق يُبطن ما لا يُظهر ، فتراه يتمثل الصلاح أمام الناس ، فإذا ما خلا لم يُبق ولم يذر ، يتكاسل في صلاته ، يسيء إليّ ، يحتقرني ، يهزأ بي وبما أقول من نُصح .. الخ ، إنه يضرب أسوء الأمثلة أمام الطفلة الصغيرة ، كما أنه فوق هذا وذاك بخيل قابض اليد ، كثير الوعود قليل الإيفاء . وبالرغم من كل ذلك فإني أراقب الله فيه ، وأسعى للقيام بطاعته على أتم وجه ، غير أن ذلك لا ينفي كرهي له ، إني أكرهه بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، حتى عندما يأتي للنوم معي لا أشعر بما يشعر به كل النساء مع أزواجهن من متعة ، بل أشعر كما لو أني أخضع لعذاب لا خيار لي حياله إلا الصبر . كلما حاولت التوصل إليه بالنصح نهرني وقال : لقد سمعت هذا كثيراً ، إنه يسيء فهمي في كل صغيرة وكبيرة ويحمّلني الخطأ دائماً ، ما جعلني أعزف عنه عزوفاً تامّاً ، لدرجة أني أخشى أن لا تُقبل صلاتي ؛ لشدة ما أجد في نفسي تجاهه . فما العمل من وجهة نظركم ؟ لقد فكرت بالطلاق ولكني لا أريد لابنتي أن تعيش نفس الحياة الذي عاشتها والدتها ، ومع هذا فما زال هذا الخيار قائماً ، فالطلاق من وجهة نظري أقل وطأة على نفسي وأحب إليَّ من البقاء معه ، فأرجو التوجيه .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الأصل في الزواج أن يقوم على المودة والرحمة بين الزوجين ، وحفظ العهد وحسن الرعاية والعفاف ، والتعاون فيما بينهما على وتربية الأولاد ، ومعانٍ كثيرة شُرع الزواج من أجلها ، وقام عليها ، وقد تفقد المرأة معنى من هذه المعاني ، وتحافظ على بيتها حرصا على أمور أخَر كحفظ العهد ، أو الخوف على مستقبل الأولاد .
ولقد ضربتِ مثلاً حسناً في الإحسان إلى زوجك ، والحرص على القيام بحقوقه ، مع ما يفعله معك من إساءة ، ونرجو أن تداومي على هذا الأمر محتسبة الأجر عند الله ؛ فإنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، وإن الزوج طريقك إلى الجنة .
وإن الزوجة كما هي مطالبة بحسن العشرة كذلك يطالب الزوج ، فهو مأمور بحسن الخلق والمعاشرة ، قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/ 19 ، وقال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ 228 .
ومما يطالب الزوج به : النفقة ، قال تعالى : ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ 233 .
وهو مأمور بحسن تربية الأولاد وهو محاسَب عند الله على نصحهم والعناية بهم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) رواه البخاري ( 2278 ) ومسلم ( 1829 ) .
فإن فُقدت هذه المعاني من الحياة الزوجية أصبح العيش فيها مضرّاً مهلِكاً للنفس والبدن ، ولكن إذا كان النصح واجباً لعامة المسلمين فإن زوجك أولى الناس به ، فلو عرضتِ حالته على من يستحيي منه من الناس لعله ينصحه فتكون هذه النصيحة سببا في هدايته ، فلعل أن يكون في ذلك خير له في دينه ودنياه وآخرته .
فإن لم يجد ذلك معه شيئا ، فانظري إلى أمرك ، وشاوري الثقات القريبين منك ، والعارفين بحالك : فإن غلب على ظنك أن تؤدين له حقه ، وتحستبين عند الله ما ضيعه من حقك ، وعلمت أن ذلك أحفظ لابنتك ، خاصة في البيئة التي تعيشين فيها ، فاصبري معه ، واحتسبي أجر ذلك عند الله .
وإن غلب على ظنك أنك لن تتمكني من تحمل ذلك ، فالكي آخر الدواء ، والطلاق آخر ما يلجأ إليه الزوجان ، لكنه مع ذلك حل واقعي ، وشرعي ، لكثير من المشكلات التي لا حل لها إلا ذلك ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) النساء/ 130 ، ولعل الله أن يبدلك خيرا منه ، وأن يبدل ابنتك خيرا من تلك الحال .
وانظري جوابي السؤالين ( 161234 ) و ( 67940 ) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android